سورية تنزف كوادرَها الطبية
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
إصابات العاملين في المجال الصحي بداء COVID-19 تُشكِّل 10% من مجمل الإصابات في العالم وقد تصل إلى 20% في بعض البلدان (1,2)، وإنّ خطر إصابة الكادر الطبي بالعدوى أكبر بقرابة 12 ضعف عن الأشخاص في المجتمع، وبغياب أدوات الحماية اللازمة فقد يرتفع الخطر إلى أضعاف هذا الرقم (2)!!
ويُشكِّل الأطباء أكثر من نصف وفيات العاملين في القطاع الصحي، في حين تتوزع النسبة الباقية بين باقي العاملين كالممرضين وعمال النقل والصيادلة وغيرهم، ويبدو أنّ شرق المتوسط يملك العدد الأعلى من الوفيات لكل 100 إصابة من الكادر الطبي مقارنة بباقي بلدان العالم (5-3).
وإنما تتوالى هذه الأرقام العالمية لتشدد على أنَّ تداعيات هذه الأرقام ستكون كارثية في جميع البلدان، ولعلّ نظرة سريعة على ما آلت إليه حال قطاعنا الصحي في سورية ستجعلنا ندرك أنَّ آثار الوباء محليًّا -في حال غياب الإجراءات اللازمة- ستكون أضعاف آثاره عالميًّا؛ إذ خسرت البلاد في خلال عشر سنوات مئات المنشآت الصحية كليًّا أو جزئيًّا، وفقدت الآلاف من العاملين إما هجرةً وإما موتًا وإما غيرها من الأسباب (8-6)، ليُعمِّق وباء COVID-19 جراحَ ما بقي من جسد القطاع الصحي المنهَك فيخطف في خلال شهور معدودة كثيرًا ممن صمدوا في خلال تلك السنوات، وليزيد إرهاقه إرهاقًا وخسارته خسارة.
وبغياب الإحصاءات الرسمية والأرقام التفصيلية، فليس لنا إلّا أن نأمل ألا تكون الكارثة أكبر مما أحصته شاشاتنا في خلال الأيام الأخيرة (9).
تتوالى أسماء من خسروا معركتهم مع الوباء من الأطباء أو الصيادلة أو غيرهم من طواقم البلاد الطبية يومًا بعد يوم، ومن بينهم خبراتٌ أشرفت على تخريج أجيال من الأطباء، ومن بينهم فاعلون في مجتمعهم وأصحاب أيادٍ بيضاء، ومن ورائهم عشرات المرضى الذين كانوا بانتظار مشورتهم أو استكمال علاجهم.
إنَّ خسارة الطبيب ليست خسارةً مفردة بل هي تهديد بخسارة عشرات من المرضى بعدَه خاصة بغياب الكوادر البشرية التي تستطيع التعويض. ولعلّ أكثر ما يؤلم في خسارات القطاعات الصحية في كثير من البلدان، أنَّ هذه الخسائر كان من الممكن تفاديها أو تخفيفها بتوفير وسائل الوقاية اللازمة للعاملين الصحيين بنحو أفضل، وبتطبيق أنظمة تعقيم ومتابعة أكثر صرامة ضمن المشافي وخارجها، وأخيرًا بتحمّل أفراد المجتمع مسؤولياتهم في كسر حلقة العدوى بتجنّب التجمعات غير المبررة وبالتزام التباعد الاجتماعي والتعقيم والتوصيات الصحية (2,10).
أخيرًا؛ فإننا ننحني تقديرًا لتضحيات كل طبيب وكل ممرض وكل صيدلاني وطبيب أسنان وكل عامل في المجال الصحي؛ قد وفيتم الأمانة حقها، وعزاؤنا لعائلاتكم ولطلابكم ولمرضاكم بخسارة لن تُعوَّض، ولعل لهذه الخسارة أن تدق ناقوس الخطر في آذان أصحاب المسؤولية وآذان الأفراد أنْ قد حان الوقت لخطوات حقيقية لحماية هذه الكوادر.
المصادر: