كشف أسرار النوى الذرية
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
وقد أثبت فريق من العلماء من كلية الفيزياء في جامعة وارسو في بولندا، وعلماء من فنلندا والسويد، أنه يجب علينا تعديل النموذج الحالي للنوى الذرية الذي يحتوي على أعداد سحرية لكل من البروتونات والنترونات.
يقول البروفيسور Jacek Dobaczewski من معهد الفيزياء النظرية في وارسو: "لقد أظهرنا أن واحداً من اثنين من العاملين الفيزيائيين الرئيسيين المأخوذين بعين الاعتبار في نموذجنا لبعض النوى الذرية الكبيرة ليس في الواقع ذو أهمية. وعملياً، هذا يعني أن القوانين الفيزيائية لهذه النوى الذرية تعمل بطريقة مختلفة قليلاً عن الاعتقاد السابق".
يفترض الفيزيائيون عندما يصفون حركة الإلكترونات في الذرات، أنها تتحرك في حقل كهربائي ساكن متولد عن الإلكترونات المجاورة وعن نواة الذرة، ويتوقع النموذج تشكل سويات إلكترونية متمايزة بسعات مختلفة: الأولى تُملأ بإلكترونين بالحد الأعلى و8 إلكترونات في الثانية، و18 في الثالثة وهكذا. ويطبق الفيزيائيون أيضاً نموذجاً مشابهاً للنوى الذرية نفسها، ولكنه يكون أكثر صعوبة نتيجة التفاعلات المعقدة بين الجسيمات داخل النواة.
يشرح الدكتور Dimitar Tarpanov "في الذرات، يكون كل إلكترون موجوداً على مسافة كبيرة من الإلكترونات الأخرى ومن النواة. ولذلك بإمكاننا أن نفترض أن كل إلكترون يتحرك في حقل مُحصَّل مفرد ناتج عن التفاعلات المتولدة مع بقية مكونات الذرة. ولكن البروتونات والنيوترونات في النوى الذرية قريبة جداً من بعضها، وتتواجد جميعها ضمن حقول تنتج عن البروتونات والنيوترونات نفسها ".
كما هو الحال مع الإلكترونات، فإن نموذج الحقل المحصل يتوقع وجود سويات داخل النواة، حيث يكون وجود البروتون أو النترون فيها الأكثر احتمالاً. وتكون السويات النووية مكتملة عندما تحوي 2، 8، 20، 28، 50، 82 و 126 بروتون وكذلك نفس الأرقام بالنسبة لسويات النترونات. وكذلك تظهر سويات إضافية للبروتونات عند 114، 120، 126 وللنترونات عند 184. وتتعرف هذه الأرقام بالأرقام "السحرية". وتدعى نواة ما بأنها "مزدوجة السحرية" عندما تحوي عدد سحري من البروتونات إلى جانب عدد سحري من النترونات.
وقد كان الباحثون مهتمين خصوصاً في الحالات التي تكون فيها النواة الذرية تقريباً مزدوجة السحرية أي أن واحدة من السويات مكتملة بينما التالية الأبعد تحوي فقط بروتون واحد أو نترون واحد. وكان السؤال: ما هي التفاعلات التي ستحدد حركة الجسيم المفرد؟
لعدة عقود حتى خَلت، أخذ النموذج الحالي للنوى الكبيرة بالحسبان عوامل إضافية - إضافة للحقل المحصل - لكي يبقى متوافقاُ مع القياسات المأخوذة في المخابر الفيزيائية حول العالم، ومن هذه العوامل: اهتزاز وحركة النكليونات الناتجة عن عوامل كمومية. وفي بعض الحالات، من الممكن لاهتزاز كهذا أن يؤثر على مظهر النواة ويؤدي إلى فلطحته قليلاً. هذه التعديلات ستؤثر أيضاً على مجال حركة البروتون أو النترون الفردي الذي يتحرك في الطبقة الأخيرة (الخارجية) للنواة الذرية.
استخدم الفيزيائيون بيانات تجريبية متاحة حول النوى مزدوجة السحرية لكل من الأوكسجين 16، والكالسيوم 40، والكادميوم 48، والنيكل 56، والقصدير 132، والرصاص 206. وكذلك للنوى القريبة من النوى مزدوجة السحرية مثل الرصاص 207، والرصاص 209. والبيانات التي استعملت لتلائم بدقة متحولات عديدة استخدمت في النموذج الحالي. إن التحليلات النظرية لا تدع مجالا للشك بأن التأثيرات الكمومية والاهتزازات المتعلقة بها لها تأثير أخف على حركة الجسيمات المفردة في السويات النووية مما كان يعتقد سابقا.
يقول البروفيسور Dobaczewski " إنها نتيجة مذهلة. إن التأثيرات الكمومية في نواة تماثل نواة الرصاص 209 أو أكبر، تصبح غير هامة، وذلك يعني أن النموذج الحالي للحقل المحصل لا يعكس الواقع بشكل كامل. هناك شيء لم نأخذه بعين الاعتبار حتى الان".
ولكن ما مدى أهمية البحث في هذا المجال فعلا؟
هذا البحث نحو استنباط وصف دقيق ومناسب للظواهر التي تحدث ضمن النوى الثقيلة والثقيلة جداً له تطبيقات عملية مهمة. فمعرفتنا للقوانين الفيزيائية للنوى الذرية يجري تطبيقها في بناء محطات توليد الطاقة النووية، تصميم محطات توليد الطاقة النووية الحرارية المستقبلية، الطب النووي وكثير من التطبيقات. وأكثر من ذلك، فإن التفاعلات والعمليات النووية تعد تلعب دوراً أساسيا داخل النجوم. الطرق النظرية التي طورت لوصف تفاعلات العديد من الجسيمات في النوى الذرية لها أيضاً تطبيقات عديدة في الفيزياء النووية وفيزياء المادة الكثيفة، وأيضاً في الكيمياء الكمومية في التحليل الطيفي للسويات المثارة للنوى الذرية والذرات و الجزيئات.
المصدر: هنا