انطلاق المرحلة التالية من البحث عن المادة المظلمة
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
يُضاعف علماء المادة المظلمة من جهودهم في البحث عن الجسيمات المراوغة والتي يُعتقد بأنها تؤلف معظم المادة الموجودة في الكون. من الممكن الشعور بتأثير هذه الجسيمات الافتراضية بفضل قوة الجاذبية إذ يبدو أنها تجذب المادة العادية الموجودة في الكون بقوة الجاذبية ولكن لا يُمكن رؤية هذه المادة أو مشاهدتها.
لازالت التجارب، التي تهدف إلى رصد الحالات النادرة التي قد يحصل فيها تفاعل بين جسيمات المادة المظلمة وبين ذرات المادة العادية، تعمل منذ عقود دون تحقيق النجاح وقامت في الواقع باستبعاد الكثير من التفسيرات الأساسية المتعلقة بالمادة المظلمة. على أية حال، بدلاً من الاستسلام وإيقاف البحث، حصلت ثلاث تجارب كبيرة في الوقت الحالي على الموافقة للقيام بتحديثات كبيرة من المحتمل أن تؤدي إلى الوصول إلى درجة الحساسية اللازمة من أجل الوصول إلى هذه الجسيمات المفقودة والمراوغة.
التجارب التي تمضي قدماً هي:
1- البحث عن المادة المظلمة فائقة البرودة (SNOLAB-SuperCDMS).
2- تجربة المادة المظلمة LZ أو LUX-ZEPLIN.
3- وتجربة المادة المظلمة الأكسويونية (ADMX-Gen2)
تعد هذه التجارب من بين أكبر المشاريع وأطولها في هذا المجال. فازت هذه التجارب بحوالي 20 دعماً من عمليات الدعم القادمة من وزارة الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسسة العلوم الوطنية، التي قامت بالإعلان عن اختيار هذه التجارب لتكون تجارب المادة المظلمة من الجيل التالي.
ستقوم كل من تجربتي SuperCDMS وLZ بالبحث عن جسيمات مرشحة لتكوِّن المادة المظلمة وتُعرف بالجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل (WIMPs)، في حين ستقوم التجربة ADMX-Gen2 بالبحث عن جسيمات بديلة تُعرف بالأكسيونات (axions).
كان اختيار تجربتين تبحثان عن جسيمات WIMP مريحاً تجاه المخاوف المتعلقة بأن الميزانية الفيدرالية ستقوم بتقليص مساحة البحث في هذا المجال. يقول Blas Cabrera الفيزيائي من جامعة ستانفورد والمتحدث الرسمي باسم SuperCDMS، ‘‘ كان عدد منا يشعر بالقلق من أن تضييق التمويل سيؤدي إلى اختصار الجيل التالي من التجارب إلى تجربة واحدة فقط وهذا الأمر غير منطقي لعددٍ من الأسباب‘‘.
ووفقاً لـ Cabrera فإن أحد الأسباب التي تدل على حكمة الاستمرار في هذين المشروعين هو أن هذين المشروعين يستخدمان مواد مختلفة. فتجربة SuperCDMS ستستخدم مزيجاً من كواشف الجرمانيوم والسيليكون، في حين سيستخدم LZ الزينون السائل. إذا اصطدمت WIMP مع الذرات الموجودة في أي من الهدفين، ستقوم بتحرير كمية صغيرة من الطاقة القابلة للكشف بوساطة
التجربة. يقترح بعض الفيزيائيين النظريين المختصين في المادة المظلمة أن جسيمات WIMP قد تتفاعل مع عناصر مختلفة بمعدلاتٍ مختلفة. يقول Cabrera، ‘‘ربما تكون الطبيعة أكثر تعقيداً مما اعتقدناه في البداية، ويجب علينا التفكير بشكلٍ اوسع بكثير‘‘.
ويضيف، أنه من المنطقي الاستمرار في البحث ليس عن WIMPs فقط وإنما عن الاكسيونات أيضاً، التي يعتقد النظريون بأنها أخف بكثير وتتفاعل بتكرار أقل مما هي الحال مع WIMPs. يُمكن لكلا النوعين من الجسيمات أن يشرح الوفرة الظاهرية للمادة المظلمة الموجودة في الكون لكن لا نمتلك أي برهان على وجودها. (من المحتمل أن يكون كلا الجسيمات موجود، أو ربما يكون
لدينا مزيج آخر من الجسيمات قد يكون مسؤولاً عن المادة المظلمة).
يبدو أن قراراً نهائيا بخصوص الأكسيونات قد أصبح في متناول أيدينا. تقول Leslie Rosenberg، المتحدثة الرسمية باسم ADMX من جامعة واشنطن في سياتل، ‘‘بثقة عالية جداً، هذا الجيل الثاني من التجارب يُمكن له إما الكشف عن الأكسيونات أو نفي الفرضية‘‘.
يستخدم المشروع مغناطيس قوي جداً من أجل النيل من الأكسيونات إذا كانت موجودة وذلك عبر اكتشافها جراء تفككها إلى فوتونات. سيُنتج مثل هذا التفكك كمية صغيرة من الطاقة الكهرومغناطيسية والقابلة للكشف ضمن التجربة والتي يجب الحفاظ عليها عند درجة حرارة فائقة البرودة لحجب أي تأثير للإشعاعات الخارجية. ستعتمد النسخة المحدثة من التجربة على تكنولوجيا تبريد جديدة ستخفض من درجة الحرارة انطلاقاً من 1.5 كلفن (أو -271.6 درجة سيلسيوس -جليدية جداً في الواقع) ووصولاً إلى 100 ميلي كلفن فقط فوق الصفر المطلق. خلال ثلاث سنوات من العمل، ستقوم ADMX-Gen2 إما باكتشاف الاكسيونات أو البرهان على عدم وجودها –أو على الأقل نفي أو تأكيد وجود تلك الاكسيونات المقترحة في النماذج النظرية الحالية.
تضمنت تجارب أخرى (لم يتم اختيارها خلال هذه الجولة من البحث) الليزرات وما يُعرف بالحجرات الفقاعية، التي ستبحث عن الفقاعات الناشئة عندما تتفاعل جسيمات المادة المظلمة مع الذرات الموجودة في حجرة تحوي الكربون فائق السخونة، الفلور واليود.
يُخطط أحد مشاريع حجرة الفقاعات، المعروف بـ PICO، على المضي قدما بكل الأحوال والحصول على أقل تمويل ممكن أيضاً. يقول Juan Collar عضو فريق PICO من معهد كافيلي للفيزياء الكونية في جامعة شيكاغو، ‘‘لقد كانت الاراء ممتازة، لكننا غير جاهزين. نحن سعداء بالنتيجة، فقد كان الضغط علينا كبيراً جداً‘‘.
أثبتت المادة المظلمة أنه من الصعب جداً اكتشافها، هذه الصعوبة فاقت الكثير من توقعات الفيزيائيين عندما بدأوا البحث عنها.
مع ذلك، يرى الكثير ضوءاً في نهاية النفق. ربما يقوم الجيل التالي من التجارب في النهاية بالحصول على ما يحتاجه من أجل الكشف عن الجسيمات المفقودة بشكل نهائي. إذا لم تتمكن تلك التجارب من ذلك، سنعرف المزيد عن الجسيمات التي لا يمكن أن تشكل المادة المظلمة.
يقول Cabrera، ‘‘في العلم، عملية الاستبعاد تمتلك نفس أهمية عملية الاكتشاف. لكن بالطبع الاكتشاف أكثر متعة دوماً‘‘.
المصدر:
هنا