شبح الفارس مقطوع الرأس
كتاب >>>> روايات ومقالات
تّعدُ "أسطورة سليبي هالو" من أشهر القصص الأمريكية الكلاسيكية، فقد كتبها واشنطن إيرفينغ Washington Irving (١٧٨٣-١٨٥٩ )دبلوماسي ومؤرخ أميركي اشتُهر بكتابة القصص القصيرة التي شكلت جزءاً من صميم الأدب الأميركي، مثل قصة " Rip Van winkle " و قصة " the legend of sleepy hollow " التي نُشرت عام 1820,والتي تدور أحداثها عن مُدرس يخاف الخرافات يدعى (ايكابود كرين) وكيف انتهى مصيره على يد شبح "الفارس مقطوع الرأس". واشنطن ايرفينغ،أسطورة شبح الفارس مقطوع الرأس، ، دار بينجوين، ١٨٢٠ ص٦٤
تدور الحكاية في "سليبي هولو "، مستوطنة هولندية صغيرة في وادي هدسون بولاية نيويورك في أمريكا. هذه المدينة التي ذاعَ صيتها عن جوها المريب، و منازلها المسكونة، و الخوارق للطبيعة التي لم يستطع أحدٌ تفسيرها ممّا جعلها موطن القصص المخيفة آنذاك.
إن بطل القصة ايكابود كراين، أستاذ مدرسة،اشتُهر في القرية بثيابه الفضفاضة و قوامه النحيل، كثير التفكير و القلق، وشاءَ القدر أن يحط رحاله في مدينة " سليبي هالو" ليعمل مدرساً في مدرستها. إلا أن بطلنا كان محطًّ سخريةِ كبار القرية و صغارها، عندما بات قلقه وخوفه واضحان تجاه ما سمع من حكايات تلك القرية.
غير أن هذا الخوف تبدد عندما رأى السيدة (كاترينا ڤان تاسل) ، والتي تمكنت من سرقة قلب ايكابود من النظرة الأولى، فيقول واصفاً إياها عندما رآها للمرة الأولى : " كانت مزهرةً بعمر الثامنة عشر ، ممتلئة مثل طائر حجل، يافعةً و ناضجة بخدودٍ وردية كدراقةٍ من دراقاتِ أبيها.".
وكان والد كاترينا (بالت فان تاسل) من أشدِّ رجال القرية مهابةً وثراءً، ويحبُّ ابنته حباً شديداً : " كان فان تاسل إنساناً متسامحاً، أحبّ ابنته أكثر ممَّا أحب غليونه، وكما هو متوقع من إنسانٍ عقلاني وأب رائع مثله، لقد ترك ابنته تختار مسارها في كل شيء"
وسرعان ما تطور الإعجاب إلى حب ..هذا الحب الذي ضلَّ طريقه بين جمال كاترينا من جهة، وبين الطمع في ثروتها من جهة أخرى.
فعزم كراين على حضور حفلة لكبار القرية، متأملاً في أن يصيب حظه و يتمكن من الظفر بقلب كاترينا و يحزم حقائبه ويهرب من هذه القرية المشؤومة بعدها .
إلا أنه وفي أثناء الحفلة حال “بروم فان برونت” بينه وبين تحقيقه مرماه و الذي كان بدوره معجباً بكاترينا أيضاً، مما دفع كراين للانسحاب وجرَّ أذيال الهزيمة عائداً الى منزله، ولكنّه لم يتمكن من تحقيق ذلك هو الآخر.
ففي ضباب تلك الليلة الذي لف المدينة كالثعبان، وظلامها الذي أطبق على الشوارع و الغابات، لمح "كراين" وهو يمتطي حصانه، خيالاً يلاحقه، لقد كان خيالاً لفارسٍ بلا رأس! أخذت ضربات قلبه تطرق وتطرق، فراح “كرين“ يعدو مسرعاً نحو منزله، و ازدادت اسودادُ السماء شيئا فشيئاً، وكأن النجوم كانت تغوص في قلب السماء، لكن حصان “ايكابود” ارتعب بدوره و نال الخوف من قلبه ومن جسده، فهوى الى الأرض بعد أن رُميت عليه يقطينة مشتعلة !
وفي صباح اليوم التالي كان الأستاذ كراين مع حصانه قد اختفيا دون أثرٍ، وقيلَ فيما بعد أن الفارس الأسطوري دون رأس أنه من قتله، وقال آخرون أنها كانت مزحة من بروم بارات، وأنَّ كراين قد ولّى هارباً على إثرها.
صحيح أن مزارعاً قديماً، كان قد توجه إلى نيويورك قبل عدة سنوات أفاد أن: “ايكابود كرين ما زال حياً، وأنه ترك القرية لكونه خائف من أهوالها من جهة، ولأن الأنسة الحسناء رفضته من جهة أخرى ” .
أيّاً كان مصير " ايكابود كراين" ، فقصة سليبي هالو، كانت و ستبقى من أهم القصص المرعبة في الأدب لكونها من أوائل القصص التي تركت الأفق مفتوحاً أمام خيال القارئ، ومنذ أن نُشرت انقسم القُراء بين مصدقٍ وناقض لما احتوته من أحداث أو يراها آخر أساطيرَ.
لقد جسدت أسطورة سليبي هالو صراعاً بين العقلانية والخرافات، وتأثير القصص في تشكيل معتقداتنا و تصوراتنا من أزمنةٍ مضت وإلى الآن.
المصادر: