ابن رشد... فيلسوف قرطبة
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> أعلام ومفكرون
وصلَ تأثير إبن رشد (1126-1198) إلى الغرب بفضل أفكاره المدافعةِ عن الفلسفة والحكمة، والتي بناها على أساسِ التُراثِ الفلسفي لمُلهِمِه أرسطو، والذي كان قد أُُهمِلَ مُنتَجه الفلسفي اعتبارًا من القرن السادس، مع توغّل السلطة الدينية ومحاربة الفلسفة في ذلك الوقت. ولأنّ كلا العالَمَين "الشرقي والغربي" كان محكومًا بسُلطة الكتاب المقدّس، فقد وفّرت هذه الظروف عوامل مشتركة كثيرة بين فلاسفة القسمين "الإسلامي والمسيحي"، فعَبَرَت آراء ابن رشد من الأندلس إلى أوروبا، لتُعيد الإعتبار للمنطق والفلسفة في ظل نبذها وتجريمها.
ولا عجب من أن يكون ابن رشد واحدًا من أكبر الفلاسفة العرب، ومن أعظم فلاسفة القرون الوسطى، نتيجة لبحثه في المعرفة، بما تكون وكيف تكون؟ وخصّص لها ثلاث رسائل من مؤلفاته، جميعها تدور حول النفس وسعادتها. وقد درس إمكانية إتّحاد هذا العقل الإنساني بالعقل الفعّال (العقل الإلهي الخالد)، ليتمكن من إدراك المعرفة كاملة، وبالتالي إدراك مايمكن إدراكه من حقائق مختلفة.
وترى فلسفته أن الإنسان الباحث عن المعرفة والساعي للإتصال بالعقل الفعّال، مدفوعًا بشغفه لإدراك هذه المعرفة، ستتحول قوة السعي لديه إلى فعل انجذابٍ للعقل الإنساني وصعوده للفعّال. وهكذا يُمرِّن الإنسان عقله على الفَهم، ويكون أكثر استعدادًا وأهليةً للإتصال، والأخذ مباشرة من "الفيض العلوي" عن العقل الفعّال، أي الإتحاد مع الله.
وميّزَ ابن رُشد بين المعرفة الإنسانية المتوّلدة نتيجة التأثير، والمعرفة الإلهية الناتجة من السَببيّة، حيث يرى أنه طالما كان الله سببًا في وجود الكون، فإن معرفته تكون نتاج تسبّبه بوجوده، أما معرفة الإنسان فهي نتيجة إدراك أثر هذا السبب.
لم تخضع فلسفة ابن رشد لمفهوم "الكشف والوصول" التي يعتقد فيها المتصوّفة، ولا تقتصر على التقشف والزهد، وهذا ما جعَل لفلسفته نهجًا مستقلًا تمامًا عمّا كان شائعًا حينها من أفكار التصوف، بل اشترط لتحقيق هذه المعرفة وجود قوة للعقل الإنساني، واكتماله بالفكر والإلهام.
المراجع:
1- تاريخ فلاسفة الإسلام - محمد لطفي جمعة
2- ابن رشد الفيلسوف - محمد يوسف موسى
3- موسوعة الفلسفة - تشاد هيلير