الغواصة التي يمكنها البقاء لـ 25 سنة تحت الماء
الهندسة والآليات >>>> الهندسة البحرية
الغواصة النووية التي يمكنها البقاء تحت الماء لـ 25 سنة:
ارتفاعه 65 متر وعرضه 70 متر وطوله 268 متر. هو حوض بناء السفن والغواصات الذي افتتحته رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر في العام 1987. حيث تدخل المواد الأولية للعمل لتخرج بعد عدة أشهر أو سنة غالباً سفينة أو غواصة تمتلك أحدث تكنولوجيات الإبحار في العالم.
في أكتوبر الماضي وبالتحديد في حوض بناء السفن في بارو في فورنيس، المملكة المتحدة. قام ستيوارت غودين مدير قسم هندسة الغواصات في شركة BAE للنظم الدفاعية في كومبريا، بسرد مجموعة شرائح عرض تقديمي يتضمن مقارنة لآخر ما وصل إليه برنامج الغواصات في المملكة المتحدة والمسمى بـ "Astute Class" أو الصنف الماكر مع برنامج مكوك الفضاء الخاص ببرنامج وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA.
المقارنة قارنت على الشكل التالي يقول غودين:
"لدى ناسا طاقم مكون من 5- 7 أشخاص، بينما لدينا 97 شخص تقريباً ".
"هم يخرجون بمهمة لبضعة أسابيع ، أما نحن فنخرج لـ 90 يوماً على أقل تقدير".
"هم قاموا بشكل اعتيادي بحدود 100 مهمة، أما نحن فنعمل في مهام منذ أكثر من 25 سنة".
"هم في أقصى حالاتهم قطعوا مسافة 200 ميل غالباً، بينما نحن نغوص مئات الأمتار تحت سطح البحر".
"هم لا يتعرضون لضغوط عالية عندما يصلون بل فقط تنعدم عنهم الجاذبية وهذا أمر جميل حقاً، أما نحن فنتعرض لضغوط عالية جداً وعمليات تآكل شديدة ومستمرة تحت سطح البحر".
تقتضي مهمة غودين في التواصل مع حجم ما تم تحقيقه في مشروع تسليم Astute "الماكرة": فهذه الغواصة ليست مجرد سفينة أكثر تعقيداً من غيرها، إنما بل هي عالم مختلف تماماً من الهندسة. فهي بإمكانها البقاء لأسابيع بل شهور تحت سطح الماء، وهي فترة قد تتعرض فيها لهجوم ما. كما أنها ستحوي دوماً على متنها خلال فترة حياتها الافتراضية مفاعل نووي بالقرب من عدد من الصواريخ وأكثر من 100 بحار.
بشكل عام تستطيع الغواصات البريطانية البقاء في عرض البحر لأكثر من 15 عام كحد أقصى قبل إعادة تزويدها بالوقود النووي من جديد. أما الغواصة الجديدة سيكون بإمكانها البقاء في عرض البحر لـ 25 عام قبل التزود بالوقود ولن تطفو على سطح الماء إلا عند إجراء عملية التزود بالطعام.
يعتقد غودين أنه سيكون من الصعب بناء هذه الغواصة وسيكون بناؤها من أكثر المشاريع تحدياً وتعقيداً في العالم أكثر من أي وقت مضى على حد قوله.
ستكون الغواصة الماكرة Astute أخفض الغواصات ضجيجاً في العالم. وستتطلب كل مهمة تقوم بها تقريباً عدة أمور منها القدرة على التخفي والتنصت ضمن المياه المعادية وإيصال فرق العمليات الخاصة من تحت سطح الماء، وتتبع سفن وطائرات العدو واصطياد سفن العدو، وأيضاً الاختباء بهدوء أثناء إطلاق صواريخ "التوماهوك" الخاصة بها وهي تحت سطح الماء على أهداف برية تبعد أكثر من 1500 كم.
اليوم يوجد حوالي 3500 شخص يعملون على مشروع الماكرة "Astute" بكلفة إجمالية تبلغ 10 بليون جنيه استرليني. وهؤلاء الأشخاص واجهوا تحديات كثيرة منها بناء وتمديد 97 متراً من القطع المعدنية التي يبلغ وزنها بالإجمال 7400 طن مع 100 شخص بداخلها. وأيضاً من التحديات الأخرى كان تزويدها بأجهزة التنصت باستخدام مصفوفات من الهيدروفون أو "السماعات المائية" وتعليقها على جميع الأسطح الخارجية للغواصة.
يقول غودين: "قمنا بإنشاء نماذج حاسوبية للهياكل المعدنية مضمنّة في أنظمة الدفع والأنابيب، ثم قمنا بنمذجة الآلية التي نحدد من خلالها كيفية انتقال الضوضاء عبر هذه أنظمة الهياكل والأنابيب إلى بدن الغواصة، وبعد ذلك قمنا بتحوير وتغيير مسارات الضوضاء هذه لجعل الغواصة هادئة وبلا ضجيج أكثر ما أمكن".
كما تم القيام بنمذجة الآلية التي تتعرض فيها الغواصة لهجوم من طوربيد "صاروخ تحت مائي يستخدم لتدمير سفن وغواصات العدو ومنشآته البحرية" أطلقته غواصة معادية.
بشكل عام فإن الأسلحة المستخدمة تحت الغواصات لا تحتاج أن تكون شديدة الانفجار فضررها الحقيقي لا يحدثه انفجارها إنما حجم الفقاعة الهوائية التحت مائية التي يشكلها الانفجار تحت جسم الغواصة أو السفينة والتي تقسم هذه السفينة أو الغواصة إلى نصفين. بالتالي ومن أجل هذه الحالة قام مصممو الفئة "Astute" بنمذجة تأثير انفجار الفقاعات وتأثيرها ومن ثم بناء جسم الغواصة الذي سيكون بمقدوره الصمود أمام مصادر الخطر هذه.
وفقاً للمكتب الوطني لتدقيق الحسابات NAO فإن أول ست سنوات من عمر مشروع Astute كان يعاني مشاكل تقنية سببها التصميمات ثلاثية الأبعاد باستخدام الحاسوب والتي بدأ استخدامها لأول مرة على الغواصات البريطانية ضمن هذا المشروع (كان مصممو الغواصات البريطانيون يستخدمون الرسوم ثنائية البعد). وحسب NAO فإن هذه المشاكل سببت ارتفاعاً في الكلفة بحدود 1 بليون جنيه استرليني وما يقرب أربع سنوات من التأخير.
المهم في الموضوع أنه ما أن انتهت المشاكل التصميمة، تم البدء بالمشروع. حيث تم صنع البدن من مقاطع فولاذية ومن ثم تمت عملية إضافة الأنابيب والكابلات والتجهيزات الأخرى. كل شيء تم اختباره، ثم تمت عملية توصيل الأجزاء الفولاذية ودمجها مع باقي الأنظمة واختبارها من جديد. الجدير بالذكر أن قمرة القيادة لقائد الغواصة تم بناؤها بشكل منفصل وزودت بأحدث المعدات والتقنيات والنتيجة "عمل هندسي رائع" حسب قول غودين.
بالنسبة للغواصة البريطانية HMS Astute فقد أشارت المعلومات إلى أن المفاعل النووي الخاص بها تم وضعه داخل هيكل فولاذي صلب. ويعتمد المفاعل على وقود اليورانيوم المخصب Uranium-235 مع مجموعة من قضبان التحكم بعمله. فعندما تتم إزالة هذه القضبان تبدأ ذرات اليورانيوم بالانشطار وتوليد الطاقة. الطاقة الناتجة تقوم بتسخين الماء الموجود في الأنابيب البخارية، حيث يتم تسخين الماء في نظام أنابيب ثانوي ويستخدم البخار الناتج عنها في تشغيل التوربينات التي تقود الغواصة.
إن العمليات المتعلقة بتشغيل وحماية المفاعل الموجود في الغواصة معقدة بعض الشيء ... فالمفاعل يتم تبريده عن طريق مياه البحر والتي يجب ضخها باستمرار إلى حجرة التبريد، وللحفاظ على هذه المضخات هادئة ولا تصدر ضجيجاً فقد تم تثبيتها على العوامات وأسفل الغواصة. لا يقتصر الأمر على تأمين التبريد للمفاعل عن طريق مياه البحر، إنما تحتوي الغواصة على نظام يقوم بتحويل مياه البحر إلى مياه عذبة ومن ثم يتم تحويلها إلى هواء عادي للتنفس وهذا سبب قدرتها على البقاء تحت الماء لفترات طويلة.
أثناء العمل في البيئات الخطرة يتم إطفاء كل شيء ويحظر تشغيل التوربينات وأنظمة الضخ ويتم إرسال طاقم الغواصة إلى أسرته، فإسقاط أي شيء على الأرض أو إصدار أي ضجيج ولو كان بسيطاً يمكن سماعه من الغواصات الأخرى المعادية.
هناك الكثير من الأمور والعوامل التي تؤثر في عمل الغواصة. وطبعاً الهاجس الأكبر لقائد الغواصة وأفراد طاقمه هو اكتشاف موقعه. والجدير ذكره أن إصدارات غاز ثاني أوكيد الكربون يعد عامل هام وخطير في كشف موقع الغواصة، ففقاعات CO2 يمكن أن تطفو إلى السطح وتشكل تهديداً للغواصة في حال وجود طائرات أوسفن مضادة للغواصات في المنطقة. ومن أجل التخلص من فقاعات CO2 تمت عملية إضافة مشتت في فتحة خروج غاز CO2 حيث يقوم هذا المشتت ببعثرة الفقاعات الخارجة إلى فقاعات صغيرة جداً في اتجاهات غير محددة من أجل التخلص منها.
إحدى أهم المراحل التي تمر بها هذه الغواصة قبل بدء خدمتها في البحر، هو السفر إلى القاعدة البحرية التابعة للبحرية الأمريكية في خليج الملوك في ولاية جورجيا، حيث تمر هناك ضمن حلقات ضخمة من المعدن من أجل إنقاض بصمتها الرادارية (وهذه عملية ضرورية للغواصة كون بدن الغواصة يتعرض للطرق بشكل مستمر قبل نزولها للماء، مما يجعلها أشبه بمغناطيس شديد التأثير قبل نزولها الماء) ، إن عملية تقليص البصمة الرادارية للغواصة تزيد من قدرة الغواصة على العمل في بيئات الحرب البحرية المعقدة وذات التداخل الكهرطيسي العالي.
بالنسبة لعملية التقاط الصور فوق سطح الماء، تم تزويد هذه الغواصة بجميع الوسائل الممكنة للتزود بالصور من على سطح الماء ، حيث يوجد مسبار على سطحها يمكنها من مشاهدة ما فوق سطح الماء عندما تكون بالقرب من سطح الماء، أما عندما تكون في أعماق البحار فإنه يتم إرسال مسبار الكتروني مزود بكاميرا تصوير متقدمة تقوم بإرسال الصور إلى الغواصة مباشرة.
المصدر: هنا
مصدر الصورة : هنا