تقنية حديثة مستوحاةٌ من الأخطبوط
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
كيف يُمكن أن يكون الظُهور هو عَين الاختفاء، وهل الضعيف هو من يتماهى مع محيطه حتى لا يُعرف فَيَسلَم أو أَنَّها حِكمةُ اللبيب وحِنكتهُ ؟
إنهُ الأخطبوط كائنٌ لافقاري، فجِلده يرتسم كلوحةِ فنان في ثواني معدودة إما دفاعاً عن النفس أو للفت انتباه الإناث.
لنتعرف معاً، كيف يقوم بذلك وهل فهم هذه العملية يفتح آفاقاً علمية لتطبيقات تقنية؟
إن تمويه الأخطبوط ينتج على نحوٍ رئيس عن التعاون بين جِلده وجِهازه العصبي وبعض العضلات، ففي أسفل سطح الجلد مباشرةً توجد آلافُ الخلايا مُتغيرة اللون التي تُسمى "الخلايا الصبغية"، ويوجد داخل مركز كل خلية صبغية كيس مرن مليء بالصبغة يُشبه البالون الصغير، ويكون ملون باللون الأسود أو الأحمر أو الأصفر.
وتتحكم مجموعة معقدة من الأعصاب والعضلات في توسع الكيس أو انكماشه، فعند تمديد الكيس المملوء بالصبغة، يتجمع اللون في بقعة واحدة، ممّا يجعل اللون يبدو أكثر إشراقًا ووضوحاً.
وتوجد أسفل الخلايا الصبغية طبقةٌ من الخلايا العاكسة تُسمى "الخلايا القزحية"؛ إذ تحتوي الخلايا القزحية على صفائح عاكسة تُعطي ألواناً قَزحية خضراء وزرقاء وفضية وذهبية.
ويوجد أسفل الخلايا القزحية "خلايا بيضاء" تتكون من بروتين عاكس شفاف عديم اللون، وهي غريبة جداً في مملكة الحيوان، فهي تعكس ألوان البيئة، وتتوافق مع شدة الضوء المحيط، مما يجعل الحيوان أقل وضوحاً.
يتطابق عدد "الخلايا القزحية" مع عدد "الخلايا البيضاء" واحدًا لواحد.
ولكن الغريب أن الأخطبوط لايُغير من لون جلده وحسب بل ومن ملمسه أيضاً، ليُشابه ملمس الشيء الذي يُحاكيه. وذلك بِفضلِ عضلات تتحكم في حجم النتوءات على جلده (التي تُسمى الحُليمات papilla)، مما يُكوّن نسيجاً يتراوح بين النتوءات الصغيرة إلى الأشواك الطويلة، والنتيجة لهذه العملية المُعقدة هي تمويه يجعله غير مرئي تقريباً (1,2).
إنَّ القُدرة الفائقة للأَخطبوط على التمويه والتحكُم في اللون والملمس جعلا منه مصدرَ إلهام لفريق من الباحثين في كاليفورنيا في صنع أجهزة تمويه أو إرسال للإشارة.
وذلك عن طريق استعمال نظام يتضمن طبقة رقيقة من الحلقات الزرقاء المُحِيطَة لِدوائر بُنية اللون (تُشبه إلى حدٍّ كبير تِلك الموجودة على الأَخطبوط) محصورة بين قطب كهربائي شفاف وموصول بمُركب عضوي خطي شبيه بالنوناسين (أي أنه يحتوي على تسع حلقات مندمجة خطياً) وغشاء أكريلي، مع قطب كهربائي موصل آخر تحته.
وبالتالي تكون طريقة العمل أنه قبل التشغيل، نُلاحظ مناطق مُتقلصة ذات مظهر مرئي ساطع، ولكن بعد التشغيل، تتحول لمناطق موسعة ذات مظهر مرئي خفيف (أي تقلص وتمدد يشبه الأكياس الصبغية في جلد الأخطبوط).
فهذه الأجهزة يمكن أن تُستخدَم للتمويه بسبب اختلاف سطوع اللون ويمكن أن تُستخدم بوصفها أجهزة إرسال إشارات (3,4).
ولايزالُ المجال مفتوحاً لمزيدٍ من المفاجآت الطبيعية والتطبيقات العلمية التي لا حصرَ لها.
المصادر:
2. K. Octopus skin yields bright discovery. Nature. 2006 Dec 8; doi:10.1038/news061204-14 هنا
3. Pratakshya, Xu C, Dibble DJ, Aliya Mukazhanova, Liu P, Burke AM, et al. Octopus-inspired deception and signaling systems from an exceptionally-stable acene variant. Nature Communications [Internet]. 2023 Dec 22 [cited 2024 Sep 21];14(1). Available from: هنا
4. camouflage tech could cloak entire buildings [Internet]. Imeche.org. 2024 [cited 2024 Sep 21]. Available from: هنا