كيف تخدع الطيور لأخذ عيِّنات من دمها؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> بيولوجي
يقدم تحليل الدم معلومات مفيدة حول وظائف أعضاء الحيوانات وردود فعلها للأدوية أو العلاجات الأخرى كما يقدم بيانات عن تعداد الخلايا ومستويات الهرمونات والعوامل الممرضة بالإضافة للحمولة السمية وعيار الأجسام المضادة. لجمع عينات الدم يجب على الباحثين التقاط الحيوان البري وتخديره وهذا الإجهاد يؤدي لتغير كبير في بعض خواص الدم الحساسة للضغوط الخارجية كمستوى هرمون الكورتيكوستيرون، كما لا يمكن قياس مستويات الهرمونات إذا لم تؤخذ عينة الدم في غضون ثلاث دقائق.
تعد الخفافيش أكثر حساسية وعرضة للإجهاد الفيزيولوجي من الطيور لذا يحتاج العلماء إلى طريقة بديلة لسحب الدم دون استعمال المحاقن التقليدية. يمكن تحقيق ذلك باستخدام بقة من فصيلة Triatominae وتسمى "البقة اللاثمة" أو "البقة ماصة الدم" إذ وجد في العام 1986 أنها قادرة على امتصاص الدماء من أجنحة الخفافيش دون إيذائها كما يمكن جمع الدم من بطنها المنتفخة فيما بعد للدراسة. تتفوق البقة بمحقنها الفعال فهو أصغر بـ 30 مرة من المحقن التقليدي كما أنَّ لعابَها يحوي مخدراً ومواداً تعزز تدفق الدم خارجاً.
البيضة الكاذبة:
تقضي الطيور أوقاتاً طويلة من حياتها لحضن البيض لذلك تساءل بيتر: إذا كان بالإمكان تهريب هذه البقة إلى أعشاش الطيور بإخفائها في بيضة وهمية جوفاء ومثقوبة فستكون وسيلةً جيدةً للحصول على عينات الدم وحتى لو كانت هذه الطريقة ستزعج الطيور إلا أنَّها ستكون أفضل من اصطيادها لنفس الغاية. احتاجت البيضة الخدعة إلى تحديد تصميم مناسب لها في البداية؛ إذ وجب أن تكون ثقيلةً كفايةً لتجنب إثارة شكوك الأم الراقدة في العش ولهذا الغرض صنعت من مسبوك مادة راتنجية زيد وزنها بإضافة الرصاص إلى القشرة. بعد عمل ثقب وحيد في البيضة، اكتشف بيتر أنَّ الطيورَ تميل لقلب البيض وتدويره ما قد يغلق هذا الثقب لذلك أضاف عدة ثقوب محيطية. اختبرت البيوض المزيفة على طير خطاف البحر الشائع باستخدام إحدى أنواع البق المستوطنة في المكسيك إذ كان ثلث المحاولات ناجحاً وحصل بيتر على دم كاف للتحليل. طُوّرَ فيما بعد تصميم البيضة حتى الوصول إلى نسبة نجاح 80%.
يُستخرج الدم من بطن البق ببطء وعناية عبر ثقب صغير ويحتاج التعامل مع البق مصاص الدماء في المخبر وقتاً للتعود عليه، ومما يثير القلق إمكانيةُ تغيُّر تركيب دم داخل الحشرة لكن تبين أنَّه لا داعٍ للقلق، وذلك للأسباب التالية:
- إذا استُخرج الدم الممتص من الحشرة في غضون ساعات قليلة من لدغها للطائر أي قبل تخفيفها الدم وامتصاص عناصره المغذية، لن يتأثر تركيبه.
- يحتاج الدم أياماً لينتقل إلى معي الحشرة المتوسط حيث يهضم بشكل كامل.
- قورنت عيناتُ دمٍ أُخذت من الأرانب مباشرةً بتلك التي أخذت من البقة التي تطفلت على ذات الأرانب فلم يكن هناك اختلافات في الهرمونات أو الأجسام المضادة أو كيمياء الدم بين نوعي العينات.
- يمكن تمييز تلوث عينة الدم الهدف بالميكروبات أو دم الحشرة بسهولة عن طريق فحص الحمض النووي.
مع ذلك ظهرت مشكلة في هذه الطريقة وهي أنَّ البقة المستخدمة تنقل العامل المسبب لمرض شاغاس Chagas الذي قد تُسبب العدوى المزمنة به فشلَ القلب، لذا اقتصر استخدام البقة على الحيوانات الأسيرة الموجودة في المناطق المعتدلة إذ إنَّ نشرها في البرية ضمن ظروف المناطق الاستوائية خارج أمريكا اللاتينية (أفريقيا مثلاً) قد يسبب توطنها في تلك البيئات وبالتالي تحولها لناقلات ممرضة تؤثر بالإنسان والحياة البرية. ويحاول العلماء البحث عن عوامل تسبب موت الحشرة خلال انسلاخها التالي ما سيمنعها من الانتشار في المناطق المدارية.
المصدر: هنا