شيشرون
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> أعلام ومفكرون
أتبع شيشرون الفلسفة بالسياسة، لذلك من غير المفاجئ أن نجد أن لفلسفته أغراضاً سياسية، كالدفاع عن الجمهورية الرومانية، ومحاولة النهوض بها قدر الإمكان. كان يؤمن بأن السّاسة في عصره كانوا فاسدين، ولم تعد تميزهم الشخصية الفاضلة، تلك التي كانت سمة رئيسية للرومان في الفترة السابقة. فقدان هذه الفضيلة رأى بها سبباً للمصاعب التي واجهت الجهورية لاحقاً، وأعرب عن أمله أن قادة روما، وخصوصاً مجلس الشيوخ سيصغون لتوسلاته لإعادة هيكلة الجمهورية في سبيل تحسين واقعها.
لايمكن لهذا أن يحدث إلا إذا وافقت النّخبة الرومانية على ذلك وتعهدت بالالتزام بزرع الفضيلة في الفرد والاستقرار الاجتماعي قبل رغباتهم بالشهرة والثروة والسلطة.
بعد القيام بذلك فإن النخبة ستسن التشريعات التي من شأنها إجبار الآخرين على الالتزام بالمعايير المماثلة، ثم ستزدهر الجمهورية مرة أخرى حتماً.
خلال عمله كمحامٍ يرى شيشرون أنه بحاجة إلى أن يطلع على الأدلة من عدة جوانب، لكي يتمكن من مناقشة موكليه بشكل فعال، وأن يجمعها بطريقة منهجية واضحة. وهذا من شأنه أن يدعم القضايا الموكلة إليه، وعليه أيضاً أن يكون على استعداد للتعامل في أي وقت مع أي أدلة جديدة أو أي حالات جديدة، مما اضطره إلى إعادة النظر في استراتيجياته.
خلال عمله كسياسي هو بحاجة لفهم متماثل في الدرجة بين القضايا من حيث المرونة ليستطيع أن يتصرف بفعالية أكبر.
المحامي أو السياسي الذي يتمسك بوجهة نظر ما ويتعصب لها، ولايقبل بتغييرها، لن يكون ناجحاً أبداً حسب رأي شيشرون.
كتاباته
يمكن تصنيف كتابات شيشرون إلى ثلاث فئات وهي:
1- كتاباته الفلسفية: الكثير منها كان على غرار حوارات أفلاطون وأرسطو.. تضمنت الحديث عن الاكتشافات، الخطب، الجمهورية، القوانين، طبيعة الآلهة، التكّهن، المعرفة، المجد، الواجبات. ولكن للأسف فُقد العديد منها بشكل كامل تقريباً، ومابقي منها بقي في حالة مجزأة، كالأجزاء التي تم اكتشافها في عام 1820 في الفاتيكان.
2- الخطب التي كان شيشرون يكتبها من أجل تحقيق بعض الأهداف القانونية، أو السياسية وكان يفخر بها ويدرك أنها ستهيء الطريق إلى الأدب الروماني، وبقي منها حوالي الستين خطبة. .
تقدم هذه الخطب العديد من الأفكار عن الحياة الثقافية، والسياسية، والاجتماعية والفكرية الرومانية، فضلاً عن لمحات عن فلسفة شيشرون، وكثير منها كان لوصف الفساد والفجور في طبقة النخبة الرومانية.
الخطب التي لدينا الآن ليست النسخ الأصلية لما كتبه شيشرون، ولكنها إصدارات مصقولة ومعدلة في وقت لاحق، وسجلات أعاد أعضاء الكونغرس النظر في كلماتها.
3- الرسائل: تم الحفاظ على مايقارب 900 رسالة من وإلى شيشرون. وجهت معظمها إلى صديقه المقرب أتيكوس، أو شقيقه كوينتس، وأيضاً بعض المراسلات من وإلى بعض الرومانيين المشهورين. كانت الرسائل غالباً ما تقوم بشيء من التباين المثير للاهتمام في الحوارات الفلسفية، كما أنها تتعامل مع الجزء الأكبر ليس في المسائل الفلسفية السامية، ولكن في الحسابات الدنيوية، التنازلات، التملق، والتلاعب، أي مع المفاهيم التي كانت جزءاً من الحياة السياسية في روما، والتي من شأنها أن تشابه أي حياة سياسية اليوم. من المهم أن نكون حذرين في استخلاص النتائج حول معتقدات شيشرون لأنها تعتمد على الفهم بين المرسل والمتلقي وهي ليست موجودة عند الآخرين، لأنها في كثير من الأحيان ذات أغراض سياسيّة.
اعتبر شيشرون أن حياته السياسية هي أعظم إنجاز له. خلال فترة خدمته كقنصل حاول بعض المتآمرين التآمر عليه في مؤامرة " كاتلاين " بغرض الإطاحة بحكمه، فشنوا هجوماً على المدينة، فقام شيشرون بقمع التمرد وأعدم عدداً منهم ويقال أنهم خمسة متآمرين أعدمهم بدون محاكمة.
في النصف الأخير من القرن الأول الميلادي كانت الصفة العامة للبلاد هي الفوضى والحروب الأهلية، وحكم فيها قيصر بدكتاتورية كبيرة، فحاربه شيشرون وناصر الحكم الجمهوري التقليدي، وبعد وفاة القيصر، أصبح شيشرون عدواً لماركوس أنتونيوس في الصراع على السلطة، فهاجمه شيشرون بسلسلة من الخطب، وخلال حكم تربومفيراتوس اغتيل شيرون.
بعض أقواله:
- لست آسفاً إلا لأنني لا أملك إلا حياة واحدة أضحي بها فى سبيل الوطن.
- لا أعتقد أن القدر يصيب الرجال إذا فعلوا، لكني أعتقد أنه يصيبهم إذا لم يفعلوا.
- التاريخ شاهد الأزمنة، نور الحقيقة، حياة الذاكرة، معلم الحياة، رسول القدم.
المصدر:
هنا
مصدر الصورة:
هنا