تقنية جديدة تسمح بتغيير بنية الغرافين قد تقودنا لمعالجات أصغر وأسرع
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
الغرافين عبارة عن طبقات رقيقة جداً من الغرافيت،فعند الكتابة بواسطة قلم الرصاص تنتزع صفائح الغرافين من الغرافيت الموجود في قلم الرصاص وتلتصق على الورقة، بحيث يظهر الغرافين عند وضعه تحت المجهر الالكتروني ذو القدرة العالية بشكل بنية ورقية تترابط فيها ذرات الكربون بشكل مشابه للأسلاك المتشابكة.وجد الفيزيائيون في جامعة أريزونا أن تغيير مجال الحقل الكهربائي المطبق على هذه المادة يؤدي إلى تحويل الأجزاء التي تسلك سلوك المعدن منها إلى بنية تسلك سلوك المواد نصف الناقلة أو أشباه المعادن.
يعتبرالغرافين المادة الأقل سماكة في العالم، حيث نحتاج إلى 300000 شريحة من الغرافين لتعادل سماكة شعرة واحدة من شعر الإنسان أو لتعادل سمك ورقة عادية. أهتم العلماء والباحثون بهذه المادة لكونها قابلة للتطبيق في مجالات الأجهزة الدقيقة، وهو بدوره سوف ينقلنا من عصر استخدام السيلكون إلى عصر استخدام الغرافين. تكمن الصعوبة في هذه الطريقة بعملية التحكم بتدفق الالكترونات خلال هذه المواد، وهو الشرط الأساسي والضروري لوضع هذه المواد في أي نوع من أنواع الدوائر الالكترونية .
تمكن كل من براين ليروي وهو أستاذ مساعد بقسم الفيزياء في جامعة أريزونا ومعاونيه من السيطرة على التركيب البلوري للغرافين الثلاثي الطبقات trilayer graphene (أي ثلاث طبقات من الغرافين متوضعة فوق بعضها البعض) وذلك عن طريق التحكم بالحقل الكهربائي المطبق.
كما هو معروف،لتغيير التركيب البلوري لمعظم المواد نحتاج إلى تطبيق ضغوط عالية أو درجات حرارة مرتفعة أو كلا الأمرين.لذلك لا يتحول الغرافيت تلقائياً إلى ماس أو العكس.يقول ليروي "من النادر تغيير البنية البلورية لمادة معينة عن طريق تطبيق حقل كهربائي فقط ،إن الحصول على الغرافين الثلاثي هو أمر استثنائي وفريد من نوعه وذلك لإمكانية استخدام هذه المادة في صناعة الأجهزة الحديثة".
تتكدس الطبقات في الغرافين الثلاثي بطريقتين فريدتين من نوعهما. يمكن تمثيل هذا التكدس(التراص) بمجموعة كرات البلياردو الموضوعة ضمن شبكة ثلاثية(اعتبرنا الشبكة السداسية للغرافين عبارة عن شبكتين مثلثتين متداخلتين)،حيث تمثل هذه الكرات ذرات الكربون في طبقة الغرافين.عند وضع طبقة أخرى من كرات البلياردو فوق الطبقة الأولى فإن أماكن تموضوع الكرات في الطبقة العليا تكون ضمن الفراغات التي شكلتها مثلثات الطبقة الدنيا.وفي حال وضع طبقة ثالثة من كرات البلياردو فإنها ممكن أن تتموضع بشكل مشابه للكرات الموجودة في الطبقة السفلية.أو ممكن أن تنزاح قليلا بحيث تتوضع كراتها فوق الفراغات المشكلة من مثلثات الطبقة السفلية.وهو ما وضحه ماثيو يانكويتز طالب دكتوراه في السنة الثالثة في مختبر ليروي ، يتواجد هذين النمطين لتكدس كرات البلياردو بشكل طبيعي في نفس رقاقة الغرافين.يفصل بين هاتين المنطقتين حاجز حاد حيث يحصل اجهاد على الكربون السداسي لاستعاب التحول من نمط تكدس إلى نمط تكدس آخر.
حسب ليروي فانه وبسبب اختلاف التكدس على جانبي الحاجز فإن أحد الجوانب يسلك سلوك مادة معدنية أما الجانب الآخر فهو يسلك سلوك مادة نصف ناقلة.أثناء سبر هذه المناطق بتطبيق حقل كهربائي بواسطة الرأس المعدني الحاد لمجهر المسح النفقي ، لاحظ الباحثون في مجموعة ليروي أن بامكانهم تحريك موضع جدار المنطقة داخل رقاقة الغرافين .وبتحريك جدار المنطقة،سيتغير التركيب البلوري للغرافين الثلاثي.فالحقل الكهربائي حرك الحاجز،أي أصبح بالامكان ولأول مرة تغيير التركيب البلوري للغرافين بطريقة متحكم بها.الآن لدينا مايشبه زر تحكم يمكن تحريكه لتغيير المادة من كونها معدن إلى نصف ناقلة أو بالعكس وذلك بالتحكم بتدفق الالكترونات ،فهي زودتنا بمفتاح تشغيل - ايقاف الذي لم يكن متحقق بعد في الغرافين.
يراجع الباحثون الطرق الممكنة لاستخدام الغرافين في التطبيقات التكنولوجية على النطاق الصناعي. يقول يانكويتز أنه اذا استخدام مسرى واسع بدلاً من الرأس المدبب عند تطبيق الحقل الكهربائي .فمن الممكن تحريك الحدود بين النمطين لمسافة أبعد مما يجعل بالامكان تشكيل الترانزستورات من مادة الغرافين.
تعتبر الترانزستورات من أهم العناصر الالكترونية لأنها تتحكم بعملية تدفق الالكترونات حيث انه وعلى عكس الترانزستورات السيلكونية المستخدمة حالياً، يمكن للترانزستورات المصنوعة من الغرافين أن تكون رقيقة جداً مما يعني الحصول على أجهزة الكترونية أصغر ، كما أن سرعة حركة الالكترونات ضمن الغرافين أسرع بكثير من حركتها ضمن السيلكون وهذا يعني أجهزة ذات أداء وسرعة أفضل.
كما أن ترانزستورات السيلكون تكون أحادية النوع إما من النوع n أو من النوع p في حين يمكن لترانزستورات الغرافين أن تعمل على كلا النوعين مرة واحدة وهذا يساهم في تقليل سعرها واستخدامها على نطاق واسع.
المصدر: هنا