أولى الدلائل على إمكانية عكس العمر البيولوجي
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم المناعة
ازداد متوسط أعمار البشر على مدار العصور المُختلفة؛ وذلك بسبب التقدُّم الطبي والتكنولوجي، لكن هذه الزيادة ما هي إلا مُماطلةٌ للوصول إلى مرحلة الشيخوخة، ومن الطبيعي أن نصل لها في يوم من الأيام
✔️ فالشيخوخة شيء طبيعي لا مفرَّ منه في الحياة، بغض النظر عن صحتك، فإن عملية التقدُّم في العمر لا يمكن إيقافها أو عكسها، صحيح؟
حسنًا .. قد يُغير هذا المقال وجهةَ نظرك.
✨ يتأثر جهازُنا المناعي بالشيخوخة، فمع تقدُّم العمر يخضع إلى كثير من التغيرات التي تؤثر في أداء وظيفته على نحوٍ سليم، وتُعرف هذه الظاهرة بالتشيّخ المناعي immunosenescence، وهي تدهور وظائف الجهاز المناعي، فيصبح كبار السن عُرضةً للإصابة بالعدوى البكتيرية والفيروسية أكثر، وزيادة فرص الإصابة بالسرطان، لذلك قد يكون كبار السن أكثر عرضة للتأثر بفايروس كورونا من غيرهم مثلًا (2).
إذن ما الذي يخل توازنَ الجهاز المناعي مع تقدم العمر؟
من المعروف أن الجهاز المناعي يقسم إلى شقين مناعة خُلقية ومناعة مُكتسبة، ومع زيادة العمر تضعف قدرة الجهاز المناعي على التصدي لبعض العدوى، ويرجع ذلك إلى ضعف النوعين المكتسبة والخُلقية، لكن يتأثر جهاز المناعة المكتسبة على نحوٍ أكثر خطورة، وأوضحت الدراسات أن مخزون الخلايا التائية T-Cells_وهي إحدى أنواع خلايا جهاز المناعة المُكتسبة_ يقل أكثر عند كبار السن، والمُحفز الأساسي لذلك انكماشُ الغدة التيموسية، وهي الغدة المسؤولة عن إفراز الخلايا التائية (3).
لذلك فمن الطبيعي أن نجد أنفسنا أكثر عرضةً للأمراض مع تقدم العمر، فنحن مُحاطون بكائنات دقيقة تستطيع تدمير أعضاء كاملة في جسم الإنسان وأجهزته، إذا لم تلقَ خط دفاع قوي.
لكن ماذا سيحدث إذا استطعنا الحفاظ على الجهاز المناعي ليؤدي وظائفه على نحوٍ سليم؟
مؤخرًا نُشرت ورقة بحثية لعكس العُمر البيولوجي للإنسان عن طريق تجديد الغدة التيموسية ومن ثمَّ الحفاظ على وظائف الجهاز المناعي.
يعبّر العمر البيولوجي عن حيوية الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان بالنسبة لعمره الزمني، ويُقاس عُمر الكائنات الحية بيولوجيًّا بأكثر من طريقة منها استخدام الساعة فوق الجينية أو Epigenetics clocks، وهو قياس التعديلات على الحمض النووي الناتجة عن إضافة مجموعة ميثيل، وكلما تقدم الكائن في العمر ازدادت تلك التعديلات، ومن هنا بدأ العلماء باستخدام Epigenetics clocks بوصفه مقياسًا لمعرفة عُمر الكائنات الحية بيولوجيًا (1).
✨ أُجريت الدراسة على عشرة رجال أصحاء تتراوح أعمارهم بين 51 إلى 65 عامًا، أُعطيَ المتطوعون هرمونَ نمو مُعدل وراثيًّا له القدرة على تجديد الغدة التيموسية، ومعه عقاران آخران لتجنب بعض الأضرار الجانبية (1).
لاحظ الباحثون زيادة حجم الغدة التيموسية بعد العلاج، بدلًا من انكماشها. وكانت هناك نتائج أخرى تشير إلى أن الجهاز المناعي يتجديد، كزيادة عدد خلايا نقي العظام، وزيادة نسب الخلايا اللمفاوية (1).
✨ وربما كانت النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام في الدراسة أنه بعد 12 شهرًا من المشاركة في هذه التجربة السريرية أظهر الأشخاص في المتوسط انخفاضًا في عمرهم البيولوجي 2.5 سنة. هذا يعني أنه بعد تجربة مدتها سنة واحدة كان عمرهم الجيني أقل بـ2.5 سنة مما كان عليه عندما بدؤوا، وكانت النتيجة مفاجئة، واعتقد مؤلفو الدراسة أن عملية الشيخوخة قد تتباطأ نتيجة التجربة (1).
✔️ ستفتح هذه الدراسة بالتأكيد البابَ لدراساتٍ وأبحاث أخرى عن عكس العمر البيولوجي للإنسان، ومن يدري فقد نرى في المستقبل أناسًا تصل أعمارهم لقرون!
المصادر: