يأتي ذكر السبانخ فتبدأ ذكريات الطفولة بالتسارع، ونعود أطفالًا مشدوهين بصديقنا البحّار باباي وعضلاته المفتولة التي تزداد ضخامتها أضعافًا فور تناوله السبانخ..!

ومن الناحية الأخرى، لدينا الملوخية، التي تتصدر قائمة أطباقنا الشعبية متمتعةً بمحبة كبيرة أكسبتها لقب "الأكلة الملوكية"، ولم لا، وهي وجبةٌ شهية ومفيدة؟ يمكنكم قراءة مقالنا السابق عن الملوخية هنا.

لكن، هل فكرتم يومًا أن إضافة الليمون إلى هاتين الوجبتين تمنحهما أكثرَ من مجرد طعمٍ حامضي إضافي؟ بل قد تكون شرطًا غذائيًا ضروريًا أيضًا، فلماذا؟؟ تابعوا هذا المقال..


Image: i.pinimg.com

تتشارك السبانخ والملوخية عدة أوجه للتشابه، فكلاهما من الخضار الورقية الداكنة الغنية بالمواد الغذائية، وتعدُّ طرائق تحضيرهما متقاربةً نوعًا ما. ويحتوي كوبٌ من السبانخ المطبوخة على 6.43 ملغ من الحديد؛ أي قرابة 3.6 ملغ حديد في 100 غرام من السبانخ المطبوخة، وتعادل تلك الكمية 20% من المدخول اليومي المنصوح به RDI من الحديد، أما نسبة الحديد في الملوخية فهي 0.36 ملغ حديد/100 غرام، وذهب البعض إلى أنها قد تصل إلى 3 ملغ حديد/100 غرام.

ويوجد الحديد في كلٍّ من السبانخ والملوخية بشكله اللاهيمي؛ وهو الشكل الأقل امتصاصًا مقارنةً بالحديد الهيمي الموجود في اللحوم وغيرها من المصادر الحيوانية، ويمكنكم معرفة مزيدٍ من المعلومات عن أنواع الحديد ومصادره بقراءة مقالنا السابق هنا.

يبدأ امتصاص الحديد من الأطعمة الغنية به في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، لكنَّ بعض الأطعمة والمشروبات قد تعرقل امتصاصه بعض الشيء؛ ومنها القهوة والشاي والأطعمة الغنية بالكالسيوم، لذا ينصح بتجنب استهلاك هذه الأطعمة والمشروبات مع الوجبات التي تحوي أطعمةً غنيةً بالحديد.

بالمقابل، تساعد بعض الأغذية على امتصاص الجسم للحديد؛ ومنها الأغذية الغنية بالفيتامين C (أو ما يسمى أيضًا بحمض الأسكوربيك Ascorbic acid ويُشار إليه اختصارًا بـ AA)، إذ تبين أن هذا الفيتامين يعزز امتصاص الحديد عبر التقاط الحديد اللاهيمي وتخزينه في شكلٍ يسهُل امتصاصه من قبل الجسم، وتشمل الأطعمة الغنية بالفيتامين C كلًّا من الحمضيات والخضار الورقية الداكنة والفليفلة والبطيخ والفريز، ويذكر أن إحدى الدراسات بيَّنت أن تناول 100 ملغ من الفيتامين C مع الوجبة يسمح بزيادة امتصاص الحديد بنسبة 67٪.

ويظهر دور الفيتامين C المعزِّز لامتصاص الحديد واضحًا في الوجبات التي تحتوي على مثبطاتِ امتصاص الحديد، ويعدُّ مفيدًا عند استخدامه مع وجبات الطعام التي تحتوي على مستويات منخفضة إلى متوسطة من تلك المثبطات، في حين وُجد أن إضافته إلى الوجبات المرتفعة المحتوى من المثبطات قد تكون غير عملية.

كذلك أُجريت دراسةٌ لتحرِّي تأثير درجة الحموضة pH في امتصاص الجسم للحديد، وذلك عن طريق اختبار تأثير تسعة أحماض عضوية في امتصاص شوارد الحديد الثنائي التكافؤ ferrous  Fe (II) والثلاثي التكافؤ ferric  Fe (III) في خلايا النسيج الطلائي Caco-2، ووُجد أن التأثير كان متعلقًا بالجرعة، وترافقت الزيادة العظمى في الامتصاصية بوجود حمض الطرطريك، وبلغت 43 ضعفًا، كذلك ساعدت أحماض الطرطريك والماليك والسكسينيك والفوماريك على امتصاص الحديد الثنائي والثلاثي التكافؤ، في حين منع حمضَا الستريك والأكساليك امتصاص الحديد الثنائي وحسَّنا امتصاص الحديد الثلاثي، وزاد حمضَا البروبيونيك والخليك امتصاص الحديد الثنائي دون أن يكون لهما تأثيرٌ في امتصاص الحديد الثلاثي التكافؤ. من جهةٍ أخرى، أظهرت النتائج وجودَ ارتباطٍ بين نمط الامتصاص والبنية الكيميائية، وارتبطت مجموعات الهيدروكسيل والكربوكسيل بتأثيرٍ إيجابي في الامتصاص.

وتعدُّ هذه النتائج مهمةً لتوضيح العوامل التي تؤثر في التوافر البيولوجي للحديد في الأمعاء الدقيقة، فضلًا عن أهميتها في تطوير الأطعمة ذات التوافر البيولوجي المحسَّن.

وبالعودة إلى سؤال مقالنا الأساسي؛ لماذا عليك أن تضيف عصير الليمون إلى السبانخ والملوخية؟

إضافةً إلى طعمه الحامض اللذيذ والمنعش الذي يلائم وجبتَي السبانخ والملوخية على نحو كبير، تحتوي الليمونة الواحدة على 83 ملغ أو أكثر من الفيتامين C إضافةً إلى أحماضٍ عضوية أخرى أهمها حمض الماليك وحمض السيتريك.

وعلى نحوٍ مشابه لما ذُكر سابقًا، يسمح شرب عصير الليمون أو تناول الأطعمة الغنية بالفيتامين C بزيادة امتصاص الحديد اللاهيمي من الوجبات الغنية به؛ كالسبانخ والملوخية، الأمر الذي يجعل استخدامه وسيلةً ناجحةً في النظم الغذائية النباتية، إذ يمكن لمتَّبعي هذه الأنظمة تحسينُ امتصاص الحديد عن طريق تضمين الخضار المحتوية على الفيتامين C في وجبات طعامهم.

المصادر:

هنا
هنا
هنا;
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا