المعالجة المناعية للأورام؛ أبحاثُ اليومِ أملُ الغد!
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم المناعة
ولعل من أبرز تطورات الأبحاث البيولوجية والطبية في هذا السياق إلى يومنا هو العلاج المناعي الذي يمثل منهجًا واعدًا للاستهداف النوعي للخلايا السرطانية؛ كونه يحفز الاستجابات المناعية الخلطية والخلوية القوية (1,4).
إذا كنت تتساءل: ما المميز في هذا المنهج العلاجي؟ وكيف يحدث حثُّ جهاز المناعة على المهاجمة النوعية للخلايا الورمية؟ حسنًا، في هذا المقال توضيح للإجابات.
تفعّلُ الخلايا السرطانية سبلَ إشارة بديلة مما يجعلها مقاومة لعلاجات معينة.
يتمثل جوهر العلاج المناعي بقدرته على استهداف النقائل الميكروية (micro metastases) ضمن هذه الطرائق البديلة والقضاء عليها بأقل درجة ممكنة من السمية، وذلك وفقًا للتعبير البروتيني للورم (2).
إن من أبرز البروتينات الورمية العامل المثبط لابيضاض الدم (Leukemia Inhibitory Factor: LIF) وهو بروتينٌ سكريٌّ متعدد المظاهر، عالي الانحفاظ بين مختلف الأنواع فقد ثبت 80% من التشابه في تسلسل الأحماض الأمينية بين البشر والفئران.
يُظهر هذا البروتين وظائف متعددة تبعًا للنمط الخلوي ونوع النسيج، فوفقًا لتسميته؛ يثبّط نمو خلايا ابيضاض الدم النقوي عند الفئران ويثبّط تحريض تمايزها، بينما على العكس يتسبب LIF في تكاثر أنواع مختلفة من السرطانات مثل الورم النقوي المتعدد وسرطان القولون والبروستات والثدي (1).
في بحث أُجريَ في عام 2014؛ وجد الباحثون ارتفاع مستوى التعبير عن العامل المثبط لابيضاض الدم LIF عند مرضى سرطان القولون والمستقيم، كذلك بينت نتائج هذه الدراسة أن زيادة التعبير عنه تتسبب في مقاومة الورم للعلاج الإشعاعي. (3)
مؤخرًا في شهر تموز (يوليو) من العام 2020؛ أجرى باحثون -في المعهد الوطني للتقانة الحيوية والهندسة الوراثية في إيران- دراسةً عن كبح النمو الورمي في خلايا سرطان الثدي عند الفئران من خلال التمنيع ضد بروتين العامل المثبط لابيضاض الدم (Leukemia Inhibitory Factor: LIF) ومستقبله (Leukemia Inhibitory Factor Receptor: LIFR) .
لهذا الهدف صُمِّم هذان البروتينان كبروتينين مشطورين* تحقق التعبير عنهما في الإشريكية القولونية E. coli ومن ثم حقنهما في الفئران في شكل مستضدين مستقلين أو كليهما معًا.
أظهرت النتائج إفراز أضداد معدلة إضافة إلى الانترفيرون غاما و الأنترلوكين 2 كاستجابة العضوية للتمنيع.
استكمالًا للتجربة؛ جرى تعريض الفئران الممنعة لتحدي التشكل الورمي من خلال تلقيحها بخلايا الثدي الجذعية السرطانية المشتقة من الخط الخلوي MC4-L2.
توصل الفريق البحثي إلى نتائج مفادها حدوث تشكل ورمي في جميع فئران العينة الشاهدة (غير الممنعة)، بينما ظهر الورم في 75% من الحيوانات الممنعة بالعامل المثبط لابيضاض الدم فقط. أما بالنسبة للمجموعة الممنعة بمستقبل العامل المثبط لابيضاض الدم لوحده/ بالتشارك مع العامل، فقد أظهرت تثبيط قوي وظهر الورم في 25% فقط من حيوانات هذه المجموعة. علاوة على ذلك، فقد بينت النتائج تأخرًا في وقت ظهور الورم عند الفئران الممنعة مقارنة مع الفئران غير الممنعة. (1)
تحمل هذه الدراسة بريق أمل مبشّر للتقدم في مواجهة السرطانات وتجنب حدوث النكس، فاعتمادًا على النتائج الواعدة يمكن القول إنّ العامل المثبط لابيضاض الدم ومستقبله قد يكونا هدفين فعالين للعلاج المناعي للأورام التي تعبر عنهما؛ وأولها سرطان الثدي.
حاشية:
(*) البروتين المشطور؛ وهو بروتين يُحدّثُ به طفرة تسبب إيقاف إطالته، تقوم على وجه التحديد بالإنهاء المبكر لترجمة الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA).
المصادر: