التطوُّر اللغوي لدى أطفال متلازمة داون
التعليم واللغات >>>> اللغويات
يوجد في كلِّ خلية في جسم الإنسان نواة حيث يُخزِّن المادة الوراثية في الجينات، وتحمل هذه الجينات الرموزَ المسؤولة عن جميع سماتنا الموروثة وتُجمَّع على طول بِنى تسمى الكروموسومات (Chromosome). تحتوي نواة كلِّ خلية على 23 زوجًا من الكروموسومات، نصفها موروث من كلِّ والد، وتحدث متلازمة داون عندما يكون لدى الفرد نسخة إضافية كاملة أو جزئية من الكروموسوم 21 وهو ما يسبب تأخرًا في نمو الطفل العقلي والجسدي (1، 2).
تطور اللغة لدى أطفال متلازمة داون:
على الرغم من وجود مجموعة واسعة من الاختلافات الفردية، فإنَّ معظم الأطفال المصابين بمتلازمة داون يتأخرون في نطق كلماتهم الأولى، وتنمو مفرداتهم على نحوٍ أبطأ من أقرانهم الذين ينمون نموًّا اعتياديًّا، وعلى الرغم من أنهم يستخدمون النطاق نفسه من العبارات المكونة من كلمتين مثل جميع الأطفال فهم يجدون صعوبة في إتقان كثيرٍ من القواعد اللازمة للتحدث بجمل صحيحة نحويًّا (3).
وتُعدُّ الفجوةُ بين فهم هؤلاء الأطفال وبين قدرتهم على التعبير عن أنفسهم سببَ كثيرٍ من الإحباط؛ ويمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى مشكلات سلوكية، وقد تؤدي إلى الاستهانة بقدراتهم المعرفية (4).
متى ينطق أطفال متلازمة داون كلمتهم الأولى؟
عادةً ما يبدأ الأطفال ذوي متلازمة داون باستخدام كلمات مفردة بين عمر سنتين وثلاث سنوات، لكن العمر الذي ينطقون فيه كلمَتهم الأولى غير ثابت، وقد تكون الكلمة الأولى الفعلية لهم إشارةً وليست كلمة منطوقة. ويتواصل معظمهم منذ الولادة عبر البكاء والنظر والإيماءات؛ إذ إنهم يرغبون في التواصل مع الآخرين ويدركون أن البكاء وإصدار الأصوات يمكن أن يؤثرا في المحيطين بهم، لكنهم في العمر المبكر لا يمتلكون بعض المهارات العصبية والحركية الكافية التي تمكِّنهم من الكلام، لذلك ينبغي توفير نظام بديل يستطيع الطفل عن طريقه التواصل مع الآخرين وتعلم اللغة قبل امتلاك القدرة على الكلام (5).
ما آثار فقدان السمع في تطور اللغة والنطق؟
يتعلم الأطفال اللغة والنطقَ عن طريق الاستماع والنظر واللمس، ويُعدُّ الاستماع عاملًا مهمًًا للغاية في عملية النطق؛ إذ بينت الدراسات أن تطوُّر النطق والكلام يتأثر سلبًا بتراكم سوائل الأذن المزمن، ويعاني الأطفال ذوي متلازمة داون -غالبًا- أشكالًا متعددة من نقص السمع بسبب تكرر انحباس السوائل في الأذن الوسطى؛ فوجود السوائل يُعيق السمع، والعكس بالعكس، أي إنَّ السمع يتحسَّن عند إزالة هذه السوائل. وعندما يعاني الأطفال على نحوٍ متواصل ضعفًا في السمع يصعُب عليهم تعلم الأصوات والعلاقة بينها وبين الأشياء المحيطة بهم، لذلك ينبغي للأبوين التأكد من سلامة السمع لدى طفلهما (4).
ما العلاقة بين التغذية واللغة والنطق؟
يُعدُّ النطق وظيفة ثانوية تستخدِم الأعضاء التشريحية ذاتها التي تُستخدم في التغذية والتنفس، لذلك يؤثِّر ضعف التوتر العضلي في التغذية بمقدار ما يؤثر في النطق. وفي التغذية يكتسب الأطفال المهارة ويعملون على تقوية العضلات التي تُستخدم في النطق لاحقًا وتنسيق عملها؛ فإذا عانى الطفل صعوبةً في التغذية يتعين على أبويه طلب المساعدة من اختصاصي تقويم النطق والكلام؛ إذ يساهم علاج التغذية في تقوية عضلات الوجه، وهذا بدوره سيؤثر إيجابيًّا في النطق (5).
هل هناك مهارات أخرى مرتبطة بتطوير اللغة والنطق؟
تتضمن المهارات الإضافية السابقة للغة والنطق القدرةَ على تقليد الأصوات وتكرارها، ومنها المهارات البصرية (النظر إلى المتحدث والأشياء)، ومهارات الاستماع (الاستماع للموسيقا أو الأحاديث أو أصوات الحروف لفترات طويلة)، ومهارات اللمس (التعرف إلى حاسَّة اللمس واستكشاف الأشياء عن طريق الفم)، والمهارات الحركية الشفوية (باستخدام اللسان وتحريك الشفاه)، والمهارات المعرفية (استيعاب ثبات الأشياء وعلاقات السبب والأثر). ويستطيع أفراد الأسرة تحفيز هذه المهارات في المنزل (5).
ما التواصل الكلِّي (Total Communication)؟
التواصل الكلّي نظامٌ يجمع بين اللغة ولغة الإشارة والإيماءات لتعليم الكلام، ويوفر هذا النظام للطفل وسيلة تواصل سابقة لامتلاكه المهارات اللازمة للكلام؛ إذ يستخدم الكبار في هذا النظام اللغة مع لغة الإشارة عند التحدث مع الطفل، فيتعلم الطفل إشارات محددة ويربطها بالكلام، وإضافة إلى ذلك يبدأ باستخدام لغة الإشارة للتواصل. ولمّا كانت لغة الإشارة تُعَدُّ وسيلةً انتقالية بالنِّسبة للأطفال ذوي متلازمة داون، فإنَّ الخيارات الأخرى تتضمّن استخدامَ الصور على لوح تواصل أو التواصل عن طريق الصور أو أنظمة التواصل الإلكترونية التي تستخدم الأصوات المولَّدة صُنعيًّا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم الأطفال ذوي متلازمة داون مُهيًّؤون لاستخدام نظام لغوي قبل عدة أشهر -أو حتى سنوات- من امتلاكهم القدرة على استخدام النطق وسيلةً فعَّالةً في التواصل مع الآخرين. ومن هنا تبرز الحاجة إلى اعتماد أنظمة تواصل انتقالية من مثل لغة الإشارة والصور والأصوات المركبة. وفي هذا المجال يمكن لاختصاصي اللغة والنطق أو اختصاصي طرائق التواصل التعزيزية البديلة أو لكليهما معًا المساعدةُ على تصميم نظام تواصل انتقالي خاص بالطفل. وللتذكير فإنَّ معظم الأطفال ذوي متلازمة داون يستخدمون الكلام بوصفه نظام التواصل الرئيس المفضَّل لديهم (5).
ما الذي يمكن للوالدين فعله لمساعدة طفلهم على تعلم الكلام واللغة؟
الآباء هم المتصلون الأساسيون الذين يتفاعلون مع أطفالهم؛ ولذا يمكنهم فعل الكثير لمساعدة أطفالهم على تعلم التواصل. وكي ينجح الأبوان في مساعدة طفلهما على تطوير هذه المهارات، ينبغي أنْ يلتزما بالآتي:
متى ينبغي أن يلجأ الأبوان إلى اختصاصي لغة ونطق؟ وما التدخل اللغوي المبكّر Early Language Intervention؟
يمكن اللجوء إلى اختصاصي اللغة والنطق في مرحلة الرضاعة، وقد يتضمن العلاج التحفيزَ الصوتي وتحفيز الكلام عند اللعب والتغذية والحركة الشفوية وغيرها من التقنيات، ويجب أن تكون الأسرة شريكًا أساسيًّا في العلاج لأنها المعلِّمُ الأول للغة والنطق.
يُقصد بالتدخل الكلامي المبكَّر مجموعَ الخدمات التي تُقدم للرضع والأطفال الصغار منذ الولادة حتى نهاية العام الثاني من العمر، وهنا يجب أن تكون خدمات تعليم النطق جزءًا من خطة علاج شاملة لهؤلاء الأطفال (5).
المصادر:
1. NDSS. 2020. What Is Down Syndrome? | National Down Syndrome Society. [online] Available at: هنا [Accessed 28 December 2020].
2. Mary L. Gavin. Down Syndrome. KidsHealth.org. September 2015 [cited 24 December 2020]. URL:هنا
3. Language development in children with Down syndrome [Internet]. library.down-syndrome. 2020 [cited 24 December 2020]. URL:هنا
4. Development and learning [Internet]. down-syndrome.org. 2020 [cited 24 December 2020]. URL:هنا
5. Speech & Language Therapy - NDSS [Internet]. NDSS. 2020 [cited 24 December 2020]. URL:هنا