تحرش جنسي أم مُغازلة أم مديح؟!
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> التحرش جريمة حتى لو بمسج
#التحرش_جريمة_حتى_لو_بمسج
في حين كانت إحدى الفتيات تقرأ الرسائل التي وصلتها بعد نشرها قصة (story) تظهر فيها صورتها على إحدى الشواطئ وهي تقضي إجازتها الصيفية، كان محتوى إحدى الرسائل من زميل عمل سابق:
"كتير صاير عندِك لياقة".
لترد عليه الفتاة: "شكرًا كتير من ذوقك".
ثم يستكمل زميل العمل السابق برسالة أُخرى: "عَ هالجسم أكيد حياتك الجنسية غير شكل".
وهُنا ارتابت الفتاة وشعرت بالقلق، وهو شعور مُبرر، أليس كذلك أعزائنا المتابعين؟
هذا ما ندعوه تحرشًا جنسيًّا إلكترونيًّا.
وصف الباحثون التحرش الجنسي عبر الإنترنت (Cyber Sexual Harassment) أنه مجموعة من الصور أو النصوص المُسيئة جنسيًّا التي تُرسل باستخدام الوسائط الرقمية، وللأسف فإن الانتشار الكبير للتكنولوجيا والإنترنت لم يُساعد على الحد من هذه المشكلات الاجتماعية بل للأسف على العكس، فبينما تُسهّل التكنولوجيا الروابط الاجتماعية، تُقدم أيضًا طرائق جديدة تجعل الأشخاص وبالأخص الفتيات أكثرَ عرضًة لتجربة التحرش الجنسي، إذ يمنح التحرش الجنسي الالكتروني المُتحرشين مزايا إضافية مقارنة بالتحرش على أرض الواقع إذ يمكن للمتحرش الجنسي استهداف الضحايا بسهولة أكبر عبر اختراق حواجز جغرافية مختلفة والوصول لعديد من الضحايا في وقت واحد، كما وبإمكانهم إخفاء هُويتهم مما يجعل إمكانية السيطرة على الأمر ومعرفة المتحرشين أمرًا معقدًا للغاية (1).
مثال: بدأت سُميّة بالحديث إلى سعد منذ عدة أشهر، عندما أبدى لها إعجابه برسائل متعددة على وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت تشعر بقليل من الإعجاب تجاهه، لكن في إحدى المرات وبينما يتحدثان أرسل لها صورة عارضة أزياء مشهورة تظهر بملابس البحر في جلسة تصوير خاصة قائلًا: "حسيت اللي لابستن بيطلعوا حلوين عليكي"
قد يقول لك إحدى المُتحرشين: "ما كُلُّ هذه العُقَد! كُنت أُغازلكِ فحسْب".
لكنّ المغازلة أمرٌ مُختلف تمامًا عن التحرش الجنسي، قد تتسائلون كيف هذا! لا تقلقوا الإجابة الصحيحة لدينا.
تُشير أغلب الأبحاث إلى أن هناك ثلاثة أسباب رئيسة تجعل الناس يغازلون:
1. لإبداء انجذاب جنسي للطرف الآخر.
2. قد يُغازل الشخص شخصًا آخر مُعجبًا به/ها لمعرفة ما إذا كان الآخر يراهم جذابون.
3. والرأي الثالث يرى أن المغازلة قد تحدث ببساطة لتمضية الوقت (أي مُجرد مجاملات) (2).
إذًا فالمغازلة هي تصرف ينم عن اهتمام الشخص، ويتجلى في رسائل وتلميحات غير شفوية لإبداء هذا الاهتمام لتجنب الإحراج الذي قد يصدر عن الرفض من الطرف الآخر، هذه التلميحات قد تأتي بصورٍ مختلفة، كالابتسام والعناية الزائدة بالمظهر أمام الشخص الآخر أو بشكل إطراءٍ أو اهتمامٍ زائد (2)، أما التحرش الجنسي فيحدث عندما يطلب أو يذكر الشخص إيحاءاتٍ وطلباتٍ جنسية غير مرغوبة من الطرف الآخر (أي إنه غير مقبول تمامًا من قبل الطرف الآخر) (1). من هنا يمكن أن نقول إنّ رضى الشخص الآخر (المسبق) وطبيعة الرسائل والمحادثات هما شرطان أساسيان لنعدَّ التصرف يصب في دائرة المغازلة.
وتتشارك المغازلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع المغازلة في الواقع بالدوافع المماثلة لكن ما يختلف هو الوسائل فحسب، والاعتماد على النصوص الكتابية والرسائل أكثر منها على إيماءات التواصل الجسدي (2).
مثال: رامي وسيلينا عاشقان في مقتبل العمر، بينما كانت سيلينا تتصفح الإنترنت انتبهت لتحديث جديد في صفحة رامي الشخصية وهو صورة جديدة له يرتدي بها قميصًا بنفسجيَّ اللون، فتُعلِقُ على المنشور: "بتعرف إنو اللون الموڤ كتير بيلبقلك!"
نعم، هذا ليس تحرشًا بل مُغازلة.
لكن ما هو المديح أو الإطراء؟
لنُلقِ نظرة على باسمة التي بينما كانت تدرس محاضراتها وتشعر بالتوتر قبل امتحانها لتنتبه إلى إشعار جديد في هاتفها، فتكون رسالةً من عادل -الشاب الذي تكنُّ له إعجابًا شديدًا- ويقول محتوى الرسالة: "بعرف أنك قبل كل امتحان بتكتئبي وبتتدايقي لهيك ما عاد بتفتحي نت، بس حبيت قلك إنك مو بس أحلى بنت شفتا، وأذكى وحدة كمان.. عندي ثقة فيك".
لنُلقِ نظرة على باسمة التي تعزف في حفلة موسيقية في الجامعة، ليقترب منها عادل زميلها في الصف ويقول لها "عزفك كان كتير حلو".
نعم؛ هذا هو الإطراء (Compliment)
غالبًا ما يمدح الناس الأشخاص المُقربون منهم أكثر من أولئك الذين تربطهم بهم علاقات بعيدة. وبنظرة عامة نستطيع القول إنها معظم المجاملات تُخاطب مظهرَ الشخص أو ملابسه/ها أو أداءهم في بعض الأحيان (3).
وهنا تستطيعون أن تُخبروا كل من يحاول التحرش بحجج المغازلة وتقديم إطراءات أن الإطراء والمديح هو أمر مقبول ومُحبذ ولا يُشعِر الشخص بعدم الارتياح مثل التحرش، فعندما سُئلوا عن شعورهم عن تقديم المديح وتلقيه ذكر أغلب الناس بلا استثناء أن تجربتهم في تلقي المديح كانت إيجابيةً (3).
المصادر: