الاكتئاب في ظلِّ الحجر الصحي
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
ويختلف هذا التعريف عن العزل الصحيّ (isolation) والذي يُعرّف بأنه فصل الأشخاص -الذين شُخِّصَ لديهم مرض معدٍ- عن الأشخاص الأصحَّاء (2،1).
إضافةً إلى التوتر والقلق إزاء تفشي هذه الجائحة العالمية؛ فإنَّ قضاء الوقت في الحجر الصحيّ يمكن أن يكون له آثارٌ نفسيةٌ سلبيةٌ تتجلى في تأثيره في ثلاثة عناصر رئيسية للصحة العقلية (الاستقلالية، والكفاءة، والترابط)، وأفادت جمعية علم النفس الأمريكية (The American Psychological Association) أنَّ العزلة الاجتماعية تنطوي على عددٍ من المخاطر الصحية، إذ يمكن أن يؤدي الشعور بالعزلة إلى الاكتئاب بصورةٍ رئيسية، إضافةً إلى قلة النوم وضعف صحة القلب والأوعية الدموية وانخفاض المناعة، واللجوء إلى الكحول أو التدخين وغيرها.
أما العواقب فيمكن أن تكون طويلة الأمد، إذ يمكن ملاحظتها بعد مدةٍ تصل إلى ثلاث سنواتٍ تقريباً (1،3).
ومن المهم أن تتذكر بأنَّ كلَّ شخصٍ يتعامل مع الضغط على نحو مختلف، إذ يُعدَّ بعض الناس أكثر قدرةً على تحمل الحجر الصحي وذلك لعدة أسباب، نذكر منها (1) :
I. الصّحة النفسيّة الحاليّة: من الممكن أن تؤثر حالة السلامة النفسيّة السابقة في قدرة الفرد على التأقلم، بما في ذلك تعرضه للاكتئاب والقلق سابقاً.
II. كيفية التعامل مع الإجهاد: إن كنت مرناً إلى حدٍ ما في مواجهة الإجهاد، فقد تكون لديك مهارات التكيّف التي تسمح لك بإدارة الحجر الصحيّ مع تلافي العديد من الآثار السلبية.
III. الشخصية: يميل الانطوائيون إلى الاستمتاع بالعزلة، إذ توفر لهم الوقتَ الأمثل للتخفيف من العلاقات الاجتماعية، لذلك يتعاملون مع الحجر الصحي على نحوٍ جيدٍ -مدةً من الوقت على الأقلّ- وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ الانطوائيين يحتاجون إلى تفاعلٍ اجتماعيّ، لذا لا يزال من الضروري العثور على طريقة ما للتواصل مع الآخرين.
IV. مدة الحجر الصحيّ: تُعدّ مدة الحجر الصحيّ عاملاً رئيسياً في تحديد كيفية تعامل الناس معه، فقد كانت الآثار أكثر وضوحاً عند إطالة مدة الحجر (1)، ولوحظ ازدياد احتمالية الإصابة بإجهاد ما بعد الصدمة للحجر (Stressors postquarantine) الذي تتجاوز مدته 10 أيام (2).
V. الضغوط المالية اللاحقة للحجر الصحي: مع عدم قدرة الأشخاص على العمل واضطرارهم إلى مقاطعة أنشطتهم المهنية دون تخطيطٍ مسبق، تَظهر النتائج الطويلة الأمد شاملةً الخسائرَ المادية ومسببةً مشكلاتٍ اجتماعيّةً واقتصاديةً خطيرة. وقد عُدَّت العاملَ الرئيسي لظهور الاضطرابات النفسية (من غضبٍ وقلق) بعد عدة أشهرٍ من الحجر الصحي (2).
ما الذي يمكن فعله للتخفيف من آثار الحجر الصحيّ؟
1) إنشاء روتينٍ قريب من روتينك المعتاد:
الانقطاع عن روتينك اليومي يُعدّ واحداً من أصعب جوانب الحجر الصحيّ، مما قد يجعلك تشعر أنك بلا هدف. لذلك حاول الحفاظ على هيكلية يومك، إذ لن يؤدي التمسك بروتينك المعتاد إلى إبقائك نشيطاً فحسب، بل سيكون من الأسهل إعادة التكيّف مع العالم الخارجي عندما يحين موعد العودة إلى العمل (1،5،6).
2) الاهتمام بنشاط جسمك وصحته:
يمكن أن يكون لمدة عدم النشاط البدني -القصيرة نسبياً- تأثير في صحتك العقلية والجسدية، إذ يؤدي الخمول مدةَ أسبوعين فقط إلى انخفاضٍ في الكتلة العضلية وتأثيراتٍ في التمثيل الغذائي.
كذلك فأنت لست بحاجةٍ إلى مجموعةٍ من معدات التمارين باهظة الثمن للحصول على تمرينٍ جيد؛ يمكنك الحفاظ على لياقتك عن طريق مشاهدة التدريبات والفيديوهات المتوافرة على الإنترنت وبعض التطبيقات. لذلك حاول تناول وجباتٍ صحيّةٍ ومتوازنةٍ وممارسة الرياضة، بما في ذلك تمارين التنفس والتأمل والحصول على قسط كافٍ من النوم، وتجنب الكحول والمخدرات (1،3،5،6،7).
3) التواصل الاجتماعي:
البقاء على اتصالٍ مع أشخاص آخرين لا يقي من الملل فحسب، بل إنه أمرٌ بالغ الأهمية أيضاً يهدف إلى تقليل الشعور بالعزلة.
إليك بعض الأفكار للبقاء على الاتصال (1،3،5،6،7):
a. تناولُ الوجبات المنتظمة مع العائلة في المنزل.
b. البقاء على اتصالٍ مع العائلة والأصدقاء (سواء عن طريق اتصالٍ هاتفيّ أو من خلال مكالمة فيديو أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي).
c. حاول دعم الآخرين؛ كن مصدراً للطمأنينة لأصدقائك عند شعورهم بالتوتر أو القلق.
4) مساعدة الآخرين: يساعد الحجر الصحي على الحفاظ على سلامة الآخرين، بما في ذلك المعرضين للخطر، وعلى نحوٍ خاصٍ (الأطفال الصغار وكبار السن والذين يعانون حالاتٍ طبيةٍ خطيرةٍ سابقة) إذ يساعد الشعور الناتج عن مساهمتك في حماية الآخرين ومنع انتشار هذه الجائحة، على التخفيف من وطأة الحجر عليك، إضافةً إلى أن مساعدة الآخرين على التعامل مع ضغوطهم تجعل مجتمعك أقوى (5،3،2،1).
5) الحد من سماع الأخبار: ابقَ على اطلاعٍ على الأحداث من خلال مصادر موثوقة، ولكن قلل من الاستماع للأخبار من أجل تجنّب الشعور بالإرهاق (5).
6) إعادة الصياغة: بدلاً من قول "لقد علقت في المنزل" جرّب قول "لديَّ أخيراً فرصة التركيز على نفسي". فعلى الرغم من الكآبة التي يشعر بها العالم في الوقت الحالي؛ فمن المهم أن تركز على المهام المؤجلة مدةً طويلة، أو أن تُنشئ شيئاً لطالما أردته. فما سيؤثر فيك سلباً هو تفكيرك بأنك مقيدٌ أو عالقٌ في شيء ما (4،5).
7) المحافظة على ترتيبٍ يُبقي على تفكيرك منظّماً: يؤدي المنزل الفوضوي إلى عقلٍ فوضويّ، لذلك حافظ على التنظيم؛ وحاول ألّا تأكل في السرير أو تعمل على الأريكة، بل تناول الطعام على طاولة المطبخ واعمل على مكتبك (4).
8) ابدأ بأنشطة حجرٍ صحّيّ جديدة: لماذا لا تفعل شيئاً مميزاً في خلال هذه الأيام المعزولة؟ على سبيل المثال؛ يمكنك أن تبدأ بكتابة مذكراتٍ يوميّةٍ لتدوين الأفكار والمشاعر التي تراودك، كذلك يمكنك المشي في وقتٍ محددٍ يومياً أو البدء بالرسم بالألوان المائية. فإنَّ امتلاكك شيئاً مميزاً في خلال هذه المدة سيساعدك على التطلّع إلى كلِّ يومٍ جديدٍ بشغف (4).
9) استخدم الخدمات الصحية عن بعد للتحدث مع اختصاصيّ إذا أصبح قلقك خارج السيطرة: يُقدم العديد من علماء النفس المُرخصين إمكانيةَ الرعاية الصحية عن بعد عبر منصات الدردشة المرئية، لذلك لا تتجاهل طلبَ المساعدة إذا كان قلقك يصل إلى أبعادٍ لا يمكن السيطرة عليها (4).
المصادر:
1- How Does Quarantine Affect Your Mental Health? [Internet]. Verywell Mind. 2020 [cited 30 March 2020]. Available from:
هنا
2- Brooks SK، Webster RK، Smith LE، Woodland L، Wessely S، Greenberg N، et al. The psychological impact of quarantine and how to reduce it: rapid review of the evidence [Internet]. The Lancet. Elsevier; 2020 [cited 2020Mar30]. Available from:
هنا
3- Centers for Disease Control and Prevention، Centers for Disease Control and Prevention، Available from:
هنا
4- COVID-19 Lockdown Guide: How to Manage Anxiety and Isolation During Quarantine [Internet]. Adaa.org. 2020 [cited 30 March 2020]. Available from:
هنا
5- Gilchrist K. Psychology experts share their tips for safeguarding your mental health during quarantine [Internet]. CNBC. 2020 [cited 30 March 2020]. Available from:
هنا
6- Tips for coping with depression [Internet]. nhs.uk. 2020 [cited 30 March 2020]. Available from:
هنا
7- Quarantine at home - coping tips [Internet]. Betterhealth.vic.gov.au. 2020 [cited 30 March 2020]. Available from:
هنا