مخلوقات سحريّة في عالمنا؟ فلنحافظ عليها!
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عجائب الأحياء
تطرح الدّراسة المنشورة في جريدة Oryx أمثلةً من عدّة بلدان منها مدغشقر، وأيسلندا، واسكتلندا، وإثيوبيا، وتانزانيا، مقدّمةً صورة عن الآثار الإيجابيّة والسلبيّة للمخلوقات الخرافيّة على حماية الحيوانات المهدَّدة بالانقراض.
يقول الدكتور جورج هولمز: "من الصّعب التنبّؤ بكيفيّة تأثير المخلوقات السحريّة على أهداف الحماية. حيث أنّ هناك بعض الأمثلة على حالات أضرّت فيها الأساطير والخرافات بفرص نجاة أنواع حيوانات معيّنة، وهناك أمثلة أخرى على حالات ساعدت فيها على نجاة أنواع من الانقراض.
الآراء الحاليّة حيال الخرافات حول الحيوانات السحريّة ليست ملائمة ضمن مجال الحماية، حيث أنّها غير قادرة على التّعامل مع ما هو بنظر الكثيرين مجرّد تصرّفات واعتقادات غير منطقيّة ما نحتاجه حقّاً هو نهج حماية متعدّد التخصّصات يساعدنا على فهم التّفاعلات بين البشر والتّنوّع الحيويّ الواقعيّ والخرافيّ".
كما تقول الباحثة كارولين وورد من جامعة ليدز أنّ مدغشقر هي خيرُ مثالٍ على حاجتنا لفهم معتقدات النّاس السحريّة، حيث أنَّ هناك أمثلة على حالات تبسيط شديد لهذه المعتقدات أدّت إلى نتائجَ غيرَ متوقّعةٍ في مجال حماية الحيوانات المهدّدة بالانقراض.
- مدغشقر السحريّة
تسلّط الدّراسة الضّوء على مدغشقر، حيث كثيراً ما ترتبط المعتقدات الروحانيّة حول الحيوانات السّحريّة والخرافيّة بالمحرّمات المحليّة الّتي تشكّل جزءاً كبيراً من ثقافة مدغشقر.
من جهة أولى قد ينتج عن هذه المحرّمات حماية للأنواع، وقد شجّعت عليها مشاريع الحماية الّتي تسعى لتقوية هذه المعتقدات المحليّة.
فكثيراً ما تُستخدَم هذه المحرّمات لإظهار الطّريقة الّتي يمكن بها حماية الأنواع المهدّدة بالانقراض بحيث تتماشى مع التّقاليد، حتّى أنّها اعتُبرَت سبباً من أسباب قلّة انتشار صيد الطّرائد في مدغشقر.
وكمثال على ذلك تمّ التّرويج لأحد هذه المحرّمات من أجل منع انقراض السّلحفاة المُشعّة، والّتي يرفض شعب مدغشقر إيذاءها، وفي بعض الأحيان حتّى لمسها، خوفاً من العقاب الروحيّ. غير أنّ السّكّان المحلّيّين لا يمنعون الأجانب من إيذائها لأنّهم يرون أن القوانين المحليّة لا تنطبق عليهم.
ومن جهة ثانية تصف الدّراسة أيضاً عدّة حالات في مدغشقر تؤدّي فيها المحرّمات إلى اضطّهاد حيوانات معيّنة. حيث يُعتَبر حيوان الآيآي Aye-aye نذيرَ شؤمٍ في مدغشقر، وظهوره يُنبّئ بموتِ أو مرضِ أحد ما في القرية.
يعتقد البعض أنّ حيوانات الآيآي تتسلّل إلى المنازل وتقتل السّكّان النّائمين باستخدام أصابعها الطويلة لثقب الشريان الأبهر للضحيّة. وبسبب هذه الخرافة تنصّ أحد المحرّمات المحليّة على وجوب قتل حيوانات الآيآي وتعليقها على أعمدة على جانب الطّريق لتجنّب الحظّ السيّء.
- المخلوقات السحريّة تساعد على حماية الحيوانات النّادرة
يتحدّث البحث عن المخلوقات الخرافيّة الّتي تعمل بمثابة مظلّة خفيّة تحمي جميع الكائنات غير السحريّة والّتي تشاركها الموطن. ففي عام 2013، رُفعَت قضيّة في المحكمة ضدّ إنشاء طريق سريع جديد لأنه كان يعترض موطن نوع قدير-الجنّ الآيسلنديّ-، أو الهولدوفولك Huldufolk.
وفي عام 2015، زار 350,000 شخص موقع سياحة بيئيّة مزدهر في اسكتلندا لأنّه موطن حيوان نادر-وحش بحيرة نيس-. وهكذا ساعد هذا المخلوق الخرافي على جمع إيرادات لصالح حماية وإدارة المنطقة، بالإضافة إلى تأمين قيمة اقتصاديّة عالية لها.
أما في إثيوبيا، تُطعَم الضّباع المرقّطة من اليد في بعض المناطق، بسبب الاعتقاد السّائد بأنّها تبتلع الأرواح الشريرة بواسطة صوتها، بالإضافة إلى دورها في افتراس الحيوانات العاشبة الّتي تقضي على المحاصيل. بالتالي ساعدت هذه المعتقدات على الحفاظ على أعداد الضّباع المرقّطة التي كانت قد بدأت بالتّناقص في بعض الأماكن، بالخصوص المناطق الحضريّة النّامية.
يقول الدكتور توماس سميث من جامعة كارديف: "علينا أن نبدأ بنقاش إمكانيّة تأثير الوحوش المذهلة (الخرافيّة) على قدرتنا على حماية العالم الطبيعيّ، لأنّه لا توجد هناك حالات بسيطة.
إنَّ تجاهل العلماء المهتمّين بحماية البيئة للمخلوقات الخرافيّة يشكّل خطراً على كلّ من التنوّع الحيويّ والسكّان المحلّيّين الّذين يعيشون بالقرب من مواقع محميّات طبيعيّة مهمّة.
علينا أن ندرس بشكل أعمقَ تأثيرَ المخلوقات الخرافيّة على حماية الحيوانات وعلى السكّان إن أردنا حماية الأنواع المهدّدة بالانقراض بشكل فعّال".
فالخرافات بشكل عامّ مبنيّة أساساً على الواقع مع تحوير بسيط أو كبير بمضمونه محوّلة الحيوانات مجهولة الهويّة إلى وحوش خرافيّة وبعض الفراشات إلى جنّيات صغيرة إلا أنّها تلعب -بشكل أو بآخر- دوراً هامّاً جدّاً في كيفيّة تعاطي السكّان مع هذه الكائنات بغضّ النظر عن مصدرها.
المصادر:
هنا