مراجعة كتاب دعونا نتفلسف
كتاب >>>> الكتب الأدبية والفكرية
ويترك هذا العمل المُقسَّم على شكل مقالات أثرًا في ذاكرة كثير من قُرَّاء الفلسفة، ويغني مخزونهم المعرفي عن الأفكار والتساؤلات الفلسفية على طول التاريخ؛ إذ إنَّ المؤلِّف آخذٌ بيد الفلسفة وروَّادها لترافق القارئ على مدى 288 صفحة، وذلك دون أن يتطرَّق إلى لغة فلسفية رصينة وصعبة؛ ممَّا يجعل كتابه غير اختصاصي أو صعب التناول، وفي الوقت نفسه غنيًّا بمعلوماته.
ويقدِّم (علي حسين) موجزًا عن حياة ٢٥ فيلسوفًا من أهم الفلاسفة في وسط الفكر وتطوُّره، ويحكي عن طفولتهم، وأهم محطات حياتهم، وبداية بروزهم بصفتهم فلاسفة ومفكرين لهم أثرهم ونهجهم وأطروحاتهم وغيرها من المعلومات المتفاوتة في نوعيتها بين فيلسوفٍ وآخر، وذلك كله تحت راية (دعونا نتفلسف) التي عُنون بها الكتاب.
ويفتتح المؤلِّف كتابه باقتباس لـ(بيان بردان)؛ أحد مؤسسي الأكاديمية الفرنسية: "الفلسفة لا تحتاج بتاتًا إلى المفردات الوحشية التي يُثقَل بها كاهلها، لأن القضايا التي تطرحها تعني أي شخص راغب في معرفة أحوال العالم وفهمه، ولذلك لا بد من تناول الفلسفة بلغة خالية من البطانة."
ويختار (علي حسين) فلاسفة من أولئك الذين غيَّروا أفكارنا وأثَّروا في عصرهم وما بعده، بالإضافة إلى أنَّ كثيرًا منهم كان تلميذ الآخر، وبعضهم كان ندَّ الآخر، وبعضهم كان ناقدًا لفلسفة الآخر ومجادلًا بها، فالفلسفة -على نحو ما يذكر المؤلِّف- جدلٌ فيه الحياة.
ويروي (علي حسين) حكايةَ فلاسفة ومنهم سقراط، وأرسطو وسينسكا، ومن بعدهم ڤولتير وكانط وهيغل وغيرهم مثل؛ فريدريك نيتشه وشوبنهاور وسارتر وألبير كامو.
بالإضافة إلى أسماء لها بصمتها في تاريخ الفلسفة وحاضرها، وربَّما مستقبلها، وتمتد تلك الأسماء حتى الـ25 اسمًا، ويقول المؤلِّف في مقدمة كتابه: "إنَّنا بطبيعة الأمر كثيرًا ما نواجه بهذه العبارة "يا أخي لا تتفلسف". كيف شاعت هذه العبارة، ومن يغذّيها في وجدان الناس، وهل هناك حقًّا ما يمنع الإنسان من أن يكون له فلسفته الخاصة تجاه الحياة، وأن يكون له موقف نقدي لما يجري حوله؟ هذا الموقف من نفسك ومن الحياة، هو الضمانة لتجديد الحياة نفسها."
ويبدأ الكاتب (علي حسين) كل فصل من كتابه بعنوان يدفع فضول القارئ نحو التساؤل: من الفيلسوف القادم؟ فعلى سبيل المثال؛ عنون الفصل الأول بـ(الرجل الذي خرج للبحثِ عن نفسه)، وسرعان ما نكتشف أنَّ ذلك الباحث هو الفيلسوف اليواني هيراقليطيس المولود قرابة 480-540 قبل الميلاد، ويعنون الفصل الذي يشرح حياة الفيلسوف سقراط ومحاكمته بـ(إذا حكمتم عليّ بالموت، فلن تجدوا من يحل محلّي بسهولة)، وهي كلماته الأخيرة التي قالها أمام الأثينيين ممَّن حكموا عليه بالإعدام. وفي مسير جرعة الفضول هذه يُنهي الكاتب بطريقة مبتكرة كل فصل بجزئين؛ الأول معنون بـ(ما الذي يجب أن تقرأه عن *اسم الفيلسوف*؟) ويقدِّم فيه مجموعة من أهم مؤلَّفات الفيلسوف المذكور المترجمة إلى العربية.
والجزء الثاني بـ(وماذا عن مصادر *اسم الفيلسوف* في العربية؟) ويقدِّم فيه أهم المصادر عن الفيلسوف المذكور ممَّا كتبه مفكرون وفلاسفة عنه؛ ممَّا يضيف قيمةً للكتاب، وهي قيمة الاتِّساع في البحث والمعرفة؛ إذ إنَّ المكتبة المقدَّمة في نهاية كل فصل من الكتاب تفتح آفاق قراءاتٍ أخرى بعدما يتعرَّف القارئ إلى كل فيلسوف، فإن نال إعجابه ستكون مكتبته حاضرةً ليُكمل التعمُّق في أفكاره.
ويقول (علي حسين): "إذن أنا وأنت عزيزي القارئ مطالبون جميعا أن نكون فلاسفة، لا على غرار سارتر وويليم جيمس أو برجسون أو الفارابي، إنما على غرار ما أخبرنا به هنتر ميد في كتابه (الفلسفة أنواعها ومشكلاتها)، والذي ترجمه د.فؤاد زكريا إلى اللغة العربية، من أن الفلسفة نشاط يشترك فيه البشر أجمعون، سواء كانت تلك المشاركة عن وعي أو بدون وعي."
معلومات الكتاب: