أدوية السكري قد تؤذي في بعض الأحيان أكثر ممّا قد تنفع!
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
يظهر الدّاء السّكري من النمط الثاني عند الأشخاص البدينين غالباً عند بلوغهم منتصف العمر، وذلك في حال توقف جسدهم عن الاستجابة لهرمون الأنسولين. يتحكم الأنسولين بكمية الغلوكوز في الدم وبالتالي عندما يختل التوازن بينهما ترتفع مستويات سكر الدم بشكل كبير، وغالباً ما يكون هؤلاء المرضى أكثر عرضة للإصابة بالذبحات القلبية والأذية الكلوية والعصبية بالإضافة إلى الإصابة بالعمى.
إن الخط الأول المتّبع في معالجة هؤلاء المرضى هو خفض أوزانهم عن طريق الحمية والتّمارين في محاولة لاستعادة وظيفة الأنسولين، فإذا لم يعطِ ذلك الفائدة المرجوة يقوم الأطباء عندها بوصف دواء فموي يدعى الميتفورمين metformin، فإن لم يكن ذلك كافياً أيضاً لخفض مستويات سكر الدم يتم التوجه إلى وصف حقن الأنسولين وأدوية أخرى تدعى الانكريتينات incretins.
إلّا أنّ الآثار الجانبية لأدوية السكري وضرورة استعمال الحقن بشكل متكرر قد يؤدي إلى نتائج عكسية خاصة عند كبار السن، وهذا ما تقترحه دراسة تم نشرها حديثاً.
اقترح الباحثون إعادة النّظر في كامل الاستراتيجية المتّبعة للعلاج، حيث اُقترح توقف الأطباء عن وصف الأدوية لعلاج ثلثي حالات الدّاء السّكري التي يكون ارتفاع سكر الدم فيها خفيفاً، بالمقابل فإن على المرضى أنفسهم أن يقرروا فيما إذا كان الأمر يستحق تحمل التأثيرات الجانبية والإزعاجات.
خطر انخفاض سكر الدم:
تعد الآثار الجانبية للميفورمين خفيفة ومؤقتة مقارنة بما يمكن أن يسببه الأنسولين والانكريتينات من مشاكل طويلة المدى كزيادة الوزن والغثيان.
ويكمن الخطر الأكبر لهذه الأدوية في تسببها بحالات انخفاض سكر الدم " hypos"، حيث يؤدي الانخفاض الكبير في سكر الدم إلى تشتت الذهن وفقدان الوعي ويمكن أن ينتهي الأمر بدخول المريض في غيبوبة في الحالات الشديدة. وتبيّن أن عدد الأشخاص الذين يدخلون المشفى في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب حالات انخفاض سكر الدم يفوق عدد الذين يدخلونه نتيجة ارتفاعه.
كما يجب على المرضى الذين يأخذون الأنسولين أن يحقنوا أنفسهم عدة مرات في اليوم، وأن يقوموا باختبار الإصبع لقياس الغلوكوز بشكل منتظم، الأمر الذي يجده البعض عبئاً ثقيلاً.
وعلى الرغم من القضايا السابقة، قام الأطباء بوصف الأنسولين والانكريتين بشكل متزايد في العقد الماضي، مؤكدين على أهمية إبقاء مستويات سكر الدم تحت السيطرة التامة.
على سبيل المثال، في المملكة المتحدة ازداد عدد مرضى السكري من النمط الثاني الذي يأخذون حقن أنسولين من 37,000 عام 1991 إلى 277,400 في عام 2010.
توجد بعض الأدلة على أن ضبط سكر الدّم بشكل صارم يفيد في منع المشاكل الصّحيّة المترافقة مع الداء السكري. حيث بينت إحدى التجارب أنّ هذه الطريقة تنقص الإصابة بالذبحات القلبية بنسبة 15% إلا أن المشاركين في هذه الدراسة كانوا أصغر من العمر النموذجي للإصابة بالداء السكري، في حين لم تظهر ثلاثة تجارب أخرى أجريت على أشخاص أكبر نسبياً أيّة فائدة، حتى أنّ إحدى تلك التجارب أظهرت أن هذه الطريقة أدت إلى زيادة الوفيات!!
في آخر دراسة، قام فريق الباحثين باستعمال البيانات الخاصة بالتجارب الأربع السابقة بالإضافة إلى معلومات أخرى عن الأدوية لدراسة الزيادة أو الخسارة المطلقة "الصّافية" في نوعية حياة المرضى.
فوجدوا أن البدء بالمعالجة الدوائية عند شخص بعمر 45 عام يعاني من ارتفاع بسيط في سكر الدم أدى إلى اكتسابه 10 أشهر من الحياة الصحية في حين لم تتجاوز هذه الفائدة ثلاثة أسابيع عند شخص بعمر 75 سنة.
قضية العمر في هذه الحالة قضية مهمة، حيث أن احتمال تطور أحد مضاعفات الدّاء السّكري عند شخص مسن قد لا يكون متبقياً من حياته أكثر من 5 سنوات هو أقل من احتمال حدوثها عند شاب بعمر 35 عام. وبذلك تكون فائدة أدوية السكري أقل عند الأشخاص الكبار بالسن مع بقاء التأثيرات الجانبية والإزعاجات كما هي.
وبذلك ينبغي ترك الخيار للمريض ليقرر فيما إذا كانت تلك الأسابيع أو الأشهر الإضافية تستحق سنوات من تناول الحبوب والحقن.
وبينت الدراسة السابقة أهمية تحديد الاحتياجات الفردية لمريض السّكري بدلاً من اتباع طريقة عمياء في المعالجة، كما أوضحت ضرورة التعاون بين أخصائي الصّحة والمريض لاختيار المعالجة الأمثل، والموازنة بين الفوائد المحتملة والتأثيرات الجانبية التي تختلف من شخص لآخر.
ويختم أحد أطباء الفريق الباحث بالقول: " أثارت الدراسات السابقة شكوك المرضى الذين كانوا يأخذون الكثير من الأدوية، ومن الممكن أن تؤدي إلى تغيير فعلي في أسلوب المعالجة "
المصدر:
هنا
مصدر الصورة:
هنا