سياسة معدل الفائدة السالب
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
لماذا الفائدة السالبة ؟
خلال فترة الانكماش يعمد الناس و الشركات إلى تخزين الأموال بدلاً من صرفها، أو حتى استثمارها. و كنتيجة لذلك سوف يحدث تراجع في الطلب الكلي، مما قد يقود إلى حدوث انهيار في الأسعار، والذي يؤدي بدوره إلى تباطؤ أو توقف الإنتاج وانخفاض قيمة الناتج الحقيقي على حدٍ سواء، وأيضاً ازدياد معدلات البطالة. كما أنه و من ناحية أخرى قد ترغب بعض الدول بزيادة معدل التضخم إلى المعدل المرغوب (2%) وتخفيض قيمة عملتها من أجل تحسين الصادرات .
بالإضافة إلى ذلك، يتم الاعتماد على معدل الفائدة السالب كنوع من أنواع السياسات النقدية التوسعية، حيث يقوم البنك المركزي بتخفيض معدل الفائدة الاسمية باتجاه الصفر، لكن في ظل وجود حالة انكماش قوية و بشكل كبير لا يعد هذا كافيا لتحفيز عمليتي الإقراض و الاقتراض، مما يضطر البنك المركزي إلى الاستمرار في تخفيض الفائدة الاسمية حتى تصل إلى الصفر وفي حالتنا هذه إلى ما دون الصفر.
ما معنى الفائدة السالبة؟
بمعنى مبسط يمكن القول بأن معدل الفائدة السالبة هو أن يقوم البنك المركزي- و في حالات خاصة بعض البنوك- باستلام فائدة على النقود المودعة لديه بدلاً من دفع فوائد على هذه الإيداعات حيث أن مودع النقود سيضطر إلى دفع فوائد على إيداعاته.
و على سبيل المثال إذا ما تم تحديد سعر فائدة ( -0.2% ) هذا يعني بأن المودعين سيكونون مجبرين على دفع قيمة هذه الفائدة على أموالهم المودعة بدلاً من استلام فوائد!.
ما الفائدة من ذلك؟
من المتوقع أن يؤدي استخدام سياسة الفائدة السالبة إلى تحفيز البنوك على تشجيع عملية إقراض الأموال بشكل أكثر حرية، كما يشجع الأفراد والمؤسسات على الاستثمار و الاقتراض، حيث يعتبر ذلك أفضل من أن يتم دفع فوائد على الأموال عند إيداعها في البنوك. ونظرياً من المحتمل أن يؤدي وضع سعر فائدة سالب إلى تقليص تكاليف الاقتراض للشركات و الأشخاص و التشجع على الاستهلاك و الاستثمار .
من قام باستخدام الفائدة السالبة؟
كانت البداية من الحكومة السويسرية التي تبنت الفائدة السالبة في أوائل السبعينات من القرن المنصرم لمواجهة ارتفاع قيمة عملتها نتيجة لهروب المستثمرين من التضخم في دول أخرى.
في عام (2009) و (2010) قامت السويد، و من بعدها الدنمارك في (2012) باستخدام معدل الفائدة السالبة من أجل الحد من تدفق أموال المضاربة إلى اقتصاداتها.
و في 2014 قام البنك المركزي الأوروبي (ECB) باستخدام معدل الفائدة السالبة، و ذلك فقط على إيداعات البنوك بهدف منع منطقة اليورو من السقوط في دوامة الانكماش .
ولكن هل من مخاطر لمثل هذا الخيار للبنوك المركزية في العالم؟
في حال وجود أزمة شديدة ودرجة عدم تأكد مرتفعة، ترتفع بالتبعية مخاطر التوقف عن خدمة الديون من جانب المقترضين. وفي ظل هذه الأوضاع لا يتوقع أن تؤدي هذه السياسة إلى تحقيق الهدف منها نظراً لأن البنوك التجارية في هذه الحالة قد تفضل الاستمرار في إيداع أموالها لدى البنك المركزي ودفع فائدة عليها بدلاً من أن تقرضها للجمهور أو لقطاع الأعمال وتحمل مخاطر أعلى.
كما يُخشى من أن يقود فرض المعدل السالب إلى دفع المدخرين نحو اكتناز مدخراتهم بدلاً من استثمارها، أي سحب المودعين لأموالهم والاحتفاظ بها سائلة، وهو ما يؤدي إلى تجفيف منابع السيولة لدى البنوك.
كذلك فإن من أهم الانتقادات التي توجه لسياسة معدلات الفائدة السالبة هي أنها تسهم في رفع أسعار الأصول وتكون فقاعات أسعار نتيجة لذلك، وهو ما يرفع مخاطر الانهيارات السعرية للأصول في المستقبل.
من ناحية أخرى فإن تحسن الأوضاع التجارية الخارجية للدول التي تطبق هذه السياسات النقدية التوسعية سيجعل الدول المتضررة من ذلك تعمد إلى اتخاذ إجراءات لحماية اقتصادها ، وذلك بخفض قيمة عملاتها هي الأخرى، وهو ما يهيئ الظروف لانطلاق حرب للعملات.
وأخيراً فإنه من المتوقع أن تعمل هذه الآثار المفترضة لمعدل الفائدة السالب في حالة واحدة، وهي أن يكون معدل التضخم موجباً، ولكن عندما يكون معدل التضخم سالباً، فإن فرض البنك المركزي لمعدل الفائدة السالب يؤدي إلى رفع معدل الفائدة الحقيقي، الذي يساوي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم، وليس خفضه.
على سبيل المثال لو كان معدل الفائدة سالب عند 0.2% ومعدل تضخم سالب يساوي 0.6%، فإن معدل الفائدة الحقيقي يصبح معدلاً موجباً (0.8%)، وليس سالباً، بعكس ما يستهدفه البنك المركزي.
و لكن في رد على هذه الانتقادات يصرح البعض أن الصفر ليس الرقم الحاسم اليوم، بل إن الناس مستعدة للسماح بفقد 2% إلى 3% من مدخراتها قبل أن تقدم على حفظ النقود تحت أسرة نومها. والسبب يعود إلى سهولة الصرف الإلكتروني، والمحفظة الذكية، والشيكات، إذ وجد أن كلفة حمل النقود السائلة يفوق بـ 11 ضعفاً حمل بطاقات ووسائل الدفع الإلكترونية الممغنطة. كما أن كلفة حماية المدخرات من السرقة سيجعل كلفتها تفوق 2%، بالإضافة إلى أن نظام الضرائب والمحاسبة الحديثين في الدول المتقدمة لا يسمح لغير الأفراد باستبقاء السيولة خارج النظام المصرفي.
المصادر:
1-هنا
2-هنا