أثر الطرق في البيئة
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
للطرق تأثيرات كبيرة في البيئة (2)، ومن تأثيراتها المباشرة تدمير النظم البيئية الموجودة وإزالتها وإعادة تشكيل التضاريس المحلية (1). ويمكن للأمطار الهاطلة على الطرقات أن تحمل الاحترار والملوّثات وتنقلها سريعاً إلى الأجسام المائية وتؤثِّر بذلك في جودة الماء، وتسبب التعرية وتغييرات لاحقة على المجاري المائية عوضاً عن تعويض المياه الجوفية في المكان الذي تهطل فيه. تظهر مجموعة كاملة من الملوِّثات الكيميائية بسبب إنشاء الطرق وصيانتها واستخدامها بما يشمل استخدام المبيدات الحشرية وملح تذويب الثلوج والهيدروكربونات والرصاص والكادميوم والنحاس وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين (NOx) والمركَّبات العضوية المتطايرة (VOCs) وثاني أكسيد الكبريت والجزيئات الهبائية والميثان والبنزين والبوتادين والفورمالديهايد. وتميل جوانب الطرقات لأن تكون أشد رياحاً وأكثر جفافاً وحَرّاً وشمساً وغباراً من البيئة الطبيعية المجاورة. يؤثّر المناخ المحلّي للطرق -حتى الضيقة منها- في النباتات واللافقاريات الكبيرة في التربة، ويحدد أي منها يمكنه البقاء هناك. ويطال التأثير حتى الطيور والبرمائيات والزواحف والثدييات، فيقل بذلك الغنى والتنوُّع الحيوي قرب الطرق(2).
قد يكون الضجيج الناجم عن الطرقات كبيراً (2)؛ إذ يبدو أنّ الطرق السريعة التي تتجاوز فيها كثافة العربات العابرة 10000 عربة يومياً تضر بشدة مجتمعات الطيور المجاورة. وليس من المفاجئ القول أنَّ للسكك الحديدية ذات الكثافة العالية تأثيرات بيئية كبيرة، ولكن لا زالت معرفتنا عنها أقل (3).
تؤثّر الطرق في الحيوانات البرية بأوجه عدة؛ فهي تدمِّر البيئة الطبيعية مباشرةً، وتجزِّئها وتعترض حركة العديد من الحيوانات. ويمكن لإيجاد الغذاء والشركاء ومناطق التكاثر أن يصبح أكثر صعوبةً أو حتى مستحيلاً. تؤثِّر هذه المحدِّدات في القدرة على تزاوج الأنواع؛ مما يقلل التنوع الوراثي. كذلك تسهِّل الطرق انتشارَ أنواع حيوية غازية وغير محلية؛ إذ إن التنقُّل عبر الطرق يساعد على نشر البذور، وتشكل المناطق المقطوعة على طول جانبَي الطريق ممرّات طويلة دون انقطاع يمكن أن تنمو فيها الأعشاب دون منافسة تُذكَر من النباتات الخشبية. وفي النهاية؛ تتسبب الطرق بموت عدد كبير من الحيوانات (والبشر). تتأثّر خصوصاً الحيوانات التي تتحرك ببطء أو التي تحتاج أن تقطع الطريق على نحوٍ منتظم. أما لدى أنواع أخرى؛ فتشكّل الطرق ممرات جاذبة للانتقال والسفر مما يتسبب بمقتل المزيد من الحيوانات عن طريق المركبات؛ على سبيل المثال: في المناطق ذات الغطاء الثلجي الكثيف، تفضِّل الحيوانات البرية عادةً الطرق التي كُشِطت عنها الثلوج للانتقال؛ مما يزيد احتمال صدمها من قبل المركبات العابرة لهذه الطرق. ويبلغ عدد التصادمات بين المركبات والحيوانات الكبيرة في الولايات المتحدة -بحسب تقدير إدارة الطرق السريعة الفيدرالية- من مليون إلى مليونين سنوياً. تسبب هذه التصادمات قرابة 200 حالة موت و26000 إصابة للبشر في السنة، وموت الحيوان المصدوم شبه حتمي. الموت الناجم عن الطرق سبب رئيسي لموت 21 نوعاً من الحيوانات من الأنواع المدرجة على اللائحة الفيدرالية للأنواع المهدَّدة بالخطر أو المهدَّدة بالانقراض (2).
وجدت العديد من الدراسات أنّ كثافة الأنواع الحيوية تزيد مع ازدياد البعد عن الطرقات؛ لأن العديد من الأنواع الحيوية لا تستطيع النجاة على طول جوانب الطرقات. وقد حاول الباحثون تحديد المناطق المجاورة للطرق التي يؤثّر فيها النظام الطُرُقي مباشرةً من الناحية البيئية. وجدت دراسة أُجريَت على الطريق السريع في ضواحي ماساتشوستس الأمريكية أنَّ المنطقة المتأثرة بالطريق غير متناظرة وتتغيّر على طول الطريق، لكن تأثيرات العوامل المدروسة تجاوزت مسافة 100م عن الطريق، وبعض التأثيرات وصلت حتى مسافة 1كم؛ على سبيل المثال: فضَّل حيوان الغزال الأمريكي (moose) هذه المنطقة للارتحال، في حين تجنبتها طيور المراعي (2)، واستخدمت حيوانات الفأر الكنغري (kangaroo rats) المهددة بالانقراض الطرق الترابية المغبرة بوصفها ممرات انتقال بين مساكنها، ولكن زاد ذلك من فرصة تعرضها للافتراس (4). إجمالاً، بلغ متوسط منطقة التأثير قرابة 600م، ووُجِد أنّ 50% من أراضي الولايات المتحدة تقع ضمن منطقة تأثير الطرق (2).
Image: 傻貓看世界
حيوان الغزال الأمريكي (moose)
Image: USFWS Pacific Southwest Region
حيوان الفأر الكنغري (kangaroo rats)
في المحصلة، تؤثّر الطرق في المكونات الحيوية واللاحيوية للبيئة عبر تغيير ديناميات تعداد النباتات والحيوانات وتغيير تدفُّق المواد باستقدام عناصر غريبة عن البيئة وتغيير مستويات الموارد المتوفرة كالماء والضوء والعناصر الغذائية.
عُنِي علم جغرافيا المواصلات تاريخياً بالنواحي الاقتصادية والبنيوية للمواصلات والآثار المترتبة عن تغيير استخدام الأراضي. لكن يجد خبراء جغرافيا المواصلات أنفسهم اليوم مدعوين للمساهمة في علم بيئة الطرق الجديد والاستفادة من المعرفة المرتبطة به وأدواته النظرية والتحليلية (1).
هل لمستَ تأثيراً مشابهاً للطرق في البيئة في بلدك؟ وإلى أي مدى تعتقد أنه يمكن احتواء الآثار البيئية للطرق؟
المصادر:
2-U.S. Environmental Protection Agency (EPA), 2013. Our Built And Natural Environments: A Technical Review Of The Interactions Among Land Use, Transportation, And Environmental Quality. [online] U.S. Environmental Protection Agency (EPA), pp.43-44. Available at: هنا [Accessed 9 June 2020].
3-Forman, R., 2008. Urban Regions: Ecology And Planning Beyond The City. Cambridge, UK: Cambridge University Press.
4-Brock, R. and Kelt, D., 2004. Influence of roads on the endangered Stephens' kangaroo rat (Dipodomys stephensi): are dirt and gravel roads different?. Biological Conservation, 118(5), pp.633-640: هنا