زيارة إلى متحف اللوفر - لوحة The Madonna of the Rabbit
الفنون البصرية >>>> زيارة إلى متحف الفن
تقدّمُ اللوحةُ مشهداً في ريفِ مدينةِ البندقيّة، في حين تظهرُ جبالُ الألبِ في الخلفيّة البعيدة، وتتجمّع عّدةُ شخصياتٍ حولَ سلّةِ طعامٍ، فيبدون وكأنّهم يتمتّعون بوجبةِ طعامٍ خفيفة.
يمكننا التعرّفَ بسهولةٍ على المرأةِ في منتصفِ اللوحةِ، التي ترتدي فستاناً أحمرَ اللون وعباءةً زرقاءَ على أنّها مريمُ العذراءُ وهي تمسك أرنباً صغيراً، بينما تذهبُ نظراتُها باتجاهِ ابنِها عيسى المسيح، الذي تحملُه بالقربِ منها امرأةٌ يبدو من ملابسها وشعرها على أنّها من عصر النهضة. وفي يمينِ اللوحةِ يظهرُ في الخلفيّة رجلٌ يرعى بعض الخرفان.
Image: https://en.m.wikipedia.org/wiki/The_Madonna_of_the_Rabbit#/media/File%3ATizian_018.jpg
رسم "تيشن" في هذه اللوحة موضوعاً دينياً وصوّره وكأنه مشهداَ من الحياةِ اليومية مُشبعاَ بالطبيعية والحميميّة. ويكمنُ الجانب الفني في اللوحة في الاستحضار الخفي للموضوع الديني.
استطعنا التعرف بسهولة على مريم العذراء وعلى الرضيع عيسى، ولكن دعونا نتعرف أيضاً على باقي الشخصيات والأشياء في اللوحة:
السيدةُ الأنيقةُ التي تبدو من زِيها على أنها وصيفة شرفية، تبدو أنها امرأة متزوجة من البندقية عاشت من القرن السادس عشر، إلا أنها تقوم في اللوحة بدور كاترينا الاسكندرانية التي عاشت في بداية القرن الرابع، وهي القديسة الشهيدة أو ما يطلق عليها "القديسة كاترينا: الشهيدة العظيمة" أو "كاترينا صاحبة العجلة"، دخلت الدين المسيحي في الرابعة عشرة من عمرها، كانت أميرة ودارسة معروفة أسهمت بتحويل العديد من الناس إلى المسيحية حتى قتلها الإمبراطور الروماني الوثني "ماكسينتوس"، استشهدت القديسة في ربيعها الثامن عشر وهي عذراء.
يصورها لنا تيشن وهي تجثو على عجلة مكسرة ترمز إلى الآلة التي استشهدت فيها. وبحملها الطفل المسيح دلالة ضمنية على استمرار الرسالة المسيحية وامتداد العذرية والقداسة من القديسة مريم الأم للشهيدة العظيمة كاترينا.
في الطقوسِ الدينيةِ المسيحيةِ كلُّ ما هو مقدَّسٌ لا يمكن لمسُه باليدين. لذلك تُرسِّخُ الملابسُ البيضاءُ التي تحملُ كاترينا الرضيعَ بها فكرةَ القداسة ويرمز اللون الأزرق للقداسة أيضاً وهذا ما نراه هنا في معرض لوحتنا هذه في عباءة مريم الأم القديسة.
وترمز التفاحةُ في سلّة الطعام إلى ذنبِ حوّاء، كما يمثّل عنقودُ العِنب نبيذُ القربان المقدّس ودم المسيح، وتمثّل الفراولة تقليدياً فاكهة الجنة.
كما أنّ هناك تلميحٌ إلى عذريةِ السيدةِ العذراءِ وحملِها بالمسيحِ من دون اقترافِ ذنبٍ من خلال الأرنب، فقد كان يُعتقد في العصور القديمة أنه يمكن للأرانب أن تتكاثر من دون اتصالٍ جنسيٍّ، ويؤكّد لونُه الأبيضُ على الطهارة والأرنب بحد ذاته رمز الخصوبة ووجوده هنا إيحاء لخصوبة وتجدد الرسالة المسيحية. أما الراعي الذي يعزف على آلة النّفخ المكوّنة من عددٍ من القصبات فإنّه يستحضر عالمَ العصور القديمة، كما أنّ وجوده في المنتصف يذكرنا بمفهوم هامٍّ ومفصليّ عند فناني عصر النهضة وهو ظهور المسيحية التي ستخلّص البشرية لتحلّ محلّ العصر الذهبي للوثنية.
في اللوحة صدىً لظروف مؤلمة للفنان عاشها في نفس سنة رسمه للوحة، فقد توفت زوجته سيسيليا أثناء ولادة ابنه الثالث فعهدته أخت زوجته أورسا تماماً كما عُهد الطفل المسيح في اللوحة لكاترينا الإسكندرانية.
تفاصيل اللوحة:
رسمها الفنان تيشن ما بين سنة : 1525- 1530
زيت على قماش
71 سم * 85 سم
المصدر:
هنا