صناعة المخللات
الغذاء والتغذية >>>> رحلة الغذاء
ما هو المشترك بين المخللات، الخبز، العيران والجبنة؟ جميع هذه الأطعمة يتضمن تصنيعها مرحلة تخمير وخلال هذه المرحلة يتم تشجيع نمو كائنات دقيقة "جيدة" في هذه الأطعمة، ومنع نمو الكائنات المسببة للفساد. ولكي تتم هذه العملية بنجاح يجب إضافة بعض المكونات الخاصة وضبط الظروف المحيطة بالمواد المتخمرة كالحرارة ودرجة الحموضة.
في المخللات، تغمر الخضروات بعد تجريحها أو ثقبها أو تقطيعها في محلول ملحي وتخرج بعد ذلك سكريات الخضروات الى المحلول الملحي بسبب فرق التركيز بينهما، مما يسمح بنمو بكتريا جيدة تقوم باستهلاك سكريات الخضروات وانتاج حمض اللاكتيك ومركبات نكهة اخرى تضفي على كل نوع من المخللات نكهته المميزة.
طبعاً ما يمنع نمو البكتريا الضارة هو الملح في المحلول الملحي، يضاف اليه الأثر الحفظي لنواتج عملية التخمير كحمض اللاكتيك وثاني اوكسيد الكربون المنحل.
لا تقتصر فوائد عملية التخليل على إضفاء النكهة والطعم الرائعين، بل قد ترفع القيمة التغذوية للخضار أيضاً وتجعلها سهلة الهضم. فخلال عملية التخمير تنتج البكتيريا الفيتامينات أثناء قيامها بهضم مواد الخضروات. كما ان التمليح يسبب فقدان الماء من الخضروات مما يجعل فيتامينات الخضروات المنحلة في الدسم أكثر تركيزاً.
كما أن عملية التخمير تستطيع أن تحول ثماراً غير قابلة للأكل "حتى قد تكون سامة" إلى ثمار لذيذة وصحية. العديد من المجتمعات في إفريقيا وجنوب أمريكا تقوم بتخمير درنات الكاسافا الحاوية على السيانيد السام ليتم تجفيفها فيما بعد وانتاج طحين الكاسافا الذي يعد مصدر الكربوهيدرات الأول في تلك المجتمعات.
ليست الخضروات وحدها ما يستخدم في صناعة التخليل، بل إن هنالك أنواعاً من الفاكهة كالمانجو والعنب "الحصرم" والتين والبطيخ إضافة إلى اللحم والسمك وحتى البيض جميعها تستخدم كذلك في التخليل. وفي جزر المحيط الهادئ، حيث المناخ الدافئ والرطب يسبب الفساد السريع للأغذية، تقوم المجتمعات المحلية بحفظ الفاكهة في حفر تخمير وتتبع هذه الطريقة منذ ألفي سنة. حيث تحفر حجرات في أماكن جيدة الصرف وتبطن باوراق الموز لكي تحول بين الفاكهة والتراب. وتعتبر هذه الحفر مفيدة جداً لمعاملة وحفظ الفائض من الفاكهة لأوقات الأعياد والاحتفالات وأوقات الكوارث أيضا. فإذا اقترب إعصار من منطقة ما، تقطف اشجار الفاكهة وتخزن الثمار لمنع فسادها. ولشدة أهمية حفر التخمير في جزر فيجي، فإنه عندما يتقدم رجل ما لخطبة فتاه، يقوم والدا العروس بتفقد حفر التخمير لديه للتأكد من انه سيكون زوجا جيداً وقادرا على العناية بابنتهما وقت الضيق!!!
يعتبر العديد من الناس أيضاً محلول المخلل منتج مفيد، إذ يتميز بطعمه الغني بالمنكهات والتوابل والملح والخل وطعم الخضار. فقد تم استخدامه في الطبخ، وعلاج آلام الرأس! وكمشروب، ومستحضر تجميل للعديد من نساء شرق أوروبا!! "هذه الاستخدامات عبارة عن موروثات ولا تعني أن له بالضرورة أثر حقيقي".
وقد لعبت المخللات دوراً هاماً في رحلة أكتشاف كولومبوس للأمريكيتين عام 1492. ففي تلك الأيام كانت العديد من الرحلات العابرة للمحيطات تُعارض بشدة لأن الطواقم كانوا يصابون بمرض الأسقربوط scurvy، وهو مرض معروف منذ قرون بأنه يصيب البحارة والمستكشفين وينتج عن نقص فيتامين C لأن غذاء البحارة كان يعتمد على الأغذية المجففة. "إلا انه لم يتم عزل واستخلاص العامل المضاد للاسقربوط وهو فيتامين سي او حمض الأسكوربيك إلا في عام 1932".
الشخص المسؤول عن المؤن في رحلة كولومبس كان رجلا يدعى Amerigo Vespucci، وقد قام بتخزين كميات وافرة من المخللات الغنية بفيتامين C في سفن الرحلة NiñaوPintaو Santa Mariaمما ساعد في منع انتشار الإسقربوط في هذه الرحلة التي عبرت الأطلسي. ولكن ما حصل في النهاية هو أن أمريكا America أخذت اسمها من تاجر المخللات Amerigo الذي أصبح مستكشفاً!!!
مصدر الصورة: هنا
المصادر: هنا
هنا