مغالطة الثنائية الزائفة (False Dichotomy Fallacy) وعقليّة اللونين الأبيض أو الأسود (Black or White Thinking)
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> علم المنطق والأبستمولوجيا
إن لم تكن معنا فأنت ضدنا!
كثيراً ما نصادف جملاً مشابهةً في أحاديثنا ونقاشاتنا وحتى قراءاتنا، فنجد أنفسنا أمام شخصٍ يَفتَرِضُ أنّ هناكَ خيارين أو نتيجتين ممكنتين فقط على الرّغم من وجودِ خيارات أخرى ويبني حججه على هذا الأساس، فهنا يقع في عقلية اللونين الأبيض أو الأسود (Black or White Thinking) وهي من صور الثنائية الزائفة (False Dichotomy)، وهذه العقلية أو الأسلوب في التفكير -إما أبيض أو أسود- قد يشملُ جوانبَ واسعةً من مواقفِ الفرد وسلوكياته وحديثه، ومغالطة الثنائية الزائفة هي جزء منه (1).
في هذه المغالطة يُقدّم المحاجج عدداً قليلاً جداً من الخيارات أو الحلول لحلِّ قضيةٍ ما، ثم يشيرُ إلى محاوره بوجوبِ اتخاذ خيارٍ من بين هذه القائمة المختصرة من الاختيارات، وبهذا يكون المُحاجج قد استبعد أو تجاهل خياراتٍ محتملةً أخرى لحل المعضلة، وافترض أنّ ما علينا قبولَه هو أحد الخيارات أو النتائج التي يقدمها (2).
مثال (1): إن لم تكوني نسوية فأنتِ ضد المساواة الجندرية.
إنِّ طرحَ الحالة على أنها تتضمن خيارين لا ثالث لهما، وأحدهما مفضل للمتحدث والآخر نقيضٌ له، هي محاولة لتكييف العالم حسب تصنيفاته وآرائه وتقييماته للصحيح والخاطئ (2). ومن الممكن أن تكون هذه الطريقة في المحاججة امتداداً لطريقةِ تفكيرٍ خاطئةٍ، إذ يظنّ الشخص أن الأمور إما بيضاء أو سوداء، وأن للقضية أو المشكلة احتمالين اثنين فقط لا غير، في حين أنه قد تكون هناك حلولٌ أكثر، وتُدعى هذه الطريقة في التفكير بتفكير الأبيض أو الأسود (3).
فعلى سبيل المثال، إن تجاهلَ وجود كثير من الحالات بين الجنون التام وسلامة العقل، والقول بأن أيَّ انسانٍ لا بدَّ من أنْ ينطبقَ عليه الوصف الأول أو الثاني ولا شيء سوى ذلك، هو من قبيل التفكير بطريقة الأبيض أو الأسود (1).
والجدير بالذكر أنّه ليس المقصود هنا أنّ طرحَ أيَّةِ حالةٍ بطريقةِ الأبيض أو الأسود هو غير مناسب على الدوام؛ ففي بعض الحالات لا يكون هناك سوى موقفين يجبُ الاختيار بينهما، فيمكن القول على سبيل المثال أنّ نتيجةَ عمليةٍ حسابيةٍ هي إما صحيحة أو خاطئة ولا تحتمل أي حلٍ إضافيٍ وسيط، أما الحالات التي تنطوي على مواقف وسيطة بين الطرفين، فسيكون التفكير فيها بطريقةِ الأبيض أو الأسود من قبيل التضييق المبالغ فيه، ويمكننا تشخيص هذا الأمر من خلال تحديد إذا ما كانت القائمة الخيارات المحددة عادلةً أو غير عادلةٍ لتتضمن جميع الآراء كما يمكن ملاحظته من الأمثلة الآتية (1,2).
مثال (2): إن أردْتِ أن تكوني جميلةً فلا بدّ من أن تستعملي هذا النوع من مساحيق التجميل
مثال (3): علينا أن نساعد المواطنين بدلاً من استقبال اللاجئين في بلادنا
المصادر:
2. Dowden B. Fallacies | Internet Encyclopedia of Philosophy [Internet]. Iep.utm.edu. [cited 10 March 2021]. Available from: هنا
3. Culver J. False Dilemma. In: Arp R, Barbone S, Bruce M, ed. BAD ARGUMENTS 100 of the Most Important Fallacies in Western Philosophy. 1st ed. Hoboken: John Wiley & Sons Ltd; 2018 . p. 346-347. Available from: هنا