استخدام الـDNA لتخزين المعلومات
البيولوجيا والتطوّر >>>> بيولوجي
في الحقيقة لا، فمعارفنا بهيئتها الحالية ربما صمدت بصعوبة خمسين عاماً لكنها من المستحيل أن تبقى لآلاف السنين، ولهذا يبحث الباحثون عن طرق جديدة لتخزين أحجام ضخمة من البيانات لمدة طويلة جداً. وهناك تركيز خاص على وسط التخزين الأوسع انتشاراً في الطبيعة: الـDNA.
ما هي طريقة تشفير البيانات على شكل DNA؟
يتألف الـ DNA من وحدات صغيرة مرتبطة معاً هي النكليوتيدات الأربعة المعروفة (A, C, G, T) ويمكن القول أن الباحثين وضعوا لتسلسلات الـDNA رموزاً عددية، حيث يمثل النكليوتيدان A,C القيمة صفر، بينما يمثل النكليوتيدان G,T القيمة واحد. وهكذا يتحول الـ DNA إلى مصفوفة من أصفار وواحدات تستخدم لتشفير ما نرغب به من كلمات.
يستطيع الـDNA تخزين كميات ضخمة من البيانات المضغوطة، حيث يُخزّن في الغرام الواحد ما يعادل 455 إكسابايت (455 مليون غيغابايت) ولكن لسوء الحظ فاستعادة هذه البيانات بدقة تامة ليست دائماً ممكنة، إذ يمكن نشوء فجوات وأخطاء في البيانات المخزنة المشفرة نتيجة التحطم الكيميائي وأخطاء بناء تسلسلات الـDNA.
كشف الآن باحثون من زوريخ بقيادة الباحث Robert Grass عن طريقة ممكنة لحفظ المعلومات دون أخطاء لمدة قد تصل إلى مليون عام! حيث قاموا بكبسلة قطع الـDNA الحاملة للمعلومات في مادة السيليكا (الزجاج) ثم يتم تصحيح الأخطاء في البيانات عن طريق خوارزمية معينة.
"المستحاثات الصنعية" تمثل رداءً واقياً ضد الزمن:
قبل سنتين وضح باحثون أن البيانات يمكن حفظها وإعادة قراءتها على شكل DNA، وفي تلك الحالة فالمدة الزمنية بين "كتابة" المعلومات (تصنيع التسلسل المشفر الموافق لهذه المعلومات على شكل DNA) وقراءتها (فك تسلسل هذا الـDNA) كانت مدة قصيرة جداً، وحتى هذه المدة القصيرة شكلت تحدياً فيما يخص هامش الخطأ في كتابة أو قراءة الـDNA، وعبر زمن أطول يمكن أن يتغير الـDNA كثيراً، حيث يتفاعل مع البيئة مما يشكل عقبة في طريق حفظ المعلومات لمدة طويلة. ولكن في الوقت ذاته نلاحظ أن المادة الوراثية الموجودة في العظام المتحجرة التي يعود تاريخها إلى مئات آلاف السنين يمكن عزلها وتحليلها كما لو كانت مكبسلة ومحفوظة خارج الزمن. وقد كانت هذه العظام ما ألهم الباحثين لحماية الـDNA الحامل للمعلومات عبر إحاطته بقوقعة "إحاثيّة".
تفاصيل العملية:
قام Grass وفريقه بكبسلة الـDNA في كرات من السيليكا ذات قطر لا يتخطى 150 نانومتر. حيث اختاروا أن يحفظوا بهذه الطريقة ميثاق سويسرا الفيديرالي الذي وُضع عام 1291 وطرائق النظريات الميكانيكية لأرخميدس. وقاموا بحفظ الكبسولات في درجة حرارة 60-70 مئوية لمدة شهر كامل لمحاكاة التخرّب الكيميائي للـDNA الحامل للمعلومات عبر مدة زمنية طويلة حيث تماثل هذه الشروط تعرض الكبسولات للتخريب الكيميائي لمدة تفوق مئات السنين ولكن في ظرف أسابيع قليلة فقط. ويمكن بهذه الطريقة مقارنة حفظ الـDNA في أغلفة السيليكا مع حفظه بطرق التخزين الشائعة الأخرى كاستخدام ورق الفلترة المشرّب بالـDNA أو استخدام البوليميرات الحيوية. تبين أن حفظ الـDNA في غلاف من زجاج السيليكا كان الطريقة الأقوى، ولاستخراج الـDNA بغية قراءته يستخدم محلول فلورايد لعزله بسهولة عن زجاج السيليكا. ويقدر الباحثون مدة ثبات كبسولات الـDNA عند حفظها بدرجة حرارة 18 تحت الصفر (في بنك البذور العالمي مثلاً) بمليون سنة، في حين تدوم المعلومات المحفوظة على الأفلام المايكروية لمدة لا تتعدى الخمسمئة سنة.
لحل مشكلة فقدان المعلومات نتيجة التخرّب الكيميائي عمل الباحثون على أن تكون البيئة الحافظة خالية من الماء (وسط التفاعل لمعظم التفاعلات الحيوية)، كما طور الباحث Reinhard Heckel من نفس المؤسسة البحثية نظاماً لتصحيح الأخطاء الواردة عن طريق تخزين بيانات إضافية مع البيانات الأصلية وتدعى هذه الطريقة بطريقة Reed Solomon.
دعونا الآن نطلق لمخيلاتنا العنان، ما هي برأيكم المعلومات الأجدر بالحفظ لآلاف أو ملايين الأعوام القادمة؟
المصادر:
هنا
هنا