كيف تعمل معدّلات الصّرف؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
للعملات الوطنية أهمية كبيرة لعمل الاقتصادات الحديثة. فهي تسمح لنا على الدوام بتحديد قيمة سلعة ما. و نحن نحتاج لأسعار الصرف لأن العملة الوطنية قد لا تكون مقبولة دائماً في بلد آخر. فلا يمكنك مثلاً الدخول الى متجر في اليابان و شراء رغيف من الخبز بالليرة السورية!! أولاً عليك الذهاب إلى البنك و شراء بعض الين الياباني بالليرات السورية الخاصة بك. فسعر الصرف هو ببساطة ثمن عملة مقابل عملة أخرى. فإذا اشتريت 100 ين ياباني بمبلغ خمسين ليرة سورية - مثلاً !!- فعندها تكون كل ليرة سورية تساوي اثنان من الينات اليابانية
لقرون مضت كان دعم العملات في العالم يأتي عن طريق الذهب. أي أن كل قطعة من العملة الورقية التي تصدرها أي حكومة في العالم تمثل مقداراً حقيقياً من الذهب المخبأ في قبو تلك الحكومة. في الثلاثينات من القرن العشرين قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتحديد قيمة الدولار بمستوى ثابت لا يتغير: كل أونصة من الذهب (تقريباً 28.3 غرام) تساوي 35 دولاراً أمريكياً. بعد الحرب العالمية الثانية قامت بلدان أخرى بتحديد قيمة عملاتها مقابل الدولار الأمريكي. لأن الجميع كان يعرف كم من الذهب كان الدولار الأمريكي يساوي. للأسف فإن عالم الاقتصاد الحقيقي قد تجاوز هذا النظام. فقد عانى الدولار الأمريكي من التضخم (أي انخفضت قيمته بالنسبة إلى السلع التي يمكن شراءها به)، في حين أصبحت بعض العملات الأخرى أكثر قيمة و أكثر استقرارا. في نهاية المطاف، لم تعد الولايات المتحدة قادرة على التظاهر بأن الدولار يستحق قيمته المحددة السابقة، و أخيرا في عام 1971، ألغت الولايات المتحدة مسألة معيار الذهب تماما. و كان هذا يعني أن الدولار لم يعد يمثل المقدار الفعلي من المعدن الثمين، و أن قوى السوق وحدها هي التي تحدد قيمته.
و اليوم، لا يزال الدولار الأمريكي يهيمن على العديد من الأسواق المالية. في الواقع، غالبا ما يتم وضع أسعار الصرف مقابل الدولار الأمريكي. في وقتنا الحالي، يمثل الدولار الأمريكي واليورو ما يقرب من 50 في المائة من جميع عمليات صرف العملات في العالم.
طرق الصرف:
- سعر الصرف العائم
يحدد السوق سعر صرف عائم للعملة. و بعبارة أخرى، تستحق عملة ما القيمة التي يكون مشتريها على استعداد لدفعها مقابلها. و هذا أمر يحدده العرض والطلب، و الذي هو بدوره يكون مدفوعا بالاستثمار الأجنبي، ونسب الاستيراد و التصدير، و التضخم، و مجموعة من العوامل الاقتصادية الأخرى.
بشكل عام، البلدان ذات الأسواق الاقتصادية المستقرة تستخدم هذا النظام. تقريبا كل دولة كبرى تستخدم هذا النظام، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا. و تعتبر أسعار الصرف العائمة أكثر فعالية، لأن السوق سوف يقوم تلقائيا بتصحيح سعر الصرف ليعكس التضخم و القوى الاقتصادية الأخرى.
إلا أن نظام التعويم هذا ليس مثاليا. فإذا عانى اقتصاد أحد البلاد من حالة عدم استقرار، فنظام التعويم سيعمل على تثبيط الاستثمار. و يمكن للمستثمرين أن يقعوا ضحية التقلبات حادة في أسعار الصرف، و كذلك التضخم الكارثي.
- سعر الصرف المقيد
النظام المقيد، أو المحدد (الثابت)، يجري فيه ضبط سعر الصرف و الحفاظ عليه بشكل دائم من قبل الحكومة. فيجري ربط سعر الصرف بعملة بلد آخر، عادة ما يكون الدولار الأمريكي، و لا يتغير سعر الصرف من يوم إلى يوم.
على الحكومة أن تعمل للحفاظ على معدل الصرف المقيد ثابتاُ. و يجب أن تمتلك مصارفها المركزية احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية لتخفيف التغيرات في العرض والطلب. فإذا كان الطلب المفاجئ للعملة سيعمل على رفع سعر الصرف، يتدخل المصرف المركزي (كما يحدث حالياً في سوريا) لضخ ما يكفي من تلك العملة في السوق لتلبية الطلب. كما يمكنه أيضا أن يقوم بشراء العملة إذا ما كان انخفاض الطلب عليها سيؤدي إلى خفض أسعار الصرف.
عادة ما تستخدم البلدان التي تكون اقتصاداتها غير مستقرة النظام المقيد. و يمكن للدول النامية أن تستخدم هذا النظام لمنع التضخم الخارج عن السيطرة. إلا أنه يمكن أن يأتي هذا النظام بنتائج عكسية، إذا لم يعمل النظام المقيد على عكس القيمة الحقيقية للسوق العالمية على العملة. في هذه الحالة، قد تنشأ سوق سوداء يتم فيها تداول العملة بقيمتها السوقية مع تجاهل الأسعار المحددة من الحكومة.
عندما يدرك الناس أن عملتهم لا تستحق القيمة الثابتة المحددة لها من الحكومة، فعندها سيهرعون على الفور لتبديل أموالهم بعملات أخرى أكثر استقرارا. و هذا يمكن أن يؤدي إلى كارثة اقتصادية، لأن التدفق المفاجئ من هذه العملة المحلية في الأسواق العالمية سيؤدي إلى تخفيض سعر صرفها بشكل هائل.
Reference: هنا