هل حان الوقت لتفعيل "الدخل الأساسي الشامل (UBI)"؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
في حين يُطلب من الناس في أنحاء العالم البقاء في المنزل لوقف عدوى فيروس COVID-19 فإنَّ السؤالَ الذي يدور في أذهان الجميع هو: كيف سيكسبون لقمة العيش (1)؟
فتح انتشار وباء COVID 19 مستقبلًا أمام الدخل الأساسي الشامل (UBI)، وهذه الفكرة ليست بجديدة إذ أوجِدَ هذا المفهوم عام 1986، وهو نظام توزيع دخل ثابت إلى جميع الأفراد (البالغين غالباً) في الدولة، وهذا الدخل المقدم غير مشروط، أي إنَّ الجميع يحصلون عليه سواء أكانوا يعملون أم لا، وبغض النظر عن مقدار المال الذي لديهم بالفعل (2).
إن إحدى فوائد هذا النظام هو جعل الشباب أكثر قناعةً بالبقاء في مدارسهم، وعلى عكس ما يعتقد البعض أن هذا النظام قد يقلل من العمل، فإنّه وفقًا للتجارب لم يكن هناك تغييرٌ يُذكَر في الوقت الذي يعمل فيه الأشخاص في وظائف بدوام كامل باستثناء أن الطلاب والأمهات قللوا وقتهم في الوظائف المدفوعة لتوفير الوقت للدراسة أو بقاء الأمهات مع أطفالهن، إضافة إلى أنه مع زيادة الروبوتات التي ستؤدي معظم الوظائف مستقبلًا سيقلل عمالة الأشخاص مما قد يزيد الحاجة إلى هذا الدخل (2).
جربته دول عديدة، وأخرى مهدت إليه، ولقي تأييد بعض المشاهير مثل: Elon Musk الرئيس التنفيذي لشركة Tesla و SpaceX، وPierre Omidyar مؤسس eBay، وMark Zuckerberg الرئيس التنفيذي لشركة فيس بوك (2).
في عام 2015 طبّقت فنلندا تجربة الدخل الأساسي، ولكن حُدّدَ المستفيدون من التجربة بـ 2000 شخص اختيروا عشوائيًّا، والذين سُجّلوا بوصفهم عاطلين عن العمل، إذ استمرت بتقديم دخل بقيمة 560 يورو شهريًّا مدة عامين لهؤلاء الأشخاص حتى لو وجدوا عملًا. ومع ذلك؛ لم تُجرَى هذه التجربة على أبناء المجتمع كافةً، وبهذا لم يكن توزيعُ هذا الدخل "شاملاً" بالفعل (2).
وفي ظل تفشي وباء فيروس COVID-19 في هذه الأيام؛ هل حان الوقت للتفكير بالدخل الأساسي الشامل (UBI) بجديّة؟
دعت أكثر من 500 شخصية سياسية في العالم إلى"دخل أساسي شامل"في الحرب ضد هذا المرض الجديد COVID-19 الذي يزعزع استقرار الاقتصادات في جميع أنحاء العالم (2).
في الولايات المتحدة ومع ظهور حقيقة فيروس COVID-19 هناك؛ نجد الآن دعمًا متزايدًا لفكرة منح كل شخص بالغ شيكًا بقيمة 1000 دولار للتخفيف من الآثار المباشرة للأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق، وقد بُرِّرت هذه المدفوعات على المدى الطويل على أساس التقدم التكنولوجي الذي يترك مزيدًا ومزيدًا من العاطلين عن العمل، وهي الآن قد تفعل ذلك على المدى القصير، بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي الناجمة عن الوباء (3).
ولكن يجب التنبيه إلى أنَّ الدخل الأساسي الشامل حتى يتحقق يجب أن يكون ثابتًا ومنتظمًا وغير مشروطًا، يتلقاه الجميع دون قيد أو شرط، ويمكن لأي شخص أن يفكر في اللجوء إليه في أي وقت إذا تغيَّرت ظروفه، ويعمل بمثابة شبكة أمان تمنع الجميع من السقوط تحت مستوى الفقر مهما كان الوضع العام، وليس فقط مجرد دخل لفترة معينة حتى نهاية أزمة ما (3).
وفي إيطاليا كتب Beppe Grillo (مؤسس حركة Five Stars) مدونة يدعو فيها إلى إنشاء نظام UBI لمساعدة ملايين الإيطاليين الذين لن يحصلوا على دخل آمن في الأشهر القليلة المقبلة (1).
أما إسبانيا التي شهدت خسائر قياسية في الوظائف في مارس 2020 -حيث فقد 900 ألف شخص وظائفهم على مدى ثلاثة أسابيع منذ بدء الإغلاق (4)- فقد قالت وزيرة الاقتصاد نادية كالفينو Nadia Calvino يوم الأحد 05/04/2020 أنَّ إسبانيا -التي سجلت حتى اللحظة أكبر مجموعة من حالات الإصابة بـ COVID-19 خارج الولايات المتحدة- ستقدم دخلًا أساسيًّا "في أقرب وقت ممكن بوصفه جزءًا من جهودها لمكافحة الآثار الاقتصادية لفيروس COVID-19، وحسب ما أشارت أيضًا فإنَّ هذا الدخل سيكون دائمًا حتى بعد انتهاء هذه الجائحة (4).
حتى الآن؛ لم تتخذ أي حكومة خطوة لتفعيل UBI حتى لو كانت بعض التدابير المعتمدة تنص على مدفوعات نقدية مباشرة للمواطنين المتضررين. ولكن هل حان الوقت المناسب في ظل جائحة فيروس COVID-19 لإطلاق UBI في كل دول العالم وإلى الأبد (1)؟
حقيقةً في هذا الوقت من الأزمة العالمية يمكن أن يأتي UBI بمزيد من الأمن المالي للملايين الذين يحتاجون إليه. وإذا كانت الحكومات جريئةً بما يكفي للاستمرار فيه فسنرى جميعًا فوائده الطويلة المدى (2).
المصادر: