المرونة العصبية: هل يمكن للدماغ أن يكون قادراً على التغيّر؟!
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
اعتقد العلماء منذ القدم أنّ القدرات الإدراكية لدى الإنسان تصبح ثابتةً وغير قابلة للتغير بمجرد بلوغه سن الرشد، ولكن ومع بداية القرن العشرين وقع جدل حول هذه النظرية نتيجةً لظهور أدلةٍ جديدةٍ تشير إلى أن القدرات الدماغية هي في الواقع مرنة...
حسب مبادئ المرونة العصبية neuroplasticity فإن الدماغ يتغير بشكل مستمر استجابة للتجارب المختلفة؛ بما في ذلك السلوكيات المختلفة، وتعلم أمور جديدة، وحتى التغيرات البيئية والإصابات الفيزيائية. جميع هذه الأمور يمكنها أن تحفز الدماغ على تشكيل مسارات عصبية جديدة أو إعادة تنظيم مسارات موجودة، بعبارة أخرى تغيير طريقة معالجة الدماغ للمعلومات.
أحد أهم الأمثلة على المرونة العصبية في العمل، كانت تلك الدراسة التي تم إجراؤها على سائقي الأجرة في مدينة لندن. في لندن يجب على سائقي الأجرة قضاء قرابة عامين من التدريب في سبيل تعلم كيفية التنقل في منعطفات المدينة، وذلك قبل الحصول على رخصة القيادة. قام العلماء بدراسة ماقد تحدثه هذه المدة الطويلة من التدريب الصارم من أثر على أدمغة السائقين، فقاموا بإجراء فحص بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI لأدمغة السائقين، ومقارنتها بصور لأدمغة رجال أصحاء من نفس العمر ولا يعملون كسائقي أجرة. فتبين أن منطقة الحصين hippocampus (هي المنطقة من الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتوجهات (الملاحة navigation)) أصبحت أكبر لدى السائقين، كما لاحظوا أنه كلما أمضى سائق الأجرة فترة أطول في التدريب كلما زاد حجم الحصين، وذلك استجابة إلى الخبرة التي يكتسبها السائق.
تعد الحالة السابقة مدهشة فعلاً وقد أوحت تجربة سائقي الأجرة في لندن إلى بعض أعضاء المجتمع العلمي بمتابعة الخطوة المنطقية التالية في هذا البحث بدلاً من انتظار رؤية كيف يمكن أن يستجيب الدماغ للظروف المحيطة، فكان السؤال هل يمكن توجيه هذه القدرة على التغير بحيث نستطيع استهداف تحسينات في قدرات محددة؟
بدأ علم التدريب المعرفي cognitive training بالبحث عن جواب لهذا السؤال، في عام 2013 تم تسجيل نتائج 30 دراسة في التدريب المعرفي في قاعدة البيانات الحكومية، وشملت هذه الدراسات شرائح مختلفة من الأشخاص، بما في ذلك البالغين الأصحاء، والكبار في السن، والأطفال الذين يعانون من اضطرابات وراثية. ومازال العلماء بانتظار الوصول إلى نتائج أدق تخص هذا الموضوع..
المصدر:
Hardy، J.، Farzin، F.، & Scanlon، M. (2013). The Science Behind Lumosity Version 2
هنا
(num. 15)
مصدر الصورة:
هنا