كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي في رضا المستخدمين عن أجسادهم؟
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> علم الاجتماع
أما اليوم ومع تقدم الحياة وتطورها، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بمنصاتها المتنوعة، والإقبال الكبير على استخدامها يوميًّا، فقد أثرت في تصوراتنا وذوقنا العام وفي معايير الجمال، فشكَّلت جزءًا من الضغط الاجتماعي لقبول صورتنا الذاتية أو رفضها والصراع معها، والعمل على إبرازها بأجمل صورة؛ إذ يتضح ذلك باختيارنا أفضل الصور وتعديلها وتحسينها، وساهمت كذلك في زيادة المقارنة بيننا وبين المشاهير وأصدقائنا ومعارفنا والصور المثالية للجمال التي تُنشر في مختلف المنصات (1).
إنَّ التدفق الكبير للمعلومات والصور على وسائل التواصل الاجتماعي، جعل منها مصدرًا رئيسًا ومهمًّا لتعزيز الصور النمطية عن معايير الجمال المثالي والأنموذجي، وكيفية الوصول إلى هذا الأنموذج بغض النظر عن الخصوصية الفردية والعرقية، وهذا ما سبَّب القلق الكبير تجاه صورة الجسد والخوف من زيادة الوزن (وهو ليس بخوف ناجم عن أسباب صحية؛ بل لأنَّ الصورة المثالية التي يُروَّج لها هي الجسد النحيل)، وقد أدَّى هذا القلق إلى اضطرابات سلوك الأكل لدى الشابات والمراهقات تحديدًا، وكذلك إلى السعي إلى بحثٍ أكثر عن طريق وسائل التواصل عن تقييم الذات، وعن طرائق إرشادية ملهمة للوصول إلى الأنموذج المثالي المنشود، وساعد في ذلك انتشار إعلانات ومحتوى يدعم أفكار فقدان الشهية ويؤيدها، والحميات الغذائية القاسية، وأدوية فقدان الوزن، التي تَعِد الفتيات بالحصول على الجسد المثالي في فترات قصيرة، وتعزز هذا المحتوى بصور لفتيات نحيلات بأجساد ممشوقة، بالإضافة إلى ذلك كان هنالك تأثير كبير للعائلات والأصدقاء في نَقْل الضغوطات حول أنموذج الجمال المثالي وتعزيزها من خلال المقارنات الاجتماعية (2).
ويبدو أنَّ هناك ارتباطًا بين مقدار الزمن الذي يقضيه الفرد في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى رضاه عن صورة جسده، ولاحظت الدراسات أنَّ هؤلاء الأفراد لديهم سعيٌ أكبر للحصول على جسد مثالي، ومراقبة أجسادهم بصورة أكبر، وهذه النتائج ليست مقتصرةً على الإناث فحسب؛ بل تنطبق على الذكور أيضًا، وكذلك هناك كثرة الصور المنشورة على المنصات المختلفة؛ إذ تُحمَّل 10 ملايين صورة جديدة على الفيس بوك كل ساعة تقريبًا، فتتيح للمستخدمين إجراء مقارنات بين مظهرهم ومظهر أقرانهم، وخصوصًا أولئك الذين يُنظر إليهم على أنَّهم أكثر جاذبية، ممَّا ينعكس على المستخدمين، فيكوِّنون صورة سلبية وعدم رضا عن أجسادهم، وإنَّ الأنشطة المختلفة على المنصات من عرضٍ لهذه الصور وتعليقٍ عليها يساهم في تكريس هذه التصورات أيضًا (1).
وقد رُبِط كذلك بين الرضا عن صورة الجسد وشكله ومدى تقدير الذات واحترامها، خصوصًا لدى الفتيات المراهقات؛ إذ تُعدُّ صورة الجسد مركزية بالنسبة إلى الفتيات، وذلك لأنَّهن خضعن إلى تكوين اجتماعي منذ صغرهن بأنَّ المظهر وشكلهن أساسٌ مهم لتقييمهن الذاتي ولتقييم الآخرين لهن، وهذه إشكالية تتضح أكثر في المجتمعات ذات الطابع الاستهلاكي، بينما يُعدُّ احترام الذات لدى الفتيان المراهقين أكثر استقرارًا منهن (3).
إنَّ تقديم أنموذج محدد لجمال الأنثى يصعب الوصول إليه وترسيخه عن طريق مختلف وسائل الإعلام، ووسائل التواصل المختلفة والأفلام والمسلسلات، وإظهار البطلات بإطلالات غاية في الرشاقة والنحافة؛ إذ يكنَّ قد خضعن لعمليات جراحية تجميلية، ولتعديل صورهن رقميًّا، وهذه الأمور جميعها تُعدُّ مصدر قلق حقيقي للفتيات في فترات المراهقة خاصةً، وما يرافقها من تغيرات جسدية تتمثل بتراكم الدهون وظهور حب الشباب التي تزيد العبء، فتظهر سلوكيات قد تكون مضطربة مثل؛ التشنج اللاإرادي لفقدان الشهية، وذلك لإنقاص الوزن، وقد تلجأ الفتيات إلى تعديل صورهن، أو تصل الأمور إلى الإقبال على العمليات التجميلية بهدف الوصول إلى الشكل المثالي (3).
هل تعرضتم إلى ضغوطات تفرض عليكم مظهرًا معينًا؟ وكيف يمكن للأفراد التصالح مع مظهرهم وتقبله في رأيكم؟!
المصادر: