"البونوبو" المهدد بالانقراض قد يكشف عن أصل "دماثة الأخلاق" عند البشر
البيولوجيا والتطوّر >>>> التطور
المفارقة المؤلمة -على الرغم من ذلك- هي أنَّ هذه الحيوانات اللطيفة -التي تلقي اليوم الضوء على أصل سلوكنا الإنساني- هي أيتام البونوبو التي قتلنا أمهاتها فيما مضى!
اليوم هذه الحيوانات التي تُصطاد على نحو غير قانوني في وسط أفريقيا هي موضوع دراسة يُجريها الباحثان في علم التطور الإنساني "Brian Hare" و"Jingzhi Tan" من جامعة Duke في دورهام شمال كاليفورنيا.
اكتشف الباحثان -في أثناء عملهما مع القرود التي أُنقذت ووُضعت في محمية خاصة في كينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية- جانبًا اجتماعيًّا في سلوك البونوبو الذي اعتُقد سابقًا بأن البشر يتفردون به.
الصفات النفسية والقرابة مع الجنس البشري:
يحتمل البونوبو محب السلام الغرباءَ بصدر رحب على عكس الرئيسيات غير البشرية الأخرى بما فيها أقرب أقربائنا الأحياء "الشمبانزي"، ويُشارك البونوبو أيضًا حيوانات بونوبو أخرى لا يعرفها مصادرَ طعامه، وكذلك يُبدي شكلًا من أشكال التعاطف يُعرف بـ"عدوى التثاؤب".
تساعد هذه الاكتشافات على حل اللغز التطوري القديم المتعلق بسبب قدرة البشر على التعامل بلطف مع الغرباء ومساعدتهم حتى وإن كانوا ليسوا من أفراد عائلاتهم أو جماعاتهم، ويحتمل أن يكون ذلك السبب بيولوجيًّا.
لا شك في أن الثقافة والتعليم يؤديان دورًا مُهمًّا في تطور حس الإيثار (محبة الآخر) لدى الإنسان، لكن دراسة سلوك البونوبو تخبرنا بأن مورثاتنا تتحكم بأقوى أشكال التحمل والإيثار البشري.
تجارب ونتائج رائعة:
اختبر فريق الباحثين في مجموعة تجارب مدى استعداد البونوبو لمشاركة الآخرين، ووُضِع في إحدى هذه التجارب 14 حيوانَ بونوبو في قفص على جانبيه قفصان آخران تُركت الحيوانات داخلهما دون طعام. إحدى مجموعتي القفصين ضمت حيوانات تألفها حيوانات القفص الأوسط، أما المجموعة الأخرى فتتألف من حيوانات غريبة تمامًا. تُرِكَت لحيوانات القفص الأوسط كامل الحرية في أكل طعامها كاملًا أو فتح القفص ودعوة الآخرين إلى الطعام. النتيجة كانت أن 9 من أصل 14 حيوانًا ضحّوا بجزء من وجبتهم دون مقابل على الرغم من احتمال التعرض لخطر الجوع.
في تجربة أخرى؛ اكتشف "Hare" و"Tan" أن البونوبو يملك خاصة أخرى شبيهة بخاصة "التقاط" عدوى التثاؤب من الغرباء عند البشر، ليكون بذلك الحيوانَ الوحيد الذي يسلك هذا السلوك الذي ينطوي أيضًا على شيء من التعاطف.
مخاطر وتهديدات:
و لكن للأسف يبدو أن حبنا للغير لا يطال أقرباءنا البونوبو اللطيفة ذاتها؛ إذ يُعتقَد أن ما بقي من هذه الحيوانات يقل عن 20،000 بونوبو في موطنه الأصلي في الكونغو؛ وذلك بسبب الأنشطة البشرية، وتستمر أعداده في التناقص؛ إذ صُنِّف هذا النوع بأنه مهدد بالانقراض من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
أحد أكبر المخاطر التي تُهدد البونوبو هو الاتجار غير القانوني به في آسيا، فحسب كلام "Hare" يُباع الواحد منها بمبلغ يتراوح بين 50،000 و300،000 دولار لحدائق الحيوان والسيركات وهواة جمع الحيوانات في الصين.
والأسوأ من ذلك أن هذه الحيوانات المحبة تُقتل وتُباع من أجل لحومها أيضًا؛ إذ يكفي الحيوان الواحد لإطعام عائلة كبيرة عدة أيام؛ إذ تقول "Terese Hart" التي تعمل في وسط الكونغو مديرةً لمشروع "TL2" التابع لمنظمة "Lukuru" لأبحاث البراري: إن بيع البونوبو من أجل لحومها هو أكبر تهديد لبقائها.
لم تهتم الدراسة السابقة بدراسة مورثات البونوبو ومقارنتها بمورثات البشر؛ بل هي دراسة سلوكية تعدُّ انحدار البشر الحاليين من سلف مشترك مع القرود هو حقيقة علمية مثبتة وأن اشتراك البونوبو والبشر بالصفات السيكولوجية هو نتيجة طبيعية لتاريخ مشترك. ولا يزال هناك كثير من الأسئلة المربكة عن منشأ ذكاء الإنسان ووعيه المتطورَين إلى درجة مخيفة عن إدراك أسلافنا، لكن مثل هذه الدراسة التي قدمناها لكم قد تكون خطوة للأمام على طريق إيجاد جواب شافٍ.
المصدر
هنا
الصور
هنا
هنا
هنا