غذاء روّاد الفضاء، هل هو مختلف عن غذائنا؟
الغذاء والتغذية >>>> منوعات غذائية
تتوفّر اليوم قائمةٌ طويلة من الأطعمة على متن محطة الفضاء الدولية (ISS) مراعيةً تنوع جنسيات رواد الفضاء، إذ تعتمد وكالة الفضاء الأمريكية NASA مجموعةً من الأطعمة التي تضمن حصول رائد الفضاء على 100% من احتياجاته الغذائية اليومية من الفيتامينات والعناصر المعدنية، فهو يحتاج نفس الكمية من السعرات الحرارية التي يحتاجها على الأرض، كما أن احتياجاته الغذائية متطابقة تقريباً بين الأرض والفضاء باستثناء حاجاته من الحديد وفيتامين D والصوديوم.
إن معظم كمية الحديد التي يمتصها الجسم من الأغذية تذهب لكريات الدم الحمراء، ولكن تعداد الكريات الحمر لدى رواد الفضاء يكون أقل منه على الأرض، وبالتالي سيسبب تناول أطعمة غنية بالحديد مشاكل صحية لهم، لذا يتم اختيار الأطعمة ذات النسب الأقل من الحديد.
بالانتقال للحديث عن الصوديوم وفيتامين دال فهما يؤثران على العظام، فالفيتامين دال هام جداً في بناء كتلة عظمية سليمة وقوية، بينما يؤدي تناول الكثير من كلور الصوديوم (ملح الطعام) إلى نقصان في الكتلة العظمية، في الوقت الذي لا يحصل الطاقم في الفضاء إلا على القليل من فيتامين دال (فيتامين سطوع الشمس) الذي نحصل عليه عند التعرض لأشعة الشمس الطبيعية بعد اختراقها للغلاف الجوي الأرضي.
تلعب التغذية الجيدة إذاً دوراً هاماً في تقليل الآثار السلبية للجاذبية شبه المعدومة على الجسم (كنقصان الكتلتين العظمية والعضلية)، لذا يضمن خبراء التغذية أن قائمة الطعام على متن محطة الفضاء الدولية متوازنٌ من الناحية الغذائية ويزود كل رائد فضاء بـ1900-3200 سعرة حرارية في اليوم حسب وزنه وجنسه، فحاجة امرأة نحيلة ستكون 1900 سعرة حرارية في اليوم، بينما تكون حاجة رجلٍ ضخم 3200 سعرة حرارية يومياً.
هناك عدّة معايير ينبغي أن تتوفّر في مادة غذائية لتُدرج على قائمة طعام رواد الفضاء، كأن تكون قابلةً للحفظ فترة معقولة قبل تناولها، وألّا ينتج عنها الكثير من الفتات، وأن تكون سهلة التحضير في مطبخ المركبة المكوّن من موزّع للمياه وفرنٍ حراري، وبالطبع أن تكون سهلة التناول في نطاقٍ يكاد يكون عديم الجاذبية.
يتناول رواد الفضاء ثلاث وجبات يومياً، فطور وغداء وعشاء تتنوع مكوناتها من الطازج الذي يؤكل خلال الأيام القليلة الأولى من الرحلة، كالتفاح والبرتقال، إلى الأطعمة التي تحتاج إضافة الماء كالمأكولات المصنوعة من دقيق الشوفان مع الزبيب، وحساء الجبن الروسي الحلو، مروراً بالأرز والحبوب والمعكرونة ولحوم الدجاج والبقر والخنزير وسمك التونا والسلمون والجبن والطماطم، بالإضافة للكعك والمكسرات والحلويات.
أما بالنسبة للمشروبات، تتوفر معظم المشروبات بإضافة الماء، كالشاي والقهوة والعصائر والحليب.
إن مواداً كالخبز مثلاً غير مرغوبة للتناول في الفضاء لأنها تخلّف الكثير من الفتات، لذا تفضّل رقائق خبز التورتيللا لأنها لا تخلّف فتاتاً يذكر.
تتوفر أيضاً المنكّهات كالكاتشب والمايونيز والخردل، كما يتوفر الملح والفلفل ولكن فقط بشكلٍ سائل، إذ يحلّ الملح في الماء بينما يعلّق الفلفل في الزيت، لأنها ببساطة ستتطاير إذا رُشّت على الطعام، وذلك ما يسبب خطر انسداد فتحات التهوية أو تلوث المعدات أو قد تصيب عيون رواد الفضاء مثلاً.
يسمح لرواد الفضاء أيضاً باصطحاب مجموعةٍ من الأغذية الإضافية غير قائمة الطعام العادية شرط أن تكون مناسبة لرحلات الفضاء وقابلة للحفظ فترة كافية. كما يسمح لرواد الفضاء باختيار قائمة طعامهم وتنظيمها في جدول زمني، كأن تستمر قائمةٌ ما لسبعة أيام ثم يُكرّر ذلك.
إن المركبة الفضائية مزوّدة بفرنٍ لتسخين الأطعمة يعمل بآلية الحمل الحراري للهواء الساخن، بينما لا تتوفر البرادات في الفضاء لذا يجب أن تكون الأطعمة مخزّنةً ومحضّرة بشكل مناسب لتجنّب تلفها خصوصاً في المهمات الطويلة.
رغم الجو عديم الجاذبية تقريباً، يتجمع رواد الفضاء حول طاولةٍ لتناول طعامهم الذي يكون مثبّتاً باستخدام أربطةٍ مطاطية لمنعه من العوم، وعند الانتهاء من تناول الطعام تُنظّف الأطباق بمناشف مبللة مسبقاً، وتُرمي عبوات الطعام التي تستخدم لمرة واحدة.
تطوّر ناسا حالياً طرقاً لزراعة أطعمةٍ طازجة في الفضاء، وقد اختار برنامجها عشرة أنواعٍ من الخُضر لزراعتها في المهمات المستقبلية، وهي: الملفوف، الجزر، الخس، الطماطم، البصل الأخضر، السبانخ، الفليفلة، الفجل، الفراولة والأعشاب الطازجة.
قد يكون ذلك أمراً بعيد المنال الآن ولكن يأمل الخبراء بأن يتمكن رواد الفضاء من إنشاء مختبرات زراعةٍ في الماء لزراعة حقلٍ قد يتضمن البطاطا، الأرز، القمح والفاصولياء.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
مصدر الصورة:
هنا