الفلسفة الوضعيّة
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
بدأَ عملُ هذه الفلسفةِ بُعَيدَ الثورةِ العلميّةِ في القرنِ السابعَ عشرَ أثناءَ التطوّرِ الكبيرِ للعلومِ الطبيعيّةِ والنظرياتِ العلميّةِ التي أخذَتْ بالظهورِ بشكلٍ قويٍّ ومُتسارعٍ، عندما بدأتْ سيطرةُ الإنسانِ مِنْ خلالِ هذهِ النظريّاتِ على الطبيعةِ المحيطةِ.
سلّطَتِ الفيزياءُ الضوءَ على العديدِ من الأمورِ والمفاهيمِ العميقةِ، كمثلِ نشْأةِ الكونِ، والطاقةِ الشمسيّةِ، ووَلَّدَتْ كذلكَ تقنياتٌ أوصلَتْنا اليومَ إلى الكومبيوتراتِ ... إلخ.
تَقدُّمُ هذهِ العلومِ الواضحِ والسريعِ والقويِّ أيضاً، وضعَ العلماءَ أمامَ سؤالٍ بخصوصِ كيفيّةِ السيطرةِ على هذهِ العلومِ، وإلى أيِّ درجةٍ قد يكونُ هذا التطوّر صالحاً أخلاقيّاً؟
هذا ما دفعَ العديدَ مِنَ الفلاسفةِ وأصحابِ النظريّاتِ الإجتماعيّةِ لوضعِ النظرياتِ العلميّةِ موضعَ الدراسةِ بالنسبةِ للعالمِ الإجتماعيِّ.
فإذا استطاعَ الإنسانُ أن يشرحَ ويتنبّأَ بقوّةِ العلومِ الطبيعيّةِ يُمكنُهُ أنْ يَحُلَّ العديدَ مِنَ المشكلاتِ الإجتماعيّةِ كالعنفِ أو الفقرِ أو ... إلخ وهذا إنّما يعني تحسينُ كلِّ المؤسّساتِ الخاضعةِ للإنسانِ.
هؤلاءُ الذينَ يدعمونَ فكرةَ ارتباطِ العلومِ الطبيعيّةِ بالإجتماعيّةِ يرَونَ إمكانيّةً في توحيدِ المنهجينِ، وتُعرَفُ هذهِ المدرسةِ بالمدرسةِ الوضعيّةِ Positivism. وترى هذه الفلسفة أنَّ التجربةَ أساسُ المعرفةِ الحقيقيّةِ.
صاغَ مصطلحُ الوضعيّةِ الفيلسوفُ "أوغست كونت" "Auguste Comte" في القرنِ التاسعَ عشرَ، حيثُ رأى أنَّ جميعَ النظريّاتِ يجبُ أنْ تخضعَ لتفسيرٍ علميٍّ، وليسَ هدفُ التفسيرِ العلميِّ محاولةُ فهْمِ عوالمَ غيرَ محسوسةٍ وغيرَ معلومةٍ.
وإنّما الهدفُ هو التنبّؤُ العلميُّ، ورفعُ النقابِ عن القوانينَ التي تحكمُ الظواهرَ الملحوظةَ.
وطالما أنَّ النظريّاتِ تخضعُ للتجربةِ، فمِنَ الممكنِ توحيدُ مناهجَ العلومِ الطبيعيّةِ والإجتماعيّةِ لتتبُّعِ المنهجِ الوضعيِّ.
في الثلثِ الأوسطِ من القرنِ العشرينَ ظهرَ فرعٌ جديدٌ للمدرسةِ الوضعيّةِ وهوَ المدرسةُ الوضعيّةُ المنطقيّةُ، وترى أنَّ الحالاتِ ذاتِ المعنى الموجودةِ في عالمِنا قليلةٌ جدّاً بالنسبةِ لِمَا يُمكِنُنا وضعهِ تحت التجربةِ.
لعدّةِ أسبابٍ بدأتِ الوضعيّةُ في النصفِ الأخيرِ من القرنِ العشرين بالانهيارِعلى صعيدِ المدارسِ الفلسفيّةِ، إلّا أنّها ما تزالُ تمارِسُ تأثيرَها في نطاقِ دُعاةِ وِحدَةِ المناهِجِ.
المصدر:
هنا