كيف يحولنا الغضب إلى "Hulk"؟
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
حاولوا معنا أن تستحضروا تجربةَ الغضب وتذكروا الأفكار والمشاعر والتغيرات الفسيولوجية والمواقف والسلوكيات التي تتبعها، ولنستعرض معاً الغضب من منظور فلسفي وأخلاقي.
يرى أرسطو أن الغضب ردَّ فعل فطري وغريزي، إذ يُعرِّف الغضب بأنه "رغبة مصحوبة بالألم في الإدراك"، فيرى أن الغضب هو أحد العواطف التي يصاحبها الألم أو اللذة.
وقد ينشأ إحساس الغضب إما نتيجة للإدراك المباشر، وإما بسبب تذكر الماضي، وإما من خلال توقع شيء في المستقبل، ولكن يختلف الغضب عن عواطف أخرى مثل الخوف أو اللذة، فهو يرتبط برغبة الانتقام من الإهانة؛ أي أنه من خلال التفكير في الانتقام في أذهاننا، فإن هذه الخيالات التي تنشأ قد تخلق المتعة (1).
وتؤيد الأبيقورية الغضب بوصفه موقفاً تفاعلياً، وذلك لأن المذهب الأبيقوري يؤكد دور القوة أو الصراحة في الحوار بين الأشخاص، فمثلاً يصف فيلوديموس ممارسة أبيقور بأنه يوبخ أصدقاءه ومعارفه في مجالسه العامة والخاصة (2).
أما في الكتابات الرواقية للفيلسوف سينيكا الذي يُعدُّ أشهر منتقدي الغضب، نرى أن الغضب يتشكل نتيجةً لرغبة غير إنسانية في إلحاق الألم (3).
ومع كل الأهمية التي يعزوها الرواقيون إلى التماهي مع الطبيعة، ويرون أن الحياة الطيبة الفاضلة هي الحياة وفقاً للطبيعة، وأي عاطفة تعد عصياناً لإملاءات العقل أو مخالفة للطبيعة لا بدَّ أن تكون رذيلة، مع كل ذلك، يحق لنا السؤال: أليس الغضب فعلاً طبيعياً؟
بقياس منطقي، يرى سينيكا أن الغضب يخالف طبيعة الإنسان المثالية لأنه يقوده للفرح بأذية غيره وعقابه ويناقش ذلك من ناحية أخلاقية ليجيب عن سؤال: هل للغضب أي فائدة للفضيلة؟
تعتمد الإجابة على هذا السؤال على مفهوم الغضب إضافة إلى مفهوم الفضيلة، ويركز سينيكا هنا تركيزاً أساسياً على الغضب في حالة الحرب أو ارتكاب الجريمة، ليكون غضب سينيكا هو الغضب المتعطش للانتقام الذي من شأنه أن يُسقط المنتقم أيضاً (4).
ومن ناحية معاصرة، فإن غضب مارثا نوسباوم يتضمن رغبةً في أن تسير الأمور على نحو سيئ للجاني؛ ومن ثم تستطيع القول بطريقة أو بأخرى بأن هذه الرغبة تمثل تعويضاً عن ارتكاب جريمة (3).
ويرى آدم سميث أن الإنسان الغاضب يهتم أكثر بالمطالبة بالاحترام والتقدير، والغاضب يشعر بالألم بدوره أيضاً (3).
وسواءٌ كانت تجربتنا مع الغضب تجربة دائمة التكرار أو نادرة الحدوث، يجب علينا معرفة الأسباب والدوافع الحقيقية خلفها، وأن نعبر عن غضبنا هذا بعيداً عن الأذى لأنفسنا وللآخرين.
أصدقاءنا، ماذا تفعلون عندما تغضبون؟
المصادر:
2. Gill C. Reactive and objective attitudes: anger in Virgil's Aeneid and Hellenistic philosophy. In: Braund S, W. Most G, ed. Ancient Anger Perspectives from Homer to Galen [Internet]. Cambridge University Press; 2004 [cited 2024 Mar 24]. p. 208-228. Available from: هنا
3. Silva L. Is Anger a Hostile Emotion?. Review of Philosophy and Psychology [Internet]. 2021 [cited 2024 Mar 24]; Available from: هنا
4. van Hoof L. Strategic Differences: Seneca and Plutarch on Controlling Anger. Mnemosyne [Internet]. 2007 [cited 2024 Mar 24];Fourth Series, Vol. 60, Fasc. 59:86. Available from: هنا