نشأت حركة الدادا بعد الحرب العالمية الأولى، ردة فعلٍ على مخلفات الحرب البورجوازية والسياسية، واستعملت السخرية من القيم التقليدية، والمواد غير المألوفة أسلوبًا فنيًا، مثل القصاصات والمخلفات والشعارات المختلفة، وشملت عددًا كبيرًا من الفنانين والمثقفين وأعطتهم المرونة وعبرت عن اعتناقهم جنون العالم، ومن ثم منعهم من أخذ عملهم على محمل الجد أو الوقوع في الحماس المفرط أو أحلام اليوتوبيا، وهدفت إلى إشراك المشاهد في الأعمال الفنية، إذ نجحت في تأسيس دائرة اللاوعي في الجمهور الذي كان قد نسي حدود التربية على التحيزات، وذلك بهدف الاستبعاد المطلق لكل ما هو تقليدي، لذلك ربما يشير مصطلح دادا إلى الكلمات الأولى للطفل التي قد تشير إلى اللاشيء كما هو متعارف عليه في ثقافات العالم جميعها، فالحرية في تقييم الأعمال الفنية ليس لها حدود، والعبثية في استخدام الأدوات لكل ما هو فني هدفه تصوير الواقع، وليس التركيز على الناحية الجمالية.

بدأت حركة الدادا وسط الحرب العالمية الأولى، في سويسرا، احتجاجًا على الحرب، حيث جذب "مقهى فولتيير" عددًا من الفنانين والكتاب، ثم انتشرت في نيويورك وكولونيا وهانوفر وباريس (1,2).


Image: http://d2jv9003bew7ag.cloudfront.net/uploads/Left-Poster-for-Kunstlerkneipe-Voltaire-made-in-1916-for-February-5th-Right-Spiegelgasse-1-Location-of-Cabaret-Voltaire.jpg

كانت اللامبالاة عنصرًا حاسمًا في الفن الدادائي، سواء كان ذلك بسبب عدم احترام البورجوازية، أم السلطات الحكومية، أم الأساليب الفنية التقليدية، واعتمدت على المواد الجاهزة للوصول إلى أن لا شيء له قيمة جوهرية (1).


Image: https://apollo.imgix.net/content/uploads/2016/05/3-1.jpg?auto=compress,enhance,format&crop=faces,entropy,edges&fit=crop&w=900&h=600

سخر الدادائيون من القيم المجتمعية كلها، فعلى الرغم من الخصائص التي كان يُفترض أن تجعل الحضارة الأوروبية أعلى من تلك الموجودة في غيرها، لكنها لم توقف ذبح أكثر من مليوني جندي خلال الحرب (3).


Image: https://www.tate.org.uk/art/images/work/T/T07/T07108_10.jpg

كانت المصادفة مفهومًا رئيسيًا يقوم عليه فن الدادائية معظمه، كما في جمع المواد المكسورة والمهملة، فعمل شويترز على إظهار قدرة الفن على إعادة تشكيل عالم متصدع وإعادة تخيله من أنقاض الحرب (4).


Image: https://www.theartstory.org/images20/works/schwitters_kurt_1.jpg

وقد أثرت مخلفات الحرب في أعمال إرنست، ففي تكوين مخلوق غريب؛ جسده قنبلة إنكليزية، أطرافه كراقصة شرقية، ومروحة تعمل غطاء لرأسه، كانت نزوته تنزع فتيل الخوف المرتبط بالقنابل (5).


Image: https://d32dm0rphc51dk.cloudfront.net/ukQrf9n-Fux05Lqxe_hUmg/large.jpg

يذكر الشاعر تريستان تزارا أن "بدايات الدادائية لم تكن بدايات الفن، بل كانت بداية للاشمئزاز"، فقد أعاد الدادائيون تخيل الفن بصورة استفزازية، باستخدام مواد غير تقليدية، لتكوين لوحات كاريكاتورية ساخرة (1,2).


Image: http://www.rudedo.be/amarant04/wp-content/uploads/2014/05/duchamp23.jpg

طوّر Hausmann الصورة المركبة بوصفها أداة للسخرية والاحتجاج السياسي، تشير قطعة الأوراق النقدية الألمانية الموجودة خلف رقبة الناقد إلى أنه مسيطَر عليه من القوى الرأسمالية، إضافة إلى مظهر العينين الغامض (6).


Image: https://www.tate.org.uk/art/images/work/T/T01/T01918_10.jpg

وكالأسلوب المعتاد في الفن الدادائي قطّعت هانا هوش صورًا لمثقفين وراديكاليين وفنانين وأعادت تجميعها، مثل وجه ماركس ولينين وبولا نيغري وكاثي كولويتز، إضافة إلى بقع من أوروبا التي تضمن حقوق النساء (5).


Image: https://www.theartstory.org/images20/works/dada_6.jpg?3

يقدم الفن الدادائي مفارقات عدة، إذ يسعى إلى إزالة الغموض من العمل الفني بالمعنى الشعبوي ولكن يبقى غامضًا بما يكفي للسماح للجمهور بتفسير الأعمال بطرائق متنوعة، بهدف الاستبعاد المطلق للفن التقليدي (2).


Image: https://i.pinimg.com/564x/ae/c4/c2/aec4c2c3751afd1b5c327c96101f6fd8.jpg

المصادر:

1. MoMA | Dada [Internet]. Moma.org. [cited 2021 May 1]. Available from: هنا

2. Dada Movement Development, Concepts, Influence [Internet].TheArtStory. [cited 2021 May 1]. Available from: هنا

3. Battersby C. ‘Behold the Buffoon’: Dada, Nietzsche’s Ecce Homo and the Sublime – Tate Papers [Internet]. Tate. 2010 [cited 2021 May 1]. Available from: هنا

4. Kurt Schwitters Artworks & Famous Art [Internet]. The Art Story. [cited 2021 May 1]. Available from: هنا

5. Dada - Important Paintings, Collages, Photos [Internet]. The Art Story. [cited 2021 May 1]. Available from: هنا

6. ‘The Art Critic’, Raoul Hausmann, 1919–20 [Internet]. Tate. [cited 2021 May 1]. Available from: هنا