النظرية الطوعية - Voluntarism
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
ويعود الفرق بين الطوعية والعقلانية إلى نظريات العصور الوسطى والحديثة عن قانون الطبيعة، حيث تقول أنه إذا أسلمنا أن القوانين الأخلاقية أو الفيزيائية مستمدة من الله، فيجب عندها أن نحدّد إذا كانت مستمدة من إرادة الله أو من المنطق الإلهي. وفي فلسفة القرون الوسطى تم تأييد الطوعية من قبل سليمان بن جبيرول، دونس سكوتوس ووليم الاوكامي . وبالمقابل تم تأييد العقلانية من قبل ابن رشد، توماس الاكويني وايكهارت. وتمّ تطبيق النظريتين المتعاكستين في علم نفس الإنسان، الطبيعة الإلهية، الأخلاق والجنّة.
فوفقاً للعقلانية، تنتج خيارات الإرادة ممّا يختاره العقل أنّه جيّد. وعلى النقيض، حسب النظرية الطوعية الإرادة هي التي تحدّد ما هو الجيّد والإرادة بحد ذاتها غير محددة. وفيما يتعلق بطبيعة الجنّة العقلانيون التابعون لأرسطو يعتبرون الحالة النهائية للسعادة هي حالةٌ من التأمّل. وعلى النقيض أيضاً فإنّ الطوعيين يعتبرون السعادة النهائية هي فعل يعود بشكلٍ نوعي للحب.
وإن مفهوم اللاهوت بحدّ ذاته مختلف بين هذين الرأيين، فإنّ العقلانية تقول أنه يجب على اللاهوت أن يكون علماً تأمليّاً أساسياً. ووفقاً للطوعية هو علمٌ عملي يهدف للسيطرة على الحياة، لكن لا يهدف بالضرورة لإدراك الحقيقة الفلسفية. وفي العصر الحديث، دافع سبينوزا عن العقلانية بقوله أنّ الرغبة هي اعتبار غير مثالي والمشاعر هي مصدر للعبودية البشرية. فعندما تُرى كل الأشياء وفق علاقات منطقية وتكون الرغبة هادئة والعقل حر من المشاعر، نستطيع اختبار الحب العقلاني لله والذي يعبر عن السعادة المثالية. ووفقاً ل لابينتز إن تأويل سبينوزا للكون بالمنطق والعقلانية لا يترك مكاناً للفرد أو لفهم الأهداف كعامل محدّد في الواقع. فتشاهد الطوعية في نظرة لايبنتز القوانين التي تحكم وحيدات الخلية (الوحدات التي يتألف منها كل الواقع) بأنها قوانين الإدراك الواعي للأهداف. ويعود أصل الطوعية في القرن التاسع عشر إلى كانط خاصةً في مذهبه " أولوية الممارسة على المنطق الصرف ".
لا يمكن تحقيق الحرية بالفكر، لكن عندما يتصرف الفرد بدافعٍ مدعوم بالمنطق فهو يُظهر الفعالية العملية للمنطق. وبالتالي إظهار حقيقتها بإحساس عملي. وتبعاً ل كانط، هناك نوعان مختلفان من الطوعية يمكن تسميتهما بالطوعية العقلانية والطوعية اللاعقلانية.
بالنسبة ل يوهان فيشته مُنشئ الطوعية العقلانية، يقول أن الأخلاق أساسٌ في كل من مجال السلوك ومجال المعرفة. العالم الحقيقي، بكل ما يحويه من نشاطات يجب أن يتم فهمه كأداة لنشاط المنطق العملي، أي باعتباره وسيلة تحقِّق من خلالها الإرادة الحرية الكاملة والوعي الأخلاقي الكامل.
أمّا الطوعية اللاعقلانية ل شوبنهاور، تؤكّد على معارضة أكثر جذرية بين الإرادة والعقل. حيث يعتبر الإرادة ذات طبيعة غير عقلانية تُظهر نفسها في مراحل مختلفة من عالم الطبيعة مثل الفيزياء، الكيمياء، القوى المغناطيسية والحيوية، وبشكلٍ بارز في عالم الحيوانات على شكل " إرادة البقاء " التي تعني الميل إلى فرض نفسها في النضال من أجل الوجود وتكاثر النوع. وهذا النشاط بكامله أعمى والعامل الشخصي معني رغم كون قوة ووجود الإرادة مؤكّدين باستمرار.
المصدر:
هنا