فيزيائيون يكشفون النقاب عن أوّل وصلة كمومية
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
هذا الأمر دفع فريق دولي من الفيزيائيين والمهندسين إلى ابتكار جيل جديد من الوصلات تحقق الربط بين الأجهزة الكمومية بطريقةٍ تنقل التشابك *entanglement فيما بينها وبالتي يمكن أن تكون العمود الفقري لآلات معالجة المعلومات المستقبلية.
واحدٌ من أكثر الأشكال الواعدة هو الحوسبة الكمومية والتقانات الكمومية المختلفة المتعلقة بها، مثل الاتصالات الكمومية، والترميز الكمومي، وعلم القياسات الكمومية، وغيرها.
فقد نجح الفيزيائيون في التقدم بخطواتٍ واسعةٍ في بناء جهازٍ يهدف لإثبات إمكانية استثمار قوانين الفيزياء الكمومية للقيام بأعمالٍ ما كان لها أن تكون ممكنةً في الميكانيك التقليدي الصِّرف (الكلاسيكي). ومع هذا بقيت معضلةٌ بارزةٌ دون حل. فهذه الأجهزة لا يمكنها إلا أن تعمل مستقلةً عن بعضها البعض، فما من أحدٍ لديه طريقةٌ مُثلى لربطها معًا بشكلٍ فعال.
اليوم، تبدَّل الحال. ويعود الفضل إلى العمل الذي أنجزه مارك تومبسون Mark Thompson من جامعة برستول Bristol في المملكة المتحدة، مع عددٍ من الأصدقاء حول العالم. فقد أتمَّ هؤلاء الشباب بناء واختبار وصلةٍ كموميةٍ يمكنها ربط رقاقاتٍ سيليكونية فوتونية، وتستطيع نقل الفوتونات، بل وحتى التشابك فيما بينها.
تعدُّ الوصلة الكمومية مسألةُ مربكةً، بسبب الطبيعة الهشة للتشابك، وهو الطريقة الغريبة التي تتبادل عبرها الجسيمات الكمومية الحالة نفسها حتى وإن كانت متباعدةً.
فحالة التشابك هذه غايةٌ في الهشاشة، فهي تختفي لمجرد حدوث عطسة بالجوار. لهذا فإن على الوصلة الكمومية أن تُحافظ على التشابك أثناء التنقل من مكانٍ لآخر.
وقد تمكن تومبسون وزملاؤه من القيام بهذا باستخدامهم ليفًا ضوئيًا بسيطًا، وحيلةً كموميةً ذكية. فللرقاقات السيليكونية منبعان للفوتونات التي تنتقل عبر القنوات الفوتونية المتداخلة. وعندما تلتقي الفوتونات في منطقة التداخل تُصبح مُتشابكةً، ومن ثم تنقل هذا التشابك عبر مسارين منفصلين خلال الجهاز.
القاعدة التي تتبعها الوصلة الكمومية تنحصر في نقل الفوتونات من رقاقة إلى رقاقةٍ أخرى، حيث تسترد تشابكها المرمَّز بالمسار. لكن السؤال هو كيف يمكن لهذا أن يحدث عندما تكون الوصلة مكونةً من مسارٍ مفردٍ على طول الليف؟
تتلخص الحيلة التي أنجزها تومبسون ورفاقه بتحويلهم التشابك المساري path-entanglement إلى نوعٍ مختلفٍ من التشابك، وكان التحويل الذي اختاروه هو الاستعانة بالاستقطاب. وتمكنوا من تحقيق ذلك عن طريق جعل الفوتونات المتشابكة مساريًا تتداخل مع فوتونات مولدة حديثًا بطريقةٍ تجعلها تُستقطب. هذا الأمر يجعل الفوتونات الناشئة حديثًا تتشابك، وهي التي ستعبر الليف الضوئي وتنتقل إلى الرقاقة السليكونية الفوتونية التالية.
تعمل الرقاقة التالية على عكس العملية. حيث تُحوَّل الفوتونات المتشابكة استقطابيًا إلى فوتونات متشابكة مساريًا، التي تُتابع طريقها في الجهاز كما لو أنها جاءت من الرقاقة الأولى مباشرةً.
"نحن نعلم أن التشابك الكمومي يتميز بأخذ أكثر من حالة في الوقت ذاته على عكس الحالة التقليدية هذا الامر يمكن أن يسبب أخطاء كبيرة عندما تتوجه هذه الحالات كمعلومات ضمن مسار الدارة الكمومية، إن توليد فوتونات جديدة ووصلها بدارة اخرى وتحويلها بطريقة الاستقطاب إلى حالات كمومية تنتقل عبر الوصلة مرة أخرى إلى الدارة الأصلية يضمن عدم الوقوع بهذه الأخطاء"
أجرى الفريق مجموعةً من التجارب على هذا الجهاز، الذي كان الهدف منه إثبات الفكرة، وأظهروا أن التشابك يبقى محفوظًا عبره. فقد أبدى أمانةً كبيرةً في الحفاظ على التشابك سواء في عمليات التوليد أم المداولة أم التحويل والتحويل العكسي أم التوزيع، أم القياس، عبر دارتين فوتونيتين متكاملتين، الأمر الذي يعني نجاح عملية الوصلة الكمومية الفوتونية المباشرة.
يُقرُّ فريق الفيزيائيين بأن هذه الوصلة ليست مثاليةً. ويرون أنهم بحاجةٍ للتقليل من الفاقد في الآلة. لكنهم يرون أيضًا أن كل هذا يمكن تحسينه في المستقبل، من خلال تطوير بعض جوانب التصميم.
وبشكلٍ عام، يُعتبر هذا الإنجاز خطوةً كبيرةً إلى الأمام. فالوصلة الكمومية هي تقانةً ستُتيح لنا إمكانية تصنيع العديد من الأجهزة الكمومية الجديدة، التي تتطلب ربط أنظمة كموميةٍ جزئية.
(*) لمعرفة المزيد عن التشابك الكمومي Quantum Entanglement يمكن قراءة المقال التالي:
هنا
المصدر:
هنا