أسطورة برج بابل: تطور اللغات بين الماضي والحاضر.
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> مصطلحات
إنّ هذه البدايةَ كانت فقط لنوضِّحَ أنَّ البشرَ نظروا إلى اللغةِ -منذ أقدمِ العصور- بوصفِها شيئًا مشترَكًا له تأثيرٌ كبيرٌ في حياتهم.
سيكونُ الحديثُ اليومَ عن اللغة، وباختصار، عن اللغاتِ الطبيعيةِ واللغاتِ المصطنَعة.
إنّ اللغةَ مِن أبسطِ الأمورِ وأكثرِها تعقيدًا في الآنِ نفسِه. هي ليست أمرًا بديهيًّا أو فطريًّا، بل فيها وبها ومعها ترتبطُ وتتشابكُ الكثيرُ من الأمورِ الاجتماعيةِ والأخلاقيةِ والاقتصاديةِ والسياسية، وكذلك الدينية. ولو كانت اللغةُ أمرًا ثانويًّا؛ لما نَتَجتْ دراساتٌ وتحليلاتٌ لطبيعةِ الشعوبِ وسكانِ الأرضِ استنادًا إلى لغتِهم.
وتمثّلُ اللغةُ شيئًا خارقًا في مسيرةِ تطوّرِ الإنسانِ وإدراكِه عبرَ العصور، فبواسطتها:
1- في المقامِ الأول، صار بإمكانِ الإنسانِ أنْ يتواصلَ معَ غيرِه من الناس.
2- وصار بمقدورِه أن يعبّرَ عن أفكارِه ومشاعرِه.
3- وبواسطةِ اللغةِ -ومن بعدِها الكتابة، تمكَّنَ الإنسانُ من توريثِ خبراتِه للأجيالِ اللاحقة، وتسجيلِ تاريخِ الحضارةِ البشريةِ وحفظِه.
4- استطعنا أنْ نَحُلَّ مشاكلَنا؛ فإنّ آخرَ الدراساتِ تؤكِّدُ على أنّ اللغةَ تستطيعُ أنْ توجِدَ حلولًا لمشاكلِ الإنسان، وكلما زادت قدرتُنا على إتقانِ اللغاتِ الحيّة؛ زادت إمكانيةُ سرعةِ الحلّ. فمن يتقنُ لغتين؛ كالعربيّةِ والإنجليزيةِ مثلًا؛ يملِكُ القدرةَ على حلِّ المشاكلِ التي تواجِهُه باستخدامِ هاتين اللغتين. وتخيّلوا حجمَ الأفكارِ والحلولِ والإبداعاتِ التي من الممكن أن يُنتِجَها شخصٌ واحدٌ إذا كان يتقنُ أربعَ أو خمسَ لغات!
باللغة، صار الإنسانُ كائنًا مُبدعًا!
إنّ تطوُّرَ اللغةِ في أيِّ مجتمعٍ من المجتمعاتِ يُعبِّر عن مدى تطوُّرِ هذا المجتمع؛ فالنهضةُ الحضاريّةُ الثقافيةُ والفكريةُ والعلميةُ في أيِّ بلد؛ مرتبطةٌ بالضرورة بمستوى اللغة.
ولكنْ ماذا لو عرفْنا أنَّ هناك قبيلةً تعيشُ في غاباتِ الأمازون بالبرازيل، وأنّ لهذه القبيلةِ لغةً خاصّةً مكوَّنةً من اثني عشرَ حرفًا فقط، جُلُّها حروفٌ صوتية، أي إنّها لغةٌ بسيطةٌ جدًّا. وأثناءَ البحثِ في هذه اللغة، تبيّن أنها خاليةٌ من كلماتٍ تدلُّ على الأيامِ وأسمائِها، وخاليةٌ كذلك من الوقتِ والألوانِ والأرقام، وغيرِ ذلك من التفاصيلِ البسيطةِ البديهيَّةِ التي يجب أن تكونَ موجودةً في أيِّ لغة!
بالتحليلِ العميقِ لهذه الحالة، وَجدَ العلماءُ أنّ مستوى التطوُّرِ لأيِّ مجتمعٍ كان، مرتبطٌ حتمًا بمستوى تطوُّرِ اللغةِ فيه وعُمْقِها. مِن هنا، نرى أنَّ اللغةَ تعكِسُ وجهةَ نظرِ الإنسان تِجاهَ الكونِ والعالَمِ ونفسِه ومَن حولَه.
بالرجوعِ إلى أسطورةِ بابل، وانطلاقًا مِن فكرةِ وحدةِ اللغاتِ بين البشرِ في العصورِ الحديثة، ظهرت فكرةُ إعادةِ توحيدِ اللغةِ بينَ سكّانِ الأرض، وأنْ تكونَ سهلةَ التعلُّم، وتُمكِّنُ البشرَ من التواصلِ في مختلِفِ أنحاءِ العالم. وهذا ما يُسمّى (اللغاتِ المصطنَعة) أو Constructed languages.
باختصار، اللغاتُ المصطنَعةُ هي لغاتٌ من صُنعِ البشر؛ صناعةُ شخصٍ أو مجموعةٍ من الأشخاص، وليست نتيجةَ تطوُّرِ ثقافةٍ معينة. ولعلَّ أشهرَ اللغاتِ المصطنَعة: لغةُ الإسبرانتو. ورغمَ عدمِ أصالةِ هذه اللغات، استطاعَ الكثيرون اعتمادَها. حتى إنّها قد لاقت اهتمامَ مُنتِجي الأفلام؛ فأصبحوا يولِّدون لغاتٍ خاصةً في حالاتٍ معينة؛ مثلَ لغةِ (كلينجون) بأفلامِ Star Trek، ولغةِ الـ(Minions) بأفلامِ Despicable Me، ولغةِ الـ(دوثْراكي) بسلسلةِ Game of Thrones، ولغةِ (نافي) بفيلم Avatar، والتي يُقالُ إنها جميعًا لغاتٌ مصطنَعةٌ كاملة.
أسطورة برج بابل:
هنا
قصة تطور اللغة:
هنا
How did language evolve?
هنا
How languages evolve?
هنا
اللغات المصطنعة:
هنا
هنا