النظرية الثلاثية في المعرفة
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
النظرية الثلاثية في المعرفة والتي تُفسّر المعرفة على أنّها اعتقاد حقيقي مُعَلّل. تنصّ النظرية الثلاثية بأنّك إذا كنت تعتقد بشيء ما، ولديك التبرير الكافي لاعتقادك، وهذا التبرير صحيح، عندها أنت تعرف هذا الشيء معرفة فعلية حقّة، وإلا فأنت لا تعرفه حقاً.
• الاعتقاد:
إنّ أول شرط من شروط المعرفة، وفق النظرية الثلاثية، هو الاعتقاد. فإذا لم تكن تعتقد بشيء ما، لايمكنك معرفته. حتى إذا كان ذلك الشيء حقيقياً وصحيحاً، وكانت لديك أسباب كافية وحقيقية للاعتقاد بصحة ذلك الشيء، لا يمكنك معرفته من دون أن تعتقد به أولاً.
• الحقيقة:
الشرط الثاني للمعرفة، وفق النظرية الثلاثية، هو الحقيقة. إذا كان الشخص يعرف شيئاً ما، فهذا معناه أنّه حقيقي، بالنسبة له على الأقل. ومهما يكن هذا الاعتقاد مبرّراً وخالصاً، فلا يمكن أن يتضمّن أيّة معرفة إذا لم يكن صحيحاً. فلو أنّ هناك اعتقاد اعتقد البشر بصحته منذ أقدم العصور، واُكتشف لاحقاً أنّه خاطئ أو غير صحيح، عندها يجب على المرء أن يُقرّر أنّ ما كان يعتقد أنّه يعرفه حقاً، كان غير معروفٍ في الحقيقة. فهو خاطئ لايمكن معرفته، فالمعرفة يجب أن تكون معرفة ماهو حقيقي.
• التبرير:
الشرط الثالث للمعرفة هو التبرير. فلكي تعرف شيئاً ما، لايكفي أن تعتقد مجرّد اعتقاد بصحّته، بل على المرء أن يكون لديه سببٌ كافٍ يبرّر اعتقاده. التخمينات المحظوظة لايمكن أن تتضمّن معرفة فعلية، ولايمكننا معرفة أي شيء بشكل فعلي، إلا إذا كانت لدينا أسباب كافية للاعتقاد به. فإنَّ النظرية الثلاثية في المعرفة تقوم على تحليل المعرفة بوصفها اعتقاداً حقيقياً مبرّراً. وحسب هذا التحليل، إذا كانت فكرة ما حقيقية، ونحن نعتقد بصحّتها، ولدينا التبرير الكافي للاعتقاد بصحّتها، إذن فإنّنا نعرفها ومتأكّدون منها.
- حالات غاتييه:
إنّ النظرية الثلاثية في المعرفة مقبولة ظاهرياً من الناحية الحدسية. لكن منذ أن قام إدموند غاتييه بنقدها في ستينيات القرن الماضي، مستخدماً تجارب عقلية تعرف الآن باسم "حالات غاتييه"، قد تمّ رفضها الآن على العموم. ومع ذلك، مازالت هذه النظرية تستخدم كنموذج فاعل، وقدعُمل به من قبل العديد من الفلاسفة. ومع أنّ النظرية الثلاثية في المعرفة كانت موجودة منذ زمن أفلاطون، وبالرغم من أنّها مازالت مستخدمة من قبل العديد من الفلاسفة بوصفها نموجاً فعّالاً للمعرفة، إلا أنّها خاطئة. وقد تمّ إثبات ذلك على يد الفيلسوف إدموند غاتييه، الذي طوّر مابات يعرف الآن باسم "حالات غاتييه".
حالات غاتييه: هي حالات تحقّقت فيها شروط المعرفة الثلاثية الثلاث، أي حين يمتلك المرء اعتقاداً حقيقياً مبرراً، لكن حيث لا وجود للمعرفة. إنّ وجود هذه الحالات يبيّن أنّ هناك شيئاً ما في المعرفة أكبر من مجرّد الاعتقاد الحقيقي المبرّر، وبذلك تكون النظرية الثلاثية في المعرفة خاطئة. فحالات غاتييه تبيّن لنا أنّه من الممكن أن نمتلك اعتقاد حقيقي مبرّرة بدون أن تكون لدينا معرفة فعلية، لذا فالنظرية الثلاثية في المعرفة، التي تنصّ بأنّ الاعتقاد الحقيقي المبرّر والمعرفة هما الشيء ذاته، خاطئة.
- معرفة بدون اعتقاد:
وفق النظرية الثلاثية في المعرفة، المعرفة ماهي إلا اعتقاد حقيقي مبرّر. وهناك مثال مضاد لهذه النظرية هو حالة الطالب المتوترّ. ويفترض أنّ هذه الحالة تمثّل حالة معرفة بدون اعتقاد، وتثبت أنّه من الممكن امتلاك معرفة بدون حتى مراعاة الشروط الثلاث الضرورية للنظرية الثلاثية في المعرفة، وأنّ تلك الشروط الثلاث غير ضرورية لأيّ نوع من أنواع المعرفة.
ويمكن تلخيص حالة الطالب المتوتّر على الشكل التالي:
طالب في صفّ التاريخ قد تعلّم أنّ معركة تشرين قد وقعت عام 1973. هذا الطالب، بطبيعة الحال، يفتقد للثقة بالنفس، لذا عندما سُئِل في صفّ لاحق عن تاريخ وقوع معركة تشرين كان مقتنعاً بأنّه لايعرف. يخطر التاريخ "1973" بباله من حيث لايدري، لكنّه لا يلقِ له بالاً. وبغياب أيّة أفكار بديلة أخرى، يقدّم هذا التاريخ من حيث لايدري كإجابة على السؤال.
يبدو هذا الطالب بأنّه يعرف أنّ حرب تشرين قد حدثت عام 1973. لقد قدّم الإجابة الصحيحة للسؤال عند طرحه، وقد فعل ذلك لأنّه قد تعلّم التاريخ الصحيح.
ومن ناحية أخرى، قد يبدو أنّ الطالب لايعتقد أنّ الحرب قد وقعت عام 1973. وإذا سُئِل ما إذا كان يعتقد فعلاً أنّها حدثت عام 1973، فإنّه سيخالف هذا القول ويقدّم إجابة خاطئة، وهو أعلم الناس بما يعتقده وما لايعتقده.
لذا يبدو الطالب المتوتر بأنّه يمتلك معرفة بدون اعتقاد. فشروط المعرفة التي تقترحها النظرية الثلاثية في المعرفة لا تبدو ضرورية، إذ يبدو أنّ من الممكن تحصيل معرفة من دون تحقيق هذه الشروط الثلاث.
فلذا أتت هذه الحالة وألقت شكوكا على شروط المعرفة الثلاث مما أدّى إلى نفيها فيما بعد.
مصادر وقراءات أخرى:
هنا
هنا