تأثير تعاطي الرجل للماريجوانا وعلاقتها بالإجهاض عند المرأة
الكيمياء والصيدلة >>>> الإنسان والإدمان
تعدُّ الماريجوانا من أكثر المواضيع جدلًا حول العالم بعد تزايد إضفاء الصفة القانونية لنبات القنّب (الحشيش) وخاصةً للاستخدامات الطبية؛ مما أدى إلى زيادة اهتمام الباحثين بمعرفة المزيد عن آثارها على الصحة.
الماريجوانا هي إحدى مشتقات نبتة القنّب التي تُستخدم منذ آلاف السنين، ولكن لم يَدُرْ الحديث حول الماريجوانا وأضرارها على جسم الإنسان إلا مؤخرًا. (لمزيد من المعلومات عن تاريخ الماريجوانا وانتشارها راجع المقال هنا)
وإحدى المجالات التي تُدرَس حاليًا هي تأثير الماريجوانا على الخصوبة، وهو ما سنتناوله في هذا المقال.
تأثيرات استخدام الماريجوانا:
تسبِّب الماريجوانا على المدى القصير خللًا في إدراك الزمان والمكان؛ مما يزيد خطر احتمال حدوث حوادث المواصلات والإصابات الشخصية، بالإضافة إلى جفاف الفم والبلعوم واحمرار العينين.
بينما يتصل الاستخدام المفرط لها اتصالًا وثيقًا مع الاضطرابات النفسية والتي تتضمن الجنون وانفصام الشخصية (شيزوفرينيا).
كما أن إدمان تعاطي الحشيش يزيد من احتمالية الإحباط والقلق، والحقيقة أن الماريجوانا اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه قبل 20 سنة.
إن المادة الفعالة في الماريجوانا والتي كُشِف أنَّ لها التأثير الأكبر هي رباعي هيدروكانابينول Tetrahydrocannabinol المعروفة باختصار (THC)؛ إذ تؤثِّر على الجهاز العصبي بصورة مباشرة عن طريق الارتباط بالمستقبلات CB1 الموجودة في الأنسجة المحيطة.
هنا سنتطرق إلى أضرار تناول هذه المادة ليس فقط على صحة الشخص المُتعاطي وإنما على صحة الشريك أيضًا.
كما سلّطت دراسة حديثة الضوء على علاقة الاستخدام المتكرِّر للماريجوانا وخطر الإجهاض عند المرأة؛ إذ أظهرت هذه الدراسة أنّ الماريجوانا (الحشيش) لها تأثير سلبي على جودة ونوعية النطاف مما يساهم في زيادة خطورة الحمل عند حدوثه.
تقول مؤلفة الدراسة أليسا هارلو (Dr. Alyssa Harlo) الباحثة في الصحة العامة في كلية الطب ـ جامعة بوسطن أنّ:" الدراسة سُجِّلت عن أزواج بخصائص وتاريخ طبي ونمط حياة مختلف لكلّ منهم، حتى نمط وطريقة تناول هذه المادة من قبل الرجال مختلف من شخص إلى آخر، بالإضافة إلى متابعة النساء كل شهرين إلى حين حدوث الإجهاض."
وقالت أيضًا: "هناك عديد من الدراسات التي بحثت في خطورة تناول الكحول والكافيين في فترة الحمل وعلاقتها بزيادة معدّلات الإجهاض والولادة المبكرة، في حين لم يُبحث في كيفية تأثير تناول الرجل لهذه المواد على صحة المرأة وثبات حملها".
"ودراسات أخرى أُجريت لمعرفة الرابط بين الماريجوانا وجودة النطاف.
كل ذلك جعلني مهتمة جدًّا بمعرفة تأثير هذه المادة على الحمل، وفيما إذا كانت قادرة على تخريب الحمض النووي للنطاف أو أنها تخفض من جودته بالشكل الكافي ليسبب زيادة خطورة الإجهاض عند الشريك.
إذ بدأت بالقراءة كثيرًا عن هذه المادة وعن الإخصاب بشكل عام مما ساعدني في تكوين فكرة هذه الدراسة" (2).
نتائج الدراسة:
أجريت هذه الدراسة على 1535 رجل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا.
1267 (أي ما يقارب 82.5%) منهم لم يتناول الماريجوانا لمدة شهرين قبل إجراء هذه الدراسة.
140 (9.1%) منهم تناولها أقل من مرة أسبوعيًا.
128 (8.3%) منهم تناولها على الأقل مرة أسبوعيًا.
إذ سجَّلت الدراسة حالات إجهاض ل 292 (17.5%) امرأة في أثناء المتابعة.
توصّلت الدراسة إلى أن الاستخدام المتكرر للماريجوانا من قبل الرجل لمرة أسبوعيًا أو أكثر يضاعف خطر الإجهاض مقارنةً بالرجال الّذين يتناولونها أقل من مرة أسبوعيًا أو حتى يتوقفون عن تناولها على الأقل لستة أشهر قبل قرار الإنجاب.
تقول هارلو أنّ: "معظم الأبحاث التي أجريت بهدف معرفة العوامل المؤدية للإجهاض كانت تركّز على سلوك ونمط حياة المرأة، بينما هذه الدراسة ركّزت على دور الرجل بما أن الجنين يحمل 50% من مورثات الرجل، ممّا يجعل هذه الدراسة الأولى من نوعها.
مع العلم أنها أُجريت من دون تناول المرأة للماريجوانا إطلاقًا، مما يعطينا الثقة بأن هذه المخاطر المرتفعة على الحمل تأتي من تأثير هذه المادة على نطاف الرجل" (3).
آلية تأثير الماريجوانا على النطاف:
وضَّحت هارلو أنّ عديدًا من مستقبلات الحشيش أو Cannabinoid موجودة في نسيج الخصيتين والنطاف، وعندما يتناول الرجل الماريجوانا ترتبط مادة تتراهيدروكانابينول (THC) مع هذه المستقبلات التي تؤدي دورًا رئيسيًّا في كيفية إنتاج الحيوانات المنوية؛ مما يجعل الرجال الّذين يتعاطون هذه المادة تعاطيًا كبيرًا معرَّضين لإنتاج حيوانات منوية أقل جودة من غيرهم، وكما أنّها تؤثر على الصحة الإنجابية للرجل؛ نتيجة تعطيل الإشارات التي تدفع الجسم لإنتاج النطاف.
توضِّح هارلو بعد أن عرضت نتائج دراستها أن جميع أشكال تعاطي الماريجوانا سواءً التدخين أو استخدام البايب أو عن طريق الجهاز الهضمي كان قيد الراسة، ولكن لم يصلوا إلى نتيجة حول مدى خطورة استعمال إحدى هذه الطرائق من غيرها على ثبات الحمل أو عدمه.
ومن الضروري ذكر أن هذه الخطورة تزيد زيادةً كبيرة في أوَّل ستة أسابيع من الحمل، بينما يتراجع الخطر تراجعًا ملحوظًا بعد تجاوز الأسبوع الثامن.
نصائح:
✱ ينصح الدكتور هاريس نيجلر (Dr.Harris Negler) خبير الإخصاب في معهد سميث Smith في نيويورك أن يبتعد الرجال عن تناول الماريجوانا (الحشيش) لمدة ستة أشهر على الأقل قبل أن يحاولوا الإنجاب، ومن الضروري أن يعلموا المضاعفات السلبية الممكن حدوثها على صحة الأم والجنين أيضًا.
✱ "أعتقد أن هذه الدراسة لاقت انتباهًا شديدًا؛ لأننا نضع اللوم على المرأة وننسى الرجل دائمًا".
هكذا صرّحت د.جينيفير أشتون (Dr.Jennifer Ashton) وقالت أنّ 40% من حالات ضعف الخصوبة تعود لعدة عوامل عند الرجل؛ لذلك نحن بحاجة إلى التركيز على الطرفين والحرص على توعيتهم.
✱ تقول Eve Feinberg نائبة رئيس جمعية الإخصاب والغدد: "أنّ استخدام الماريجوانا أصبح شائعًا أكثر بالتزامن مع تشريعها، ويجب على من يستخدمها أن يعي مخاطرها جيدًا إذ أنّ مشروعيتها لا تعني مأمونيتها".
المصادر:
2. Frequent Male Pot Use Linked to Early Miscarriages [Internet]. WebMD. 2020 [cited 22 April 2020]. Available from: هنا;
3. Men's Marijuana Use Linked to Elevated Miscarriage Risk [Internet]. Medscape. 2020 [cited 22 April 2020]. Available from: هنا