ماذا عليَّ أن أتناولَ في فترة التعافي من مرض الكورونا المستجد؟
الغذاء والتغذية >>>> التغذية والأمراض
وتتجاهل عديد من الجهات ذكر التغذية وأهميتها في أثناء التعافي من مرض الكورونا المستجد COVID-19 على الرغم من التغاضي عن ذكر أهمية اتباع نظام غذائي صحي للتعافي من هذا المرض كغيره من الأمراض، لكنَّه من المهم أن نعلم أنَّ التغذية تؤدي دورًا مهمًّا في علاج مرضى الكورونا المستجد وتعافيهم خاصةً البروتين؛ إذ يرتبط تناول البروتين بمقدار كافٍ في أثناء كلٍّ من مرحلتي المرض الحادة وما بعد الحادة بانخفاض معدلات الاعتلال والوَفَيات الناجمة عن هذا المرض.
فمن الثابت أنَّ نقص البروتين له تأثيرٌ سلبي في وظائف المناعة بسبب انخفاض الغلوبولين المناعي Immunoglobulins والأنسجة اللمفاوية المرتبطة بالأمعاء (2)، إضافةً إلى ذلك؛ تُظهر الأبحاث أن سوء التغذية بالبروتين Protein Malnutrition يزيد من قابلية الإصابة بالعدوى الفيروسية جزئيًّا عن طريق تقليل استجابة الجسم المضاد (مثل الإصابة بالزيكا Zeka والإنفلونزا) (3).
وتتضمن إحدى مضاعفات COVID-19 ما يُسمَّى بعاصفة السيتوكين Cytokine Storm، وهي استجابة شديدة الالتهاب ناتجة عن الإفراط في إطلاق السيتوكينات، تؤدي غالبًا إلى اختلال وظائف الأعضاء المتعددة والموت، إضافةً إلى الأدوية المضادة للالتهابات والفيروسات يُمكن للأحماض الأمينية أن تؤدي دورًا في التخفيف من إطلاق السيتوكينات ومِن ثَمَّ تقليل معدل الوفيات الإجمالي) (4). ووجدت إحدى الدراسات الصغيرة أن المرضى الذين يتلقون مكملات الغلوتامين L-glutamine بمقدار (10 غرام 3 مرات في اليوم) كانت فترة استضافتهم في المستشفى بعد نقلهم إليها أقل بأيام، وكانوا أقل عرضة للحاجة للدخول إلى وحدة العناية المركزة (ICU) من نظرائهم الذين لا يتناولون هذه المكملات (5)، ويساعد الغلوتامين Glutamine على الحفاظ على وظائف الرئة والأمعاء، وقد ثبت أنه يقلل بصورةٍ كبيرة من كمية السيتوكينات المسبِّبة للالتهابات، وقد يقلل الأرجينينArginine والغلايسين Glycine من عدة عوامل التهابية معينة في الحويصلات الهوائية مما يحدُّ من تلف الرئتين (4). وتحتوي البروتينات الكاملة -مثل تلك الموجودة في المنتجات الحيوانية- على جميع الأحماض الأمينية الأساسية Essential Amino Acids وقد يكون لها تأثيرٌ مضاد للالتهابات (2).
وفي بعض الحالات يُدخَل بعض الأشخاص إلى المستشفى مصابين بـ COVID-19 ويعانون سوء تغذية البروتين والسعرات الحرارية protein-calorie malnutrition، وقد تظهر عليهم أعراض مثل الغثيان والقيء والإسهال وغيرها من الأعراض التي يمكن أن تؤثر في التناول الفموي، وهي أعراضٌ ترتبط ارتباطًا مباشرًا بعاصفة السيتوكين المذكورة أعلاه (2)، وفي هذه الحالة توصي الجمعية الأوروبية للتغذية السريرية والتمثيل الغذائي (ESPEN) بالبَدء الفوري بإعطاء مكملات التغذية عن طريق الفم للمرضى القادرين على تناول الطعام عن طريق الفم، ويجب أن توفرَ هذه المكملات 400 سعرة حرارية على الأقل و 30 غرامًا من البروتين يوميًّا (6).
وإضافة إلى التأثير في الاستجابة المناعية، فإنَّ البروتين ضروري لمنع فقدان كتلة العضلات ووظائفها التي تتبع الاستجابات التقويضية لـ COVID-19 والأمراض الالتهابية الأخرى. وإحدى الاضطرابات الأيضية المرتبطة بـ COVID-19 الشديد هو ضعف التمثيل الغذائي للبروتين الذي يتجلَّى بزيادة انهيار العضلات وانخفاض تخليقها وزيادة تخليق بروتينات الطور الحاد Acute-phase proteins (وهي صنف من البروتينات التي يرتفع تركيزها في البلازما أو ينخفض في الاستجابة للالتهاب) (7). وتوصي ESPEN بتوفير 1.3 غرام بروتين لكلِّ كيلوغرام من وزن الجسم يوميًّا لمرضى COVID-19 المصابين بأمراض خطيرة (6). وتوصي جهات أخرى بتناول البروتين بما يصل إلى 1.5-2.0 غ/ كغ جسم/ يوم (7). ولوضع هذا في المنظور الصحيح، فإن توصية البروتين القياسية للأفراد الأصحاء تبلغ قرابة 0.8 غ/ كغ جسم/ يوم. وقد ثبت أن زيادة تناول البروتين في أثناء المرض الخطير يُحسن البقاء على قيد الحياة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى آثاره في الحفاظ على العضلات (6).
ما الذي يمكنك فعله لتحقيق أقصى استفادة من طعامك وشرابك في المستشفى؟
وفي الختام لا بدَّ من التنبيه إلى أن التوجيهات الصحية والغذائية لمواجهة مرض COVID-19 تطور باستمرار، ومن المهم أن نعلم أنَّ التغذية السليمة عمومًا وتناول كمية كافية من البروتين خصوصًا يؤديان دورًا مهمًّا في علاج المرض والشفاء منه، ولكن لا يوجد هناك إجماع على الكمية المثالية من البروتين التي يجب توفيرها للمصابين، ثم إنَّ الآليات المحددة المضادة للالتهابات للأحماض الأمينية مثل الغلوتامين ليست مفهومة تمامًا، ومع ذلك فإنَّ العلاج الغذائي -بما في ذلك مكملات البروتين- مهم بوضوح، ويجب استخدامه إلى جانب التدخلات الدوائية لمساعدة المزيد من المرضى على التعافي من COVID-19.
المصادر:
2. Fernández-Quintela A, Milton-Laskibar I, Trepiana J, Gómez-Zorita S, Kajarabille N, Léniz A et al. Key Aspects in Nutritional Management of COVID-19 Patients. Journal of Clinical Medicine. 2020;9(8):2589. هنا
3. Iddir M, Brito A, Dingeo G, Fernandez Del Campo S.S, Samouda H, La Frano M.R et al. Strengthening the Immune System and Reducing Inflammation and Oxidative Stress through Diet and Nutrition: Considerations during the COVID-19 Crisis. Nutrients. 2020;12(6):1562. هنا
4. Ferrara F, De Rosa F, Vitiello A. The Central Role of Clinical Nutrition in COVID-19 Patients During and After Hospitalization in Intensive Care Unit. SN Comprehensive Clinical Medicine. 2020;2(8):1064-1068. هنا
5. Cengiz M, Borku Uysal B, Ikitimur H, Ozcan E, Islamoğlu M.S, Aktepe E et al. Effect of oral l-Glutamine supplementation on Covid-19 treatment. Clinical Nutrition Experimental. 2020;33:24-31. هنا
6. Barazzoni R, Bischoff S.C, Breda J, Wickramasinghe K, Krznaric Z, Nitzan D et al. ESPEN expert statements and practical guidance for nutritional management of individuals with SARS-CoV-2 infection. Clinical Nutrition. 2020;39(6):1631-1638. هنا
7. Stachowska E, Folwarski M, Jamioł-Milc D, Maciejewska D, Skonieczna-Żydecka K. Nutritional Support in Coronavirus 2019 Disease. Medicina. 2020;56(6):289. هنا
8. Support with eating well to help you recover from Covid-19 [Internet]. Bradford Teaching Hospitals; Available from: هنا