ماهو التعويم - الجزء الأول
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> علوم مصرفيّة
هذا ويعتبر نظام سعر الصرف المعوم أحد أنواع أنظمة أسعار الصرف، وهو نظام يتحدد فيه سعر العملة في سوق تداول العملات بناءً على العرض والطلب مقارنة بالعملات الأخرى، وذلك بعكس نظام سعر الصرف الثابت، الذي تقوم الحكومة عند اتّباعه بتحديد أسعار الصرف، والتدخل من أجل الحفاظ عليها. ومن الجدير بالذكر أنّ معظم الاقتصادات الكبرى في العالم قد قامت بتعويم عملاتها بعد انهيار نظام بريتون وودز عام ١٩٧١.
بمعنى آخر، يمكن القول أنّ أنظمة أسعار الصرف المعوّمة تعني أنّ التغيرات طويلة الأجل في أسعار الصرف تعكس القوة النسبية للاقتصاد إضافة إلى الفروقات في أسعار الفائدة بين البلدان، بينما تعكس التغيرات قصيرة الأجل في سعر الصرف ضغوط المضاربة، الإشاعات والكوارث سواء الطبيعية منها أو التي تسبب الإنسان بها. ولكن من ناحية أخرى، وفي الظروف التي تخضع فيها أسعار الصرف قصيرة الأجل لتغيرات كبيرة، يمكن أن يتدخل البنك المركزي ليؤثر على الأسعار، حتى وإن كان نظام سعر الصرف المطبق هو نظام سعر الصرف المعوم.
من الجدير بالذكر وجود عدة قضايا من الممكن التعرض لها في هذا السياق.
بداية، بالنسبة لتدخل البنك المركزي، يمكن للبنوك المركزية في نظام سعر الصرف المعوم أن تتدخل ببيع وشراء العملات المحلية من أجل تعديل سعر الصرف، ولكن ذلك يحدث فقط عندما يكون السوق متقلّباً بشكل كبير، ويكون التدخل في هذه الحالة بهدف تحقيق الاستقرار في السوق أو من أجل إحداث تغيرٍ كبيرٍ في سعر الصرف.
تعمل مجموعة من البنوك المركزية غالباً مع بعضها البعض، مثل البنوك المركزية لدول مجموعة السبعة (G7) (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية)، وذلك بشكل منسق من أجل زيادة أثر تدخلاتها في السوق.
يكون تدخل البنوك المركزية غالباً على الأجل القصير، لكن ذلك لا ينجح دائماً. وهنا نذكر أنّه يمكن للبنوك المركزية أن تتدخل في السوق ولكن بشكل غير مباشر، عن طريق رفع أو تخفيض سعر الفائدة، وذلك من خلال التأثير على تدفق أموال المستثمرين إلى داخل أو خارج اقتصاد الدولة.
ويمكن تمييز شكلين للتعويم، أولهما التعويم النظيف الذي يمثل نظام سعر الصرف الذي تتحدد من خلاله قيمة العملة من خلال قوى العرض والطلب فقط، دون وجود أي تدخل من قبل الحكومة كما في العديد من الاقتصادات الرأسمالية ذات الطابع الحر.
أما الشكل الثاني فهو التعويم غير النظيف أو المُدار، ويمثل نظام سعر صرف يقوم من خلاله البنك المركزي لدولة ما بالتدخل لتغيير اتجاه سير التغيرات المرتبطة بقيمة عملة تلك الدولة. وفي هذه الحالة، يكون الهدف من تدخل البنك المركزي هو حماية الاقتصاد المحلي من أي صدمات اقتصادية خارجية محتملة قبل أن تقع وتتفاقم آثارها.
ولكن لماذا قد تتبع دولة ما هذا النظام بدلاً من نظام سعر الصرف المعوّم النظيف؟
في الحقيقة يوجد مجموعة من القضايا الإشكالية التي ترتبط بتعويم أسعار الصرف، منها حالة عدم التأكد في السوق. حيث تقوم البنوك المركزية بالتدخل من أجل ضمان استقرار السوق في حالات انتشار عدم التأكد في الاقتصاد. وقد يكون هذا التدخل معلناً أو غير معلن. إذ أنه من الممكن أن تظهر مشكلة أخرى نتيجة لتعويم أسعار الصرف; وهي هجمات المضاربة التي تدفع البنك المركزي للتدخل من أجل دعم العملة التي تتعرض لمثل تلك الهجمات. يقوم البنك ردا على هذه الهجمات بشراء كميات كبيرة من عملته المحلية من أجل الحد من الانخفاض الناتج في قيمة العملة.
هذا من الناحية النظرية، أمّا تاريخياً فمن المعروف أنّ الدول انتقلت من اتباع قاعدة الذهب إلى نظام بريتون وودز، الذي تم فيه وضع الخطوط العريضة لنظام سعر الصرف الثابت، وأصبح الدولار عملة الاحتياطي التي تقوم البنوك المركزية عبرها بالتدخل في السوق. وتم توقف العمل بهذا النظام في عام 1971، عندما ألغى الرئيس الأمريكي نيكسون اتباع الولايات المتحدة لقاعدة الذهب، وبحلول نهاية عام ١٩٧٣، انهار هذا النظام بشكل كامل، وانتقلت كافة الدول التي كانت تطبّق ذلك النظام إلى اتباع أنظمة أسعار صرف معوّمة.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا