اكتشاف أول دليل رصد مباشر على التضخم الكوني
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
أعلى الباحثون في تجربة BICEP للبحث ضمن استقطاب إشعاع الخلفية الكوني الميكروي اليوم عن كشفهم لأول الدلائل المباشرة على التضخم الكوني. حيث مثلت بياناتهم أيضا أول صور الموجات الثقالية أو تموّجات في بنية الزمكان. كما أكدت البيانات أخيراّ وجود صلات عميقة بين ميكانيك الكم والنسبية العامة. ويقول جون كوفاك قائد فريق أبحاث التلسكوب BICEP2 : يعد التقاط هذه الإشارات أحد أهم الاهداف في علم الكونيات اليوم. وقد أدى العمل الكثير المنجز من قبل العديد من الاشخاص إلى هذا الحدث.
وقد جاءت هذه النتائج بعد عمليات رصد لإشعاع الخلفية الكوني بواسطة تلسكوب BICEP2. وتعطينا الاضطرابات البسيطة في توزع هذا الاشعاع فكرة عن الظروف السائدة في بداية حياة الكون. فمثلا اختلاف درجات الحرارة بين مناطق معينة على الخرائط التي تظهر اشعاع الخلفية الميكروي تعطينا فكرة عن المناطق التي كانت فيها المادة أكثر كثافة عند بداية الكون وبالتالي تجمعت أكثر لتعطي لاحقا المجرات والعناقيد المجريّة.
وبما أن إشعاع الخلفية الميكروي هو في النهاية اشعاعات كهرطيسية كالضوء فهو ايضا يمتلك خواصاً كخواص الضوء بما في ذلك خاصية الاستقطاب. وهي الخاصة التي تسمح لنظارتنا الشمسية بالتخفيف من حدة وهج الشمس بعد أن يكون ضوئها قد استقطب نتيجة تبعثره بذرات الغلاف الجوي. كذلك في الفضاء يتبعثر اشعاع الخلفية الميكروي بواسطة الذرات والالكترونات المنتشرة في الكون ويصبح أيضا مستقطباً. (لنفهم الاستقطاب تخيل وجود الف شخص واقفين ومنتشرين في ساحة كبيرة. من المنطقي أن نتصور أن الجميع ينظر في جميع الاتجاهات بسبب عدم وجود مؤثر خارجي يجعل من أحد الجهات مميزة عن غيرها. بوجود مؤثر خارجي، رياح شديدة مثلا، ستجد أن هناك اتجاها مفضلاً للجميع ينظرون نحوه. ونقول عن الوسط في هذه الحالة انه مستقطب).
" يقوم فريقنا بالبحث عن نوع خاص من استقطاب فوتونات اشعاع الخلفية الميكروي ندعوها B-modes تتمثل في التفافات في توجهات استقطاب الاشعة الواردة" كما يشرح أحد قادة فريق البحث جيمي بوك. خطوط الاستقطاب الشبيهة بالدوامات (كالتي تظهر في الصورة الصغيرة) هي خاصية مميزة للأمواج الثقالية بسبب جهة دورانها المحددة. تعطينا هذه الصورة أول دليل مباشر على الأمواج الثقالية المنتشرة عبر سماء الكون في بدايته. وقد أجرى الفريق ارصاده على مناطق من السماء يتباين اتساعها مابين درجة إلى خمس درجات (يبلغ عرض القمر كما يبدو لنا من الأرض نصف درجة) مستفيدين من صفاء الأجواء في القطب الجنوبي وجفاف واستقرار الهواء مما يمنح رؤية واضحة. فبحسب كوفاك فجودة الرصد من القطب الجنوبي هي أقرب ما يمكن الحصول عليه لجودة الرصد من الفضاء دون أن نضطر لمغادرة كوكب الأرض.
وقد دهش الفريق لأن شدة اشارة استقطاب B-mode كانت اكبر بكثير مما توقعه العديد من العلماء وقد حلل الفريق البيانات لأكثر من ثلاث سنوات في سبيل استبعاد أي خطأ محتمل. وقد أخذو أيضا بعين الاعتبار أن يكون الغبار في مجرتنا قد سبب اشكال الاستقطاب التي تم رصدها ولكن البيانات تظهر أن ذلك مستبعد كثيراً. ويقول عضو الفريق كليم برايك "لقد كان ذلك أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش ولكنك عوضاً عن ذلك وجدت وتداً معدنياً". لقد كانت الاشارة قوية لدرجة أنها منحت الفريق فائضاً من البيانات مما جعلهم متأكدين من أن النتائج ليست خطأ احصائياً بل تجاوزت عتبة الاكتشاف المثبت ( أو 5 سيغما بلغة تقنية أكثر).
يقول الفيزيائي النظري آفي لويب في تعليقه على الاكتشاف " يقدم هذا العمل منظوراً جديداً لبعض أسئلتنا الأساسية: لماذا نحن موجودون؟ وكيف بدأ الكون؟ هذه النتائج ليست فقط دليلا حاسما على التضخم الكوني ولكنها أيضا تخبرنا أين بدأ التضخم وكم كانت شدته".
خلال أقل من عامين عاصرنا اكتشاف بوزون هيغز من جهة وتأكيداً مباشراً على وجود التضخم الكوني من جهة أخرى. سواء أدركنا ذلك أم لا فنحن نعيش على عتبة عصر جديد من فهمنا لهذا الكون الشاسع.
المصادر:
هنا
هنا
حقوق الصورة: AP Photo/BICEP2 Collaboration - Dana Hrubes
نتائج الرصد التي نشرها فريق BICEP2: هنا