أيمكننا معرفة الحقيقة؟
الفيزياء والفلك >>>> فلسفة الفيزياء والكونيات
- هل اصلا هناك تفكير عقلي بدون لغة؟
- هل يمكن للغة أن تخبر العقل أي حقيقة؟
- أي نوع من الحقائق يمكن للمنطق أن يثبتها؟
- وإلى أي مدى يمكن أن تساعدنا الرياضيات في ذلك؟
- هل يمكن للهندسة وصف العالم على حقيقته؟
- ما هي حدود الرياضيات؟
- هل يمكن للكمبيوتر أن يفكر في الحقائق؟
- هل يمكن للفيزياء أن تعرف جوهر الوجود؟
- هل يوجد واقع إن لم نكن موجودين؟
- هل يوجد أصلا حقيقة أو جوهر أو واقع؟
عرف الفيلسوف اليونانيُّ أرسطو أنَّ العقلَ وحده غير قادرٍ على معرفةِ الحقيقة، لأنَّ العقلَ ليسَ له إطارٌ أو منهجٌ متّسِقٌ للحكمِ على الأمورِ. ولمعرفةِ الحقيقة يجب أن نحمي العقلَ من الوقوعِ في التّناقُضِ دون أن نشعر، لذلكَ اخترعَ المنطقَ الصّوريَّ المكوّنَ من جملٍ باللّغةِ البشريّةِ العاديّةِ.
أكّد فتغنشتاين*- فيلسوف اللّغةِ والرّياضياتِ والمنطقِ النّمساويِّ-، أنّ المشاكلَ الفلسفيّةَ وهميّةٌ لأنّ سببها ليسَ نقصاً في المعرفةِ، بل بسببِ العوائقِ اللّغويّةِ، ومن يرغب في الحقيقة عليه أن يعكُفَ على تحليلِ السّياقِ التّاريخيِّ واللّغويِّ للجُملِ والكلماتِ لتتجلّى له الحقيقة.
أمّا الفيلسوفُ الألمانيّ ليبينتز* فقد اعتقدَ بأنَّ اللّغةَ مُضلّلَةً ولا يمكنُ إتقانُ ألاعيبِها، لذلكَ لن توصلَنا إلى المعرفةِ. فلا يجبُ أن نعتمدَ عليها في معرفةِ أيّ حقيقةٍ موضوعيّةٍ، بل يجبُ التّخلصَ منها، واستبدالَها بالرّموزِ والرّياضيات.
لا يستطيعُ علماءُ الرّياضياتِ البرهنةَ على المُسلّمَةِ الخامسةِ لإقليدس رياضيّاً، وقبعوا في متاهةِ محاولةِ إثباتِ تلكَ المُسلّمَةِ سنينَ طويلةً بدونِ أي ِّتقدّمٍ، ولم يُحرز أيُّ عالمٍ تقدّماً إلّا الّذين اعتبروا أنَّ تلكَ المُسلّمةِ خاطئةً أصلاً.
مسلّماتُ إقليدس* وخاصةً المُسلّمةُ الخامسةُ تحدّدُ رؤيتنا للفراغِ، حيثُ نراهُ كاحتمالٍ واحدٍ من احتمالاتٍ لانهائيّةٍ من الحالاتِ الهندسيّةِ الرّياضيّةِ للفراغِ، ظنَّ إقليدس أنّ هذا الاحتمال الوحيد هو كلُّ الرّياضياتِ والهندسةِ، فبنى كلَّ مسلّماتِه على هذا الاحتمالِ الوحيدِ. هذا الاحتمالُ صحيحٌ لكنّه غيرُ وحيدٍ، فالخطأُ هنا في اعتبارِ أنّه وحيدٌ، والمسلَّمَةُ الخامسةُ هي ما تعتبرُ أنّ هذا الاحتمالَ وحيدٌ.
من نتائجِ المُسلّمَةِ الخامسةِ أنّه ليسَ هناك هندسةٌ سوى هندسةِ الأسطحِ المستويةِ، والتي يكون مجموع زوايا أي مثلث فيها 180 درجة، وبالرّغمِ من أنّ وصفِها لهندسةِ الأسطحِ المستويةِ صحيح. لذلك يستخدمُها المعماريّون بنجاحٍ دونَ أن تسقط مبانيهم، لأنّ المباني أسطحَ مستويةٍ، ويمكن إهمال آثارِ الفراغِ المنحني على المباني لضآلةِ تلكَ الآثارِ، فهي صحيحةٌ في سياقِها فقط وجزئيّاً، فلا يمكن البرهنةَ عليها لأنَّ صحّتَها ليست مطلقةً بسببِ وجودِ احتمالاتٍ أخرى هندسيّة رياضيّة ذاتِ عددٍ لانهائيٍّ للفراغِ. وهذا ما وجده علماءُ الرّياضياتِ، إذ قسّموا هذه الاحتمالاتِ إلى قسمين، أحدهما هندسةُ السّطوحِ المحدّبةِ ويكونُ مجموعُ زوايا المثلّثِ فيها أكبرُ من 180 درجة، والآخرُ هندسةُ السّطوحِ المقعّرةِ ويكونُ مجموعُ زوايا المثلّثِ فيها أقلُّ من 180 درجة، ودونَ الدّخولِ في تفاصيلِ تلكَ الإثباتاتِ، ما يهمّنُا أنّه لم يحدث تقدّمٌ في الهندسةِ إلا باعتبار خطأِ مسلّمةِ إقليدسِ الخامسةِ.
رأى عالمُ الرّياضياتِ ديفيد هيلبرت أنّ الرّياضياتِ بهذه الطّريقةِ قد تعتمدُ مسلّماتٍ خاطئةٍ وتضيع جهود العلماء في محاولاتٍ غير منتجةٍ كما رأينا في مسلّمةِ إقليدس، وهذا يعطِّلُ الرّياضيات، فأكّد حاجتنا لكتابٍ مقدّسٍ يحتوي كلَّ المسلّماتِ الصّحيحةِ الممكنةِ الّتي تضمُّ كلَّ الرّياضياتِ الممكنةِ، وليسَ من المهمِّ أن نبرهنَ تلكَ المُسلّماتِ طالما أنّ إثباتَها يصعبُ لهذهِ الدّرجةِ، لكنّ المهمَّ أن يكون الكتابُ جامعاُ لكلِّ المُسلّماتِ، وأن تكون تلك المُسلّماتِ غيرَ متعارضةٍ، ونستنتجُ من تلك المُسلّماتِ كلَّ الرّياضياتِ وبالتّالي لن تخرجَ عنه جميعُ نظريّاتِ ونتائجُ الرّياضياتِ.
عملَ كلٌّ من راسلِ وَوايتهيد طويلاً على فِكرةِ الكتابِ المقدّسِ حتّى انتهوا منه وقاموا بتسميته "أصولُ الرّياضياتِ".
حوّل كورت غودل ذلكَ الكتابُ من صورةٍ رياضيّةٍ إلى صورةٍ منطقيّةٍ، واكتشفَ أنّ مقدِّماتِ ونتائجَ الكتابِ متعارضةٌ وغيرُ متّسقةٍ، وبالتّالي فإنّ محاولتًهم عبارةٌ عن الجري في المكان، وخطواتُ الكتابِ عبارةٌ عن لفٍّ ودورانٍ، وقامَ ببناءِ برهانِ عدم الاكتمالِ (تستطيعون الاطلاع على مقال سابق بخصوص هذا الموضوع من ( هنا )
خسفَ برهان عدم الاكتمال بالكتاب المقدّس وبنظرتنا المثاليّةِ للرّياضيات، لأنّه أثبَتَ أنّ أيّ بناءٍ رياضيٍّ سليمٍ وغيرَ متعارضٍ لابدّ أن يحوي خطواتٍ لا نعرفُها إلّا بالحَدْس، وما دمنا لا نعرِفُها إلّا بالحَدْسِ فهي غيرُ مُثبتةٍ إثباتاً كاملاً، ولنثبتها إثباتاً كاملاً سيكونُ الإثباتُ أو البرهانُ متعارضاً وغيرَ مُتّسقٍ، وبالتّالي سيظلُّ هناك شكٌ في صحّتها دائماً ولا يمكننا البتُّ في صحّتِها أو تحديدُ موقفٍ نهائيٍّ بخصوص صحّتِها، وهذه كانت نهاية فكرة الكتاب الكامل المقدّس في الرياضيات لديفيد هلبرت.
الجميل هنا أنّ عالم الرّياضيات ومخترع الكمبيوتر آلان تورنج والّذي كان تلميذاً لكلٍّ من فتغنشتاين وديفيد هلبرت وراسل وكورت غودل جميعهم، عرف منهم أنّ اللّغة لا طاقةَ لنا بها، وأنّ الرياضيات والمنطق ليس لديهما القدرة على حل كل المشاكل، فتجاهل متاهات اللغة وتجاهل المشاكلَ الّتي لا تحلّها الرّياضياتُ والمنطقُ، وركّزَ على المشاكلِ الّتي تحلّها الرّياضيات والمنطق، فاخترع الآلة الّتي تستطيع إجراء الحساب والمنطق. اخترع الكمبيوتر من خلال تجميع أفكار أساتذته معاً، يستطيعُ الكمبيوتر حلَّ جزءٍ منَ المشاكلِ الّتي تحلّها الرّياضياتُ والمنطقُ فقط وليس كلَّها. وطبقاً لغودل كان تورنج يعرف أن هناك مشاكلَ يستطيع العقلُ البشريُّ أن يحلّها ولا يمكن للكمبيوتر ذلك مع أنّها بالأساس مشاكلَ رياضيّةً، لكنّها مبنيّةٌ على مُسلّماتٍ أو خطواتٍ حدسيّةٍ -لا نعرفُها إلّا بالحدسِ- لكنّ الكمبيوتر ليسَ لديه حدسٌ، فلن يفهمَ الكمبيوتر تلكَ المشاكلَ بدونِ إثباتٍ رياضيٍّ كاملٍ أي دونَ خطواتٍ حسابيّةٍ منطقيّةٍ لا تعتمدُ على الحَدْسِ أو البديهةِ. فأثبتَ غودل أنّه لايمكنُ إثباتُ الحدسيّاتُ بإثباتٍ رياضيٍّ كاملٍ إلّا من خلالِ عدمِ الاتّساقِ والّذي يعني التّناقضَ والجريَ في المكانِ مثلَ محاولةِ الكتابِ المقدّسِ، وبالتّالي ستبقى الخوارزميّةُ أو برنامجُ الكمبيوتر في حالةِ حسابٍ للأبد، دونَ أن يخرجَ لنا بنتيجةٍ محدّدةٍ ونهائيّةٍ.
نستنتجُ من كلِّ ذلكَ أنّهُ منِ الصّعبِ إن لم يكن من المستحيلِ بناءَ الحَدْسِ في الكمبيوتر، لأنّه لكي نبني الحّدْسَ في الكمبيوترِ نحتاجُ أن نفهمَ الحّدْسَ أوّلاً ولنفهمَ الحّدْسَ لابدَّ أن نُمثِّلَهُ في بناءٍ رياضيٍّ لايعتمدُ على خطواتٍ حدسيّةٍ ليفهمَهُ الكمبيوتر، ولنمثِّلَهُ في بناءٍ رياضيٍّ لابدَّ أن نعتمدَ على خطواتٍ حَدْسيّةٍ، لكنَّ الخطواتِ الحَدْسيّةَ وفقاً لمبرهنةِ غودل، تؤكّدُ أنّه لايمكنُ بناءَ الحَدْسِ رياضيّاً أو منطقيّاً وبالتّالي يصعُبُ فهمَهُ ولايمكنُ تمثيلُهُ في الكمبيوترِ، ما يهمُّنا هنا هو توضيحُ مدى صعوبةِ معرفةِ حقيقةِ الحَدْسِ، واستحالَةِ تمثيلِهِ أو بنائه.
قالَ عالما الفيزياء النّظريّة نيلز بور وريتشارد فاينمان عن مشاكلِ النّظريّاتِ الفيزيائيّةِ: "نُغلقُ أفواهَنا ونحسبُ فقط"، لكنّ الحسابَ مجرد رياضيات تعتمدُ على حَدْسيّاتٍ ليست مُثبَتةً أيضاً، ولايتوقّفُ الأمرُ على الحَدْسّياتِ غيرِ المُثبَتَةِ فقط، بل إنَّهُ في حساباتِ محاولةِ التّوفيقِ بينَ النّظريّاتِ العلميّةِ المُتعارِضَةِ مثل النّسبيّةِ وميكانيكا الكمِّ يعلّقُ فاينمان باللّفظ: "إنَّنا نقومُ بعمليّة (الرينورمالايزيشن - Renormalization) وهي عمليّةٌ رياضيّةٌ غيرُ شرعيّةٍ لحلِّ بعضِ المشاكلِ في التّوفيقِ بينَ النظريات الفيزيائيّةِ"، ويجبُ وضعُ مئةِ خطٍ تحتَ "غيرُ شرعيّةٍ".
أمّا فيلسوفُ العلمِ كارل بوبر وفاينمان فقالا أيضاً: "أنّه ليس من المهمِّ أن نثبِتَ صحّةَ أو خطأَ النّظريّةِ العلميّةِ، لأنّهُ أصلاً لاتوجدُ أيُّ طريقةٍ للتّعاملِ مع أيّةِ نظريّةٍ علميّةٍ غيرَ أن نُثبِتَ خطأَ تلكَ النّظريّةِ، ولايمكنُ إثباتُ صحّتِها، لأنّها في الغالبِ لاتمثِّلُ حقيقةَ الواقعِ، وإنّما مقاربَةٌ لها، فالعلمُ عبارةٌ عن "تخمينٍ" ولن نعتمدَ على تخمينٍ غيرِ الّذي تدعمه التّجارب".
تأتي الصّدمةُ هنا من التّجاربِ الفيزيائيّةِ نفسها، مثلاً لكي نعرفَ خاصيّةً معيّنةً لمادةٍ معيّنةٍ ندرسُ تلكَ الخاصيّةَ في عددٍ صغيرٍ جدّاً ومحدودٍ من الذّرّاتِ فنعرِفُ من تلكَ الخاصيّةِ صفاتِ تلكَ الذّراتِ، ثمَّ نعمِّمُ تلكَ الصّفاتِ على عددِ كبيرٌ جدّاً من الذرات_ لأنّ المادةَ في الحالةِ الطّبيعيّةِ تحتوي على عددٍ كبيرٍ جدّاً من الذّرّاتِ_ فنعرفُ تأثيرَ تلكَ الخاصيّةِ في العددِ الكبيرِ، وبالتّالي نحدّدُ صفاتِ المادةِ ككلٍّ وبشكلٍّ عامٍ.
المشكلةُ هنا أنَّه توجد خصائصَ معينة تكون نتيجةَ تعميمها على عدد الكبير من الذرات مُحبِطًَة، لأنّها تؤكِّدُ أنّهُ في حال كان عدد الذّرّاتِ كبيرًا، فإنه لايمكنُ بأيِّ شكلٍ تحديد إن كان تأثيرُ تلكَ الخاصيّةِ سيظهر أم لا، بالرّغم من أنّ الخاصيّة ذاتها تظهر باستقرارٍ في حال كان عدد الذرّات محدودًا، بل و بإمكاننا أن نُحدِّدُ ذلك جيّدًا ونستنتج صفاتِ تلك الكميّة المحدودِة منها بنجاحٍ. إلّا أنّه لايمكنُ معرفةُ هل ستظهرُ تلكَ الصّفاتُ في حال كان العدد كبيرًِا، وبالتّالي لايمكنُ تحديدُ ومعرفةُ صفاتِ المادةِ في الحالةِ الطّبيعيّةِ.
واضحٌ أنّ مصيبةَ غودل في عدمِ الاكتمالِ تلازِمنا في الرّياضياتِ كما عرفنا من غودل، وتلازمنا أيضاً في الكمبيوتر كما عرفنا من تورنج، وتلازمنا حتّى في التّجارب الفيزيائيّةِ، لكنّ هذا ليسَ غريباً لأنّ حساباتِ التجاربِ تعتمدُ على الرّياضيات.
أكّد أيشنتاين وروزن وبودلسكاي وديفيد بوهم أن مصيبةُ الواقعَ غيرَ الموجودٍ حتّى نقيسَه في ميكانيكا الكمِّ ليست مقنعةً ويظهر ذلك في مفارقة قطة شرودنجر، وهناك تفسيراتٌ لميكانيكا الكم بديلةٌ تحافظُ على الواقعِ بدونِ رصد مثل ميكانيكا بوهم. إلّا أنّ التحليل السّابقَ وبخاصةً تّجربةَ حساب وتعميم الخصائص الفيزيائيّةَ التي ذكرناها، مصيبةٌ أشدُّ من مصيبةِ الواقعِ في ميكانيكا الكمِّ، لأنّ ذلك يؤكِّدُ باختصارٍ أنّه لايمكنُنا إلّا أن نعرفَ وجهةَ النّظرِ القاصرةِ جدّاً والخاصةَ بنا فقط تجاه الوجودِ فحسب. غيرَ ذلكَ لايوجدُ طريقٌ لمعرفة جوهرِ الوجودِ وفهمِهِ على حقيقتِهِ _إن كان هناك جوهرٌ بالفعل_وإمّا أن يتغيّرَ الطريقُ الّذي يسلكه الفيزيائيون في محاولةً للتوصّل إلى نظريّةِ كلِّ شيءٍ جذريّاً، أو أنّ نظريةً كهذه ليست موجودةً أصلًا!
فإذا خابت آمالنا و كانت الحقيقة مخالفةً لما تصوّرنا، فهذا بسبب طبيعةِ الوجودِ نفسِهِ وليسَ نتيجةً لقصورٍ نستطيعُ إصلاحَهُ مثلَ قصورِ العقلِ الّذي اكتشفَه أرسطو أو قصورِ الحواسِ الّذي تخيّلَهُ الفيلسوف كانط أو قصورِ اللّغةِ الّذي تصوّرَهُ فتغنشتاين وليبينتز أو قصورِ الأدواتِ والآلاتِ أو الكمبيوترِ الّذي تجاهلَهُ تورنج، أو حتّى قصورِ المنطقِ والرّياضياتِ الّذي حاولَ حلَّهُ ديفيد هلبرت وراسل ووايتهيد وأثبتَ عدم إمكانية حله غودل.
المصادر:
Cosmic Time Travel: A Scientific Odyssey by Barry Parker
[Ernest Nagel، James R. Newman، Douglas R. Hofstad(BookFi.org) Godel's proof
Ludwig Wittgenstein-Wittgenstein's Lectures on the foundations of mathematics، Cambridge، 1939_ From the notes of R. G. Bosanquet، Norman Malcolm، Rush Rhees and Yorick Smythies-Harvester Press (1976)
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا