مخطط فوروني
الرياضيات >>>> الرياضيات
يمكن إعداد هذه الخرائط يدويًا(1)، فلنفرض أننا اخترنا مستشفيين (تبعًا لقربهما من منطقة محددة) ورمزنا لهما بالرمزين (أ) وَ (ب) على التتالي، ثم رسمنا خطًا واصلًا بينهما وحددنا منتصف هذا الخط برسم خطٍّ آخرَ يعامده ما يقسم المدينة إلى منطقتين؛ إحداهما تحوي (أ) وكل النقاط الأقرب إليها منه إلى (ب)، والأخرى تحوي (ب) والنقاط الأقرب إليها، أما النقاط الواقعة على الخط، فتبعد مسافة متساوية عن كل من المستشفيين (أ) و (ب).
Image: https://plus.maths.org/content/sites/plus.maths.org/files/articles/2020/Miam/2points.png
وبتكرار العملية بوجود مستشفى ثالث نحصل على النتيجة ذاتها؛ أي خريطة مقسمة بوضوح لمناطق قرب المستشفيات وفقًا لنقطة ما.
Image: https://plus.maths.org/content/sites/plus.maths.org/files/articles/2020/Miam/3points.png
استمرارًا بذات الوتيرة، تنتج لدينا خريطة مقسمة إلى مناطق تبعًا لقربها من نقاط محددة، وتسمى الخريطة الناتجة بـ (خريطة فوروني)، تيمنًا بالرياضياتي الروسي "Gregory Voronoi-جريجوري فوروني" .
Image: https://plus.maths.org/content/sites/plus.maths.org/files/articles/2020/Miam/voronoi.png
وضعت مخططات فوروني من قبل رينيه ديكارت في العام 1644، وقد درسها فوروني في 1907 موسعًا نطاق استخدامها إلى أبعاد أعلى، لذلك نُسِبَت له. تعددت تطبيقات هذه المخططات(3)، فمنها: استخدامها في الجيوفيزياء، وفي علم الأوبئة والأرصاد الجوية، ولكن استخدامها الأبرز كان في القياس الطبي(1)، ففي خمسينيات القرن التاسع عشر، كاد تفشي مرض الكوليرا أن يقضي على مدينة سوهو في لندن، مسفرًا عن محو عائلات كاملةٍ في أيام ومقتل 10% من السكان.
كان الاعتقاد السائد آنذاك أن الهواء الملوث سبب هذه الظاهرة، ولكن كان للطبيب "جون سنو- John Snow" -طبيب إنجليزي،ويعد والد علم الأوبئة المعاصر(2) - رأيٌ مخالف تمامًا، فقد عدَّ تلوث مصادر المياه في تلك المنطقة سببًا رئيسًا لتفشي الوباء، وقد تمكن من إقناع الآخرين بنظريته هذه من خلال تحديد عدد الوفيات في كل عنوان على الخريطة، ومدى قربها من منطقة تجميع المياه لمضخة معينة في شارع "40 برود"، مستخدمًا مسافة المشي على طول الشوارع والأزقة، لا المسافة المباشرة بين النقاط.
Image: https://plus.maths.org/content/sites/plus.maths.org/files/news/2010/broadst/varonoimap_frerichs.jpg
وفقًا للخريطة، يمثل كل شريط عنوانًا لأحد الوفيات، أما المنحنى فيحصر الأماكن التي تقع منتصفًا بين مضخة شارع برود والمضخات الأخرى في المنطقة. وقد اتضح أن جميع حالات الوفيات تقريبًا تقع ضمن المنطقة آنفة الذكر. وتكريمًا لجهوده وُضع في مكان المضخة نصب تذكاري على شرف جون سنو(1) .
المصادر: