أعظم مفارقات فيزياء الكم قد تفقد تفسيرها الشهير
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
لم تكن هذه الفكرة موضع ترحيبِ العديد من العلماء، ومنهم من عمل على إيجاد تفسيراتٍ أخرى أكثرَ واقعيَّة؛ فلو كانت نظريَّة الكمِّ معنيَّةً بأن تكون نظرية شاملة، فيجب أن تكون قابلة للتطبيق - من حيث المبدأ – على جميع المنظومات الفيزيائيَّة؛ بما فيها الكبيرة والمعقدة(2).
لقد خُمِّنَ أن مبدأ التراكب ينهار تدريجيًّا عندما ترتبط الذَّرات ببعضها بعضًا لتشكيل منظومات أكبر، والسَّبب أن الدَّالة الموجيَّة "Wave Function" التي تصف المنظومة الكموميَّة تنهار، فتختفي الصِّفة الموجيَّة للمنظومة. بواقعيَّة أكثر؛ لو كانت هذه الانهيارات تحصل فعلًا، فيجب أن تكون جزءًا من طبيعة المنظومة ذاتها وليس بسبب التَّدخل البشري (عملية القياس) (3).
إحدى محاولات إيجاد تفسيرٍ منطقيٍّ لفرضيَّة انهيار الدَّالة الموجيَّة كانت على يد العالمان الهنغاريان كاريوهازي فريغيش "Károlyházy Frigyes" - في ستِّينات القرن الماضي - ولايوش ديوشي "Lajos Diósi" - في ثمانينات القرن الماضي - وبعدهم العالم المعروف روجر بِنروز "Roger Penrose" عبر تطبيقها على نظريَّة الجاذبيَّة الكموميَّة "Quantum Gravity"(4).
اقترح بنروز وديوشي -كلٌّ على حدة - بأنَّ الجاذبيَّة هي التي تُسبِّب انهيار الدَّالة الموجيَّة؛ على الرغم من أنَّ تأثيراتها فعالةٌ على الأجسام الكبيرة ومهملةٌ عند مستوى الذَّرات والجزيئات. وفقًا للجاذبيَّة الكموميَّة؛ فإن التَّراكب الكموميَّ المكانيَّ لمنظومةٍ ما يولِّد تراكبًا لانحناءاتٍ مختلفةٍ في الزَّمكان تتوافق مع المواقع المختلفة المحتملة للمنظومة، ويُجادل بنروز بأنَّ تراكباتِ الزَّمكان المختلفة غير مستقرَّة وتتحلَّل "Decay" بمرور الوقت؛ ممَّا يجعل الدَّالة الموجيَّة للمنظومة تنهار أيضًا(3).
مع تطور التِّكنولوجيا الحديثة؛ أصبح بالإمكان تطبيق نموذج ديوشي-بنروز، الذي يفترض بأنَّ الجسيماتِ المُنهارة ستنحرف عشوائيًّا محررةً طاقةً في المنظومة الموجودة ضمنها، فلو كان الجُسيم مشحونًا؛ مثل الإلكترون أو البروتون، فإنَّه سينحرفُ ويشعُّ فوتونًا عند انهيار دالته الموجية.
بنى مجموعةٌ من الباحثين كاشفًا مصنوعًا من بلورة جرمانيوم بحجم كوبِ قهوةٍ لاختبار هذه الفرضيَّة؛ حيث تُقَاسُ الزِّيادة في انبعاثات الأشعَّة السِّينية وأشعَّة غاما من البروتونات في نوى الجرمانيوم، ثم غلَّفوا البلورةَ بالرَّصاص ووضعوها تحت الأرض على عمق 1.4 كيلومتر في مختبر غران ساسو الوطني "Gran Sasso National Laboratory" في إيطاليا لحمايته من المصادر الإشعاعيَّة الخارجية. سجَّل الكاشف 576 فوتونًا طيلة شهرينِ في عامي 2014 و2015، وهو عددٌ قريبٌ للعدد 506 فوتون المُتوقَّعِ تسجيله من النَّشاط الإشعاعي الذي يحدث طبيعيًا، ونشرت هذه النتيجة في مجلة "Nature Physics".
تنبَّأ نموذج بنروز بانبعاث 70,000 فوتون؛ ما يعني وجوب انبعاث فوتونات أكثرَ من الحدِّ الطَّبيعي، لكنَّ ذلك لم يحدث، وهذا يعني أنَّ الجاذبيَّةَ لا تغيِّر من حالة التَّراكب الكموميِّ للجسيمات. جدير بالذِّكر أنَّ بنروز نفسَه لم يكن مقتنعًا بإمكانيَّة اختبار نموذجه؛ لأنَّ انبعاث الطَّاقة من الجسيمات قد يؤدِّي إلى اكتساب أو فقدان الطَّاقة في الكون كلِّه، وهذا يُنافي المبدأ الأساسيَّ في الفيزياء؛ مبدأ حفظ الطَّاقة(4).
المصادر:
2_Myrvold W. Philosophical Issues in Quantum Theory [Internet]. Stanford Encyclopedia of Philosophy. Stanford University; 2016 [cited 2020Oct4]. Available from: هنا
3_Donadi S, Piscicchia K, Curceanu C, Diósi L, Laubenstein M, Bassi A. Underground test of gravity-related wave function collapse. Nature Physics. 2020 [cited 2020 oct 4]. Available from: هنا
4_George MusserSep. 7 2020, Jon CohenOct. 3 2020, Jon CohenOct. 2 2020, Rodrigo Pérez Ortega IGJO2, Adrian ChoOct. 2 2020, Jennifer Couzin-FrankelOct. 2 2020, et al. One of quantum physics' greatest paradoxes may have lost its leading explanation [Internet]. Science. 2020 [cited 2020 Oct 4]. Available from: هنا