هل ينتقل فيروس (SARS-CoV-2) من الأم إلى الجنين؟
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
لنتعرف معاً إلى الإجابة في المقال الآتي.
نشرت مجموعة من الباحثين الفرنسيّين تقريراً عن حالة انتقال عدوى فيروس (SARS-CoV-2) عبر المشيمة من أمّ حامل مصابة إلى جنينها الذي ظهرت لديه الإصابة بأعراض عصبية (1). وأشار الباحثون إلى أنّ هذه المرأة التي تبلغ من العمر 23 سنة أُدخِلَت إلى المشفى وهي في الأسبوع الـ 35 من الحمل بشكوى حمَّى وسعال شديد منتج لبلغم غزير (1). وباستخدام اختبار (RT-PCR) كُشف عن فيروس (SARS-CoV-2) في الدم، والمسحات الأنفية البلعومية، والمسحات المهبلية (1). و بعد مرور ثلاثة أيام أجريت ولادة قيصرية بعد أن كانت المؤشرات القلبيّة للجنين غير مُطَمْئِنة وأُجرِيت الولادة تحت التّخدير العام بسبب الأعراض التنفسية لدى الأم (1)، و يجدر بالذّكر أنّ نتيجة فحص السائل الأمنيوسي كانت إيجابية لفيروس (1) (SARS-CoV-2).
بعد فحص الوليد، تبيَّن أنَّ الحالة العامّة غير مستقرة واستوْجَب ذلك الإنعاش والأوكسجين (1)، ثم نُقِلَ الوليدُ إلى وحدة العناية المركزة الخاصة بحديثي الولادة، وبعد مراقبة العلامات الحيوية الّتي كانت طبيعيّة، نُزِعَ أنبوب التهوية بعد قرابة 6 ساعات (1)، وقبل نزع أنبوب التّهوية، سُحِبَت عينات من الدم والقصبات التنفسية وكانت إيجابية لفيروس (1) (SARS-CoV-2).
وفي اليوم الثالث من الولادة، عانى الوليد تهيُّجاً، ورفضاً للتغذية، وتشنُّجاً في الظهر، وزيادةَ توتر عضلي (1). وكان تحليل السائل الدماغيّ الشوكيّ سلبياً لفيروس (SARS-CoV-2)، وسلبياً أيضاً لبقية الفيروسات والجراثيم والفطور، لكنّه أظهر موجودات التهابية (1). بعد ذلك تحسنت حالة الوليد تدريجياً، وكان تحليل السائل الدماغي الشوكي طبيعياً في اليوم الخامس من الولادة (1)، وأظهر التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) في اليوم الحادي عشر من الولادة أذيّةً في المادة البيضاء من الدماغ قد تكون ناتجة عن التهاب في الأوعية الدموية بسبب عدوى (SARS-CoV-2) (1).
تحسنت حالة الوليد تدريجياً دون علاج وغادر المشفى بعد ثمانية عشر يوماً (1). ويجدر بالذكر أنّ المسحات الأنفية البلعومية للوليد الّتي أخذت في اليوم الأول والثالث والثامن عشر بعد الولادة كانت جميعها إيجابية لفيروس (SARS-CoV-2)، وتركيز الفيروس في اليوم الثالث والثامن عشر كان أعلى من تركيز الفيروس في اليوم الأول؛ ممّا يدلّ على أن هذه الحالة تمثل عدوى مُنتقِلة وليست نتيجة تلوث العينة (1). وعند إجراء (RT-PCR) على النسيج المشيمي كانت النّتيجة إيجابيّة أيضاً لفيروس (SARS-CoV-2)، ويجدر بالذكر أن مستوى الفيروس في المشيمة كان أعلى من مستوى الفيروس في السائل الأمنيوسي ودم الأم أو الجنين (1). وعند فحص النسيج المشيمي تحت المجهر وباستخدام طرائق مناعية تبين وجود علامات التهابية تتماشى مع حالة التهابيّة شديدة عند الأم سببها الـ (1) (SARS-CoV-2).
وبناء على ما سبق، أشار الباحثون إلى أنّ هذه الحالة حققت معايير العدوى المنتقلة من الأم إلى الجنين بحسب التصنيف الّذي ذُكِرَ في دراسة كندية، وهو الذي أشار إلى أنّ احتمال العدوى مؤكد إنْ عُزِلَ الفيروس بطريقة الـ (PCR) من السائل الأمنيوسي قبل انبثاق الأغشية أو من الدم خلال الساعات الأولى من الحياة (2).
وفي تقرير آخر في الصين لطفلة من أم مصابة بـ (COVID-19)، عُثِر عند الطفلة بعد ساعتين من الولادة على ارتفاع في مستوى الأضداد (3)، هذه الأضداد كانت من نوع (IgM) (التي لايمكنها عبور المشيمة، وتحتاج إلى 3-7 أيام للظهور)، وهذا يدل على أن العدوى حدثَت داخل الرحم، ومن نوع (IgG) (التي بإمكانها عبور المشيمة، وتظهر بعد أضداد (IgM)). لكن المسحات الأنفية البلعومية للطفلة كانت سلبية لفيروس (SARS-CoV-2) (3).
وأشار تقرير آخر إلى احتمال انتقال العدوى من الأم إلى الجنين؛ إذ وُصِفَتْ حالة (COVID-19) شديدة لدى أم حامل استوجبَت التهوية الآلية، والخضوع لولادة قيصرية مبكّرة (4). و باستخدام (RT-PCR) كانت المسحة الأنفية البلعومية للوليد إيجابية لـ (SARS-CoV-2) بعد 16 ساعة من الولادة، لكن طريق انتقال العدوى لم يكن واضحاً؛ إذ لم يقيّم الباحثون وجود الفيروس في السائل الأمنيوسي، أو في دم الحبل السري، أو في أنسجة المشيمة (4).
وتبقى الأدلة على وجود انتقال للفيروس من الأم إلى الجنين ضعيفة حتى الآن؛ فعلى الرغم من نشر التقارير السابقة، لم ترصُد دراسة أخرى أيّة إصابة بين المواليد لأمهات مصابات بـ (COVID-19) على الرغم من المتابعة مدة 14 يوماً بعد الولادة (5). وفي دراسة أخرى، كانت نتيجة المسحات المأخوذة من المشيمة عقب الولادة مباشرة جميعها سلبية؛ إذ أُخذت العينات من 13 امرأة مثبتة الإصابة بـ (COVID-19). (6)
وإلى حين إجراء دراسات أكبر، تبقى المتابعة الدقيقة والمراقبة قبل الولادة وبعدها للأمهات وأجنّتهن هي الأساس (7).
المصادر: