ماذا عن النفايات في السويد؟
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
وبالرغم من أن عمليات إعادة التدوير ساعدت في خفض كمية النفايات التي تنتهي إلى المطامر، إلا أنه ما زال هناك الكثير من النفايات المُلقاة في جميع أنحاء العالم سنوياً. لكن هناك بلداً واحداً يُظهر لنا العكس وهو السويد، حيث تبلغ نسبة إعادة التدوير فيها أكثر من 99% من مجموع النفايات المنزلية بطريقة أو بأخرى، ونظراً للنسبة المعاد تدويرها في العام 1975 فيها والتي لا تتجاوز 38% فقط من النفايات المنزلية، فيمكننا القول أنّ السويد مرت بثورة في إعادة التدوير خلال العقود الأخيرة.
ورغم أن الشعب السويدي ينتج اليوم نفس كمية النفايات التي يُنتجها غيرهم من الأوربيين سنوياً، لكننا نلاحظ أن أقل من 1% من النفايات المنزلية ينتهي بها المطاف في مطامر النفايات.
يتمسّك سكان السويد على نحو رائع بعادة إعادة التدوير، حيث تعمل العائلات السويدية على فصل الصّحف، البلاستيك، المعادن، الزجاج، الأجهزة الكهربائية، المصابيح والبطاريات. كما أن العديد من البلديات في السويد تشجّع المستهلكين على فصل النفايات الغذائية، وكل هذا يتم إعادة استعماله أو إعادة تدويره أو تحويله إلى سماد.
فتصبح الصحف كتلة ورقيّة، ويتم إعادة استخدام الزجاج أو إذابته وتحويله لمواد جديدة، ويصبح البلاستيك مواداً خام بلاستيكية، أما الطعام فيتحول إلى سماد للتربة أو إلى غاز حيوي من خلال عمليات كيميائية معقدة، ويتم تنقية مياه الصرف الى درجة يصبح فيها صالحاً للشرب، كما تدور شاحنات نفايات خاصّة حول المدن لجمع النفايات الالكترونية والخطرة كالمواد الكيميائية، وتجمع الصيدليات بقايا الأدوية، وينقل السويديون نفاياتهم الكبيرة مثل أجهزة التلفاز المستعملة والأثاث المكسور إلى مراكز إعادة التدوير في ضواحي المدن، وأخيراً ينتهي المطاف بالأشياء غير القابلة لإعادة الاستعمال أو إعادة التدوير إلى محطات حرق النفايات، حيث يتم حرقها للاستفادة منها بتحويلها إلى طاقة.
تتبع السويد خطة "تحويل النفايات إلى طاقة" (Waste-to-Energy، " WTE") من خلال 32 محطة منتشرة في جميع أنحاء البلاد. هذه المحطات تحرق سنوياً أكثر من 2 مليون طن من النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها.
وبطبيعة الحال، لا تزال السويد تعمل على إعادة تدوير بكل وسعها، ولكن أيّ شيء غير قابل لإعادة الاستعمال أو إعادة التدوير ينتهي به المطاف في محطات WTE، لكي لا تذهب النفايات سُدى، وإنما يستفاد منها في توليد الطاقة.
تتضمن محطات WTE محارقَ كبيرةٍ للنفايات، وتنتج عملية الحرق بخاراً يستخدم لتشغيل توربينات المولدات، والتي بدورها تُنتج كهرباء تحوّل إلى خطوط نقلٍ وتوزيعٍ إلى جميع أنحاء البلاد.
ومما يدهشُ أيضاً، أن هذه المحطات تزوّد ما يقارب المليون منزل بالحرارة، وَربع مليون منزل بالكهرباء. مما يدل على أن فائدة هذا الأمر لا تتعلق فقط بالتقليل من القمامة المنتهية إلى مطامر النفايات، وإنما بالتقليل أيضاً من اعتماد السويد على الوقود الاحفوري. ومن الأرقام المفيدة ذكرها أنّ كل ثلاثة أطنانٍ من النّفايات تحتوي على طاقة تعادل تلك الموجودة في طنٍ واحد من الوقود الأحفوري، فهناك الكثير من الطاقة في النفايات.
ويقول يوران سكوكلوند (Göran Skoglund) المتحدث باسم إحدى الشركات الرائدة في هذا المجال: "تنتجُ مليوني طن من النفايات المحروقة كلّ عام كميّة تعادل 670.000 طن من طاقة الوقود الأحفوري.
لكن ماذا عن الآثار البيئية الناجمة عن حرق القمامة؟
تولّد عمليّة الحرق كما نعلم منتجات ثانويّة مرافقة كالرماد الذي يحتوي على الديوكسينات (Dioxins)، وهي إحدى أصناف الملوثات الكيميائية، لكن السويد طوّرت على مدى السنوات السابقة هذه العملية بشكل ملحوظ بحيث تعالجُ المنتجات الثانوية ولا يتبقى منها سوى نسبة ضئيلة من الديوكسينات تنتشر في الجو.
بسبب عملية إعادة التدوير التي تتبعها معظم العائلات السويدية والتي تُقلّل من كميّة النفايات المنتهية إلى المحارق، وجدت السويد نفسها في مشكلة، وهي ببساطة أنّ المواطنين لا يولدون نفاياتٍ كافية قابلة للحرق من أجل تشغيل المحارق. لذلك أُجبِرت البلاد على البحث عن مصدر أخرى للوقود في أماكن أخرى، حيث عملت في البداية على استيراد النفايات من الدول المجاورة لها مثل النرويج، وهي تُعتبر نوعاً ما صفقة كبيرة للسويد، فالنرويج تدفع للسويد مقابل نقل المخلفات الزّائدة، والسويد تقوم بحرقها من أجل الحرارة والكهرباء، بينما تعيدُ السويد الرماد المُتبقي عن عملية الحرق والمليء بمادة الديوكسين شديدة التلوث إلى النرويج حيث يتم طمرُه. وتستورد السويد اليوم 700.000 طن من النفايات من البلدان الاخرى.
مع الأسف وبسبب وجود العديد من المنتجات التي تحتوي على مواد غير قابلة لإعادة التدوير أو الحرق، تبقى مطامر النفايات أمراً ضرورياً. ومع ذلك فإن السويد تصنع الأشياء الجيدة من الأشياء السيئة، ولربما ستبدأ بلدان أخرى بالحذو حذوها.
مصادر:
هنا
هنا
هنا