أساطير التنين - التنين البابلي والكنعاني
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
ثالثا: التنين في الأساطير البابلية:
هناك أسطورة بابلية تتحدث عن وحش جبار يدعي "اللابو". وقد خرج هذا الوحش من الأعماق المائية إلي ديار الحضارة، محاولاً تدمير كل ما بناه الإنسان. ويصف هذا النص وصفاً يضفي عليه هالة من الرعب:
كان طوله خمسين ساعة مضاعفة وارتفاعه ساعة مضاعفة (عشرة كيلومترات)
وكان اتساع فمه ستة أذرع و(......) اثني عشر ذراعاً
أما محيط أذنه فستة أذرع
ويبدو أن الآلهة قد استنجدوا بالإله "سن" – إله القمر ، والذي أمر شخصاً أو إلهاً يدعي "تيشباك" بقتل التنين، لكن هذا الأخير يتردد. ويعقب ذلك كسر وتشوه في اللوح. وعندما يعود النص للوضوح، يحكي عن المعركة دون معرفة الإله الذي تجرأ علي نزال اللابو. ويبدوا من النص أن هذا البطل قد صرع التنين:
أطلق سهماً (وصرع) اللابو (.....)
ولثلاثة سنوات، وثلاثة أشهر، ليل نهار
جرى دم اللابو (.....).
والتنين هذا نتاج للقوي البدئية السابقة لتنظيم الكون، دفعت به المياه، التي ترمز في الأسطورة إلي قوي العماء والفوضى.
وأشهر نماذج الصراع الأزلي مع التنين، هو ذلك الصراع الذي دار في ملحمة (إينوما ايليش)، بين "مردوك" و"تيامات" ، حيث يرتبط هذا الصراع بشكل مباشر بالخليقة، فقد كانت تيامات تمثل عنصر الفوضى، وبعد أن ذبحها مردوك شكل من جسدها أولي مراحل النظام الكوني.
وبهذا تنقلنا الأسطورة بوضوح وعمق، إلي النظام الكوني وإمكان قلبه. ودور التنين قائم في مرحلة النشوء والتطور، كما في ملحمة "كور"، حيث دار الصراع بعد انفصال السماء عن الأرض. كذلك ارتبط التنين بالتكوين الإلهي نفسه، لأن هذا التكوين صيغ من شطري جسم "تيامات" – أم التنانين.
رابعاً: التنين في الأساطير الكنعانية:
التنين يشكل أحد المحاور الرئيسية التي تدور حولها الأساطير الكنعانية، حيث يوجد في أناشيد بعل صدي الصراع بين "بعل وموت" حيث يقول موت لبعل مهدداً إياه للانصياع لأوامره والدخول في جوفه:
مع أنك قتلت "لتن" الحية الزلقة،
وسحقت الحية الملتوية،
"شليت" ذات الرؤوس السبعة،
فإن السماء ستجف وتذبل،
وسأسحقك وألتهمك ارباً
وفي ترجمة أخرى لأناشيد بعل:
الآن وقد قتلت لوتان
الآن وقد سحقت رأس التنين
الآن وقد قضيت علي الحية الملتوية
الحية الملعونة ذات الرؤوس السبعة
الآن وقد اكتنفتك السماء بهالة من مجد
تذكر أيها الظافر البعل إني إله الموت
أبقيت عليك لم أدخلك شدقي
ماذا يمنعك؟ سحقت لوتان
حطمت رأس التنين، قتلت الحية الملتوية ذات الرؤوس السبعة
تعال يا بعل، تذكر إني أبقيت عليك
فلم أدخلك شدقي، لم أبتلعك كجدي
لم أنزلك إلي حفرتي
المصادر:
هنا
أناشيد البعل (قراءة جديدة للأساطير الأوغاريتية)، حسن حداد وسليم مجاعص.
أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق الأدنى القديم، الدكتور كارم محمود عزيز.
مغامرة العقل الأولى، فراس السواح.
مصدر الصورة:
هنا