الضريبة البشرية للمعلومات الزائفة في زمن (COVID-19)
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
يعيش حاليًّا الملايين في حجر وعزلة في ست قارات في أنحاء العالم، ويتمتع معظمُهم بسهولة الوصول إلى المعلومات بسبب توافر الإنترنت والوسائط الإلكترونية التي ساعدت على نشر معلومات تخص الوباء، ولكنَّ الإفراط في توافر المعلومات في أثناء وباء (COVID-19) قد طرح مجموعةً من التحديات التي لم نواجهها من قبل؛ من أهمها ما أُطلِق عليه اسم "الوباء المعلوماتي Infodemic" الذي يدلُّ على تداول الأخبار الخاطئة ونظريات المؤامرة والعلاجات السحرية والأخبار العنصرية بمعدلٍ يُنذر بالخطر ويزيد القلق والتوتر، بل ويصل حتى إلى خسارةٍ في الأرواح (1).
جمعت دراسة حديثة 2,311 تقرير تتضمن شائعات ووصمة العار ونظريات المؤامرة في 25 لغة من 87 دولة. ومن بين 2,276 تقرير؛ أُجري عليها تقييم للمحتوى، كان 1,856 تقرير يحوي معلومات خاطئة، أي بنسبة 82%، وهو ما يدل على أنّ للمعلومات المضللة التي تُغذِّيها الشائعات ووصمة العار ونظريات المؤامرة آثارًا خطيرة محتملة على الفرد والمجتمع.
وتجلَّت هذه الآثار الخطيرة في تسجيل قرابة 800 حالة وفاة و5876 حالة استشفاء و60 حالة فقدان تام للبصر في أنحاء العالم نتيجة اتباع واحدة فقط من المعلومات المضللة؛ وهي أنَّ شرب الكحول عالي التركيز يمكن أن يفيد في تعقيم الجسم والقضاء على الفيروس. في حين سجلت دولٌ مثل تركيا وقطر والهند وغيرها حالات وفاة وصلت إلى العشرات نتجت عن تناول مواد أو أعشاب سامة.
ليس هذا فحسب؛ بل أدى انتشار الشائعات ونظريات المؤامرة إلى فقدان الثقة بالإجراءات الحكومية والتوصيات الصحية العالمية وعدم الالتزام بها؛ مما زاد من انتشار الوباء. وكذلك جعلت وصمةُ العار كثيرًا من المصابين يُخفون أعراضَهم أو إصابتهم؛ مما زاد أيضًا من الانتشار وعرَّض مقدمي الرعاية الصحية للخطر نتيجة عدم إفصاح مرضاهم عن مرضهم؛ وبذلك عدم تطبيق بروتوكولات العزل والحماية اللازمة عند التعامل معهم.
ليس هذا فحسب أيضًا؛ بل زادت حالات العنف اللفظي والجسدي المسجلة ضد المرضى والأطباء نتيجة نظرة التمييز التي ساهمت المعلومات المضللة بتأجيجها (2).
وفي دراسة من كردستان العراق؛ أفاد المشاركون بأن وسائل التواصل الاجتماعي تملك تأثيرًا كبيرًا خصوصًا من ناحية نشر الخوف والذعر المرتبط بتفشي فيروس كورونا، مع تأثير سلبي في الصحة العقلية والنفسية، وقد كان الفيس بوك أكثر شبكات وسائل التواصل الاجتماعي نشرًا للذعر فيما يخص تفشي (COVID-19) في العراق (3).
و قد اقتُرِحَت 4 ركائز لإدارة الوباء المعلوماتي؛ وهي:
1- مراقبة المعلومات.
2- بناء القدرة على محو الأمية في مجال الصحة الإلكترونية والعلم.
3- تشجيع صقل المعرفة وتنقيحها، والتدريب على عمليات تحسين النوعية كالتقصي عن الحقائق (fact checking) ومراجعة الأقران (peer-review).
4- الترجمة الدقيقة للمعرفة وطرحها في الوقت المناسب، وتخفيف العوامل المشوهة مثل التأثيرات السياسية أو التجارية.
أخيرًا تبقى الحقيقة والعلم هما الترياق لمواجهة هذا الوباء المعلوماتي، وحسب منظمة الأمم المتحدة UN؛ فإنّ سوء إدارة الوباء المعلوماتي تجلت في منصات التواصل الاجتماعي كتويتر وهي التي تملك سياسات إعلانية تهميشية للمؤسسات العلمية وناشري العلوم، وتعامل العلوم الخاضعة لمراجعة الأقران على أنها محتوى غير مناسب (4).
المصادر: