التوت، والبرد، وتنشيط الخلايا الدهنية.. ما العلاقة بينهم؟
الغذاء والتغذية >>>> الفوائد الصحية للأغذية
لا يمكن لفاكهةٍ بديعةِ الشكل وغنيّةٍ بهذه الألوان الجميلةِ إلّا وأن تكونَ ملأى بالكثير من الفوائد الصحيّة.. فكيف يمكن لفاكهة مثل التوت البريّ أنْ تؤثرَ على الدهون؟ وما هو دور البرد في كل ذلك؟
التوت البري، هو أحد أنواع الثمار التي تنمو معلّقةً على أشجار التوت النفضية (متساقطة الأوراق) التي تنتمي إلى العائلة التوتية Moraceae. يتميّز التوت بمذاقٍ حلوٍ، فضلاً عن غِناه بالكثير من الفوائد الصحية، والتي تتنوع من تخفيض الكوليسترول، وتحسين مستوياتِ السكر في الدم، وتقليلِ خطر الإصابة بالسرطان. ويعتقد الباحثون أنَّ مركبَ الروتين Rutin الموجودَ بشكلٍ طبيعيٍ في التوت البري قد يكون أهمَّ مركّبات التوت في التأثير على البدانة والسمنة وعلاجِهما.
تمتلك البدانةُ العديدَ من الآثار السلبية على الصّحة، فقد يُصاب الشخص البدين بالداء السكري من النوع الثاني، أو ارتفاع الضغط، أو السكتة الدماغية، فضلاً عن بعض أنواع السرطانات. وعلى الرغم من أنَّ تغييرَ نمطِ الحياة والغذاء، وزيادةَ النشاطِ البدني يُعتبران من الاستراتيجيات الأساسية لعلاج السمنة، إلّا أنَّ هذه التغييرات قد لا تكون كافيةً لبعض الأشخاص، ومن هنا برزت الحاجة لتسليط الضوء على طرقٍ بديلةٍ للعلاج.
انطلاقاً ممَّا سبق، قام الدكتور Wan-Zhu Jin، المشاركُ في الدراسة من معهد Institute of Zoology at the Chinese Academy of Sciences مع فريقٍ من الباحثين بالتحقق من الآثار الأيضية (الاستقلابية) لمركب الروتين Rutin بهدف تحديد فعاليّتِهِ في تخفيض الوزن.
عمل مركب الروتين Rutin يحاكي البرد، وينشّط الدهون البنية! ولكن ماذا يعني هذا؟
قام الفريقُ أولاً بإضافةِ الروتين Rutin إلى مياه الشرب الخاصة بمجموعتين من فئران التجارب بتركيز 1 ملغ/ميليليتر، وكانت المجموعةُ الأولى تعاني من بدانةٍ وراثية، في حين أُحدثَت البدانة في المجموعة الثانية باتّباعِ نظامٍ غذائيّ خاص، ثم خضعت كلتا المجموعتين لحميةٍ غذائيةٍ عاديةٍ ومتماثلة طوال فترة الدراسة.
وُجد أنّ الروتينَ عمل على تنشيط الأنسجة الدهنية البنية Brown adipose tissue (BAT) في كلٍ من المجموعتين، الأمرُ الذي يؤدي إلى زيادةِ استهلاك الطاقة، وتقليلِ الدهون، وتحسين استقرار مستوى السكر في الدم (نتيجةَ تحقيق التوازن بين هرمونَيْ الإنسولين والغلوكاغون المسؤولَين عن الحفاظ على مستويات السكر في الدم).
وماذا عن دور البرد إذاً؟
يعلم الباحثون أنَّ البرودةَ تؤدي إلى تنشيط الدهون البنية في أنسجةِ الجسم، مما يؤدي إلى حرق كمياتٍ أكبرَ من الطاقة وإنتاجِ حرارةٍ، الأمر الذي يُساهم أخيراً في التقليل من الوزن الزائد. ووفقاً للباحثين، فإنَّ مركبَ الروتين الموجودَ في التوت البريّ يحاكي البردَ في هذا التأثير، فيحفّز تياراً من الإشارات النوعية التي تزيد من نشاط المورث المُسمّى Uncoupling protein 1 (UCP1)، فضلاً عن تنشيطٍ أعدادٍ من المتقدّرات Mitochondria الموجودةِ في خلايا الدهون البنية والتي تعتبر مسؤولةً عن الطاقة في الخلية. يُضاف لما سبق ما لاحظهُ الباحثون من تكوّن خلايا شبيهةٍ بالخلايا الدهنية البنية في الطبقات الدهنية العميقة تحت الجلد بتأثير الروتين، وذلك لكلا المجموعتين من الفئران البدينة.
وبناءً على تلك النتائج، يعتقد Jin وزملاؤُه أنَّ الآثارَ المفيدةَ للروتين في تحسين التمثيل الغذائي المعتمِدِ على الأنسجة الدهنية البنية قد تُقدِّمُ نهجاً جديداً في علاج البدانة وغيرِها من الحالات المرتبطة بالوزن الزائد، كالسكري.
وتماشياً مع هذه الفكرة، لا بدّ من التحرّي والبحث عن مزيدٍ من المواد القادرةِ على تحفيزِ الأنسجة الدهنية البنية، شريطة أن تكون سليمةً على البشر، وذلك بغيةَ استخدامها كعلاج مستقبليّ للبدانةِ والأمراض المتعلقة بها.
المصدر: هنا
الدراسة المرجعية: هنا